لا تزال أزمة الدواء في مصر تشهد تفاقم مستمر في ظل نقص الأدوية وارتفاع أسعارها، لدخولها في السوق السوداء، إذ كشف نقيب الصيادلة الدكتور محي عبيد، عن فشل سياسة حكومة شريف إسماعيل في استغلال صناعة الدواء، ما أدى إلى تفوق الاحتلال الإسرائيلي عليها، علي الرغم أن “تل أبيب” لديها 7 مصانع للدواء فقط، ورغم ذلك تصدر بـ 7.6 مليار دولار، موضحًا أن الاحتلال يوجه صادراته من الدواء لأفريقيا خاصة إثيوبيا والصومال، لافتًا إلى أن الدواء المصري غير مقبول في أفريقيا”.
وقال نقيب الصيادلة، إن :”كل شيء في صناعة الدواء يتم استيرادها من الخارج، موضحًا أن الدولة لديها 150 مصنعًا يُصدر بـ 200 مليون دولار فقط فى حين أن الأردن لديها 17 مصنعا وتصدر دواء بـ 650 مليون دولار”.
ويؤكد الخبراء أن الأزمة الاقتصادية التي تورط فيها النظام، من تعويم الجنيه وقرض صندوق النقد وارتفاع الضرائب واشتعال سعر الدولار، أهم أسباب تفاقم أزمة الدواء، مؤكدين أن استمرار الوضع الاقتصادي الراهن ينذر بكارثة محققة في القطاع الدوائي بدأت بوادرها تظهر الآن.
مصانع مهددة بالإغلاق
وقال رئيس غرفة صناعة الدواء بالغرفة التجارية: إن “هناك أكثر من 40 مصنعا تم الترخيص لها في العام الماضي مهددة بالإغلاق فضلا عن 60 مصنعا تحت الإنشاء تعانى من التعثر الشديد بسبب ارتفاع سعر الدولار، واشتراط الشركات العالمية التي يتم منها استيراد المواد الخام الدفع النقدي مقدمًا، فضلاً عن توقف العديد من الاستثمارات بسبب سوء الأوضاع الأمنية والاقتصادية.
وفى ظل هذا النقص الشديد انتعشت السوق السوداء للدواء؛ حيث تحتكر بعض الشركات بعض الأدوية الناقصة وبعد تعطيشها للسوق الدوائية لهذه الأدوية الناقصة تقوم ببيعها بأضعاف سعرها الحقيقي، وهو ما تمارسه الآن بعض الشركات في ظل غياب الرقابة وانشغال حكومة اسماعيل بالملف السياسي وقمع التظاهرات المعارضىة للناظم.
وكانت أسعار الأدوية قد شهدت زيادة بنسبة 20% في الربع الأول من العام الحالي.
وقال الدكتور أحمد العزبي رئيس غرفة صناعة الأدوية في اتحاد الصناعات، في تصريحات خاصة، أن هناك مفاوضات مع وزارة الصحة والمسؤولين حول زيادة أسعار الدواء، لكنها لم تنته بعد.
وأضاف أنه وفقًا للقرار 946 الخاص بتسعير الدواء، فإنه ينص على زيادة أسعار الدواء في حالة زيادة سعر الصرف لأكثر من 15%، وبعد تحرير سعر العملة ارتفع الدولار لأكثر من 18 جنيهًا، والدواء مسعر جبريًا وبالتالي لا بد من زيادة سعره لتتمكن المصانع من الإنتاج والاستمرار في العمل.
وأشار إلى أن المصانع ملتزمة بالإنتاج حتى انتهاء المادة الخام، لكنه حذر في الوقت نفسه من صعوبة توفير الدواء خلال الفترة المقبلة.
تسعير عشوائي بدون مراقبة
وقال الدكتور محمد غنيم عضو شعبة الأدوية بالغرف التجارية، في تصريحات صحفية، إن زيادة أسعار الأدوية أصبحت ضرورة بعد زيادة أسعار سعر الصرف، لكن هناك أنواعاً كثيرة من الأدوية مسعرة بأرقام مبالغ فيها، وستظل تربح حتى لو وصل سعر الدولار إلى 400 جنيه وليس 18 جنيهاً.
وأوضح أن مشكلة مصر في التسعير العشوائي للأدوية، مما ينتج مكاسب خرافية لبعض الشركات وظلمًا لشركات أخرى، لافتًا إلى أن دواء البلافكس مثلاً الذي يباع بسعر 205 جنيهات ويستخدم لعلاج الجلطات ويتم بيعه بهذا السعر منذ أكثر من 15 عامًا، لا يساوي في كلفة إنتاجه أكثر من 6 أو 7 جنيهات، ورغم ذلك يباع بهذا السعر المرتفع، وهذا الدواء على سبيل المثال لن يخسر حتى إذا وصل سعر الدولار إلى 500 جنيه.
وكشف غنيم عن أن أكثر من 25% من الأدوية الموجودة في مصر يجب أن تنخفض أسعارها، ونحو 60% من الأدوية تستطيع الاستمرار بالأسعار المعمول بها حاليًا من دون زيادة، ونحو 15% من الأدوية فقط تحتاج زيادة عاجلة في السعر.
وأشار إلى أن هناك خلافًا بين مصانع الأدوية حول الزيادات المقترحة للأدوية، حيث يصر البعض على أن تكون نسبة الزيادة لكل الأدوية كما حدث في الزيادة الماضية، فيما يرى آخرون أن الزيادة يجب أن تطاول بعض الأصناف الخاسرة بحيث تحصل على نسبة أكبر من الأدوية الأخرى مع زيادة أسعار باقي المنتجات بنسبة مائوية أقل.
وأوضح أن شركات القطاع العام، على سبيل المثال، هي الأكثر مبيعاً في عدد الوحدات، لكنها الأقل في قيمة المبيعات الإجمالية، حيث إن معظم أدويتها رخيصة جداً مقارنة بأدوية الشركات الأجنبية والقطاع الخاص، إذ تباع أدوية القلب بأسعار 15 و20 جنيهاً فيما يصل سعر دواء مثيل لشركة غير حكومية إلى 1800 جنيه.
ولفت إلى أن الشركات متعددة الجنسيات مثلاً تستحوذ على 60% من مبيعات السوق بحساب الأرباح، لكنها تبيع نحو 20% من المنتجات.
تهريب ممنهج
وقال الدكتور أحمد فاروق، أمين عام نقابة الصيادلة، إن عمليات تهريب الدواء الممنهجة تهدر الاقتصاد القومي فالأدوية المهربة تشترى بالعملة الصعبة وغير معلومة المصدر وهو ما يعد أمرًا كارثيًا يضرب الدورة الاقتصادية في مقتل ويضر بسمعة الدواء في الداخل والخارج. وما يثير الدهشة أن من قام بالتهريب من المفترض أنه مسؤول عن حماية الدواء.
وأكد في مؤتمر صحفي، الأسبوع الماضي، أن المواطن يتعرض لحملة شرسة من قبل أشخاص يسعون إلى تضخيم أرباحهم وتوسيع شركاتهم لذا تسعى نقابة الصيادلة كمؤسسة وطنية هدفها هو الحفاظ على أمن المواطن المصري والاقتصاد القومي إلى حماية الصيدلي والمريض من خلال التعاون مع جهاز حماية المستهلك وإدارة التفتيش الصيدلي في ضبط الأدوية المهربة وغير المسجلة بوزارة الصحة. وذلك، بعد أن أصبحت سلاسل الصيدليات الكبرى أوكاراً لبيع الأدوية المهربة والمغشوشة.
بروتوكول بين الجيش والصحة
وبالتزامن مع إعلان اللواء محمد العصار وزير الإنتاج الحربي مؤخرًا،عن توقيع بروتوكول تعاون مع وزارة الصحة؛ لإنشاء مصنع لأدوية الأورام، كشفت نقابة الصيادلة، إن عددا غير قليل من أدوية الأورام والجلطات قد اختفت من الاسواق خلال الفترة الماضية، بدون أي مبرر.