تحتفل حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الفلسطينية، غدًا بمرور 29 عامًا على تأسيسها، في ظل ظروف يصفها مراقبون بأنها “معقدة” داخليًا وخارجيًا.
وتأسست “حماس” في 14 ديسمبر 1987 على يد مجموعة من قادة جماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، كان أبرزهم الشيخ أحمد ياسين.
وانتشر نفوذ الحركة بشكل كبير، بعد انخراطها القوي في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة.
وتدير حركة حماس في قطاع غزة، منظومة واسعة من المؤسسات الأهلية، والإغاثية، وهو ما مكنها من التغلغل في الشارع الفلسطيني، حسب بعض المراقبين.
ورغم انتشار الحركة في الضفة الغربية، وبعض التجمعات الفلسطينية، في بعض الدول العربية، إلا أن ثقلها الرئيسي يكمن في قطاع غزة، الذي سيطرت عليه في صيف عام 2007.
ويرأس حماس حاليا، خالد مشعل المقيم في العاصمة القطرية الدوحة، فيما يقيم نائبه، إسماعيل هنية، في قطاع غزة.
ويرى عدنان أبو عامر، الكاتب السياسي، وعميد كلية الآداب بجامعة الأمّة (خاصة) بغزة، أن إنجاز المصالحة مع حركة فتح (خصمها السياسي) وإنهاء الانقسام الداخلي يعتبر من أبرز التحديات الداخلية التي تواجه الحركة.
ويصف أبو عامر في حديثه لوكالة الأناضول الفشل في تحقيق المصالحة بـ”الجرح النازف”، الذي أبقى غزة منعزلة.
وتابع:” المصالحة ستحقق لحماس دورا تاريخيا وسياسيا، وستفتح لها الآفاق خارجيا”.
ويسود الانقسام السياسي والجغرافي أراضي السلطة الفلسطينية، منذ منتصف يونيو 2007، في أعقاب سيطرة “حماس” على قطاع غزة.
ولم تُكلّل جهود إنهاء الانقسام، بالنجاح طوال السنوات الماضية، رغم تعدّد جولات المصالحة بين الحركتين.
وعلى الصعيد الخارجي يرى أبو عامر أن حماس تواجه تحديا يتمثل في ترميم علاقتها مع دول الإقليم، خاصة بعد “ثورات الربيع العربي”.
وتابع:” تبدو الحركة بحاجة ماسة إلى انفتاح أكثر وأكثر في علاقاتها الخارجية، والاقتراب من كل الأطراف عبر تقديم نفسها على أنها حركة فلسطينية بعيدا عن البعد التنظيمي والحزبي”.
ولفت إلى أن الوضع السياسي الراهن في المنطقة يتطلب من الحركة، أن تقترب من كافة الدول خاصة “إيران” و”مصر” لحاجتها للدعم المالي والسياسي.
وكانت العلاقة بين حماس ومصر، قد شهدت توترا ملحوظا منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي عام 2013.
أما على صعيد علاقتها مع إيران، فقد أقامت حماس على مدار سنوات عديدة، علاقات قوية ومتينة مع النظام الإيراني، ولكن اندلاع الثورة السورية، عام 2011، ورفض حماس تأييد نظام بشار الأسد، وتّر العلاقات بينهما.
ويرى إبراهيم المدهون، رئيس مركز أبحاث المستقبل (غير حكومي)، أن من أبرز التحديات التي تواجه حركة حماس، يتمثل في حصولها على “الاعتراف الدولي”.
ويضيف المدهون لوكالة الأناضول:” في ظل ما يجري في الإقليم، تبدو حماس بحاجة ماسة للاعتراف الدولي، والمحافظة على علاقة جيدة مع كافة المحاور والأطراف.
وتابع:” حماس أمام التغيرات الجارية في المنطقة، تسير على خط ادق من الشعرة، ولكي تحاول أن ألا تنزلق عليها ضبط علاقاتها مع الجميع بصورة متوازنة خاصة المجتمع الدولي، وأن تسعى لإثبات أنها حركة تحرر وطنية”.
ويشكل الدعم المالي، تحديا للحركة بحسب المدهون، الذي قال إن الحركة مطالبة بحشد الدعم السياسي والمالي معا.
وتابع:” حماس أمام خيارات صعبة فيما يتعلق بالدعم المالي، خاصة وأن كثير من المال الذي كانت توفره بعض الدول الداعمة لحركات المقاومة، أو الجمعيات بات يذهب إلى جهات أخرى”.
ولا تكشف حركة حماس عن مصادر تمويلها غير أن مصادر مطلّعة في الحركة تؤكد أنه يأتي أولا من المصاريف الثابتة التي يدفعها عناصرها، بالإضافة إلى ما يتم جمعه كتبرعات من أنصارها في مختلف أنحاء العالم.
وتتحدث بعض المصادر عن تقديم بعض الدول، دعما ماليا للحركة، وهو ما دأبت حماس على نفيه.
وفقدت حركة حماس موردا ماليا مهما عقب إغلاق وهدم السلطات المصرية، الأنفاق المنتشرة على طول الحدود الفلسطينية المصرية، إذ كانت تقوم بفرض وتحصيل الضرائب على الوقود ومواد البناء، ومستلزمات أخرى.
ويقول هاني المصري، مدير مركز مسارات لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية في مدينة رام الله بالضفة الغربية (غير حكومي) إن التحدي الأبرز داخليا لدى الحركة يتمثل في قدرتها على تقديم نفسها كحركة وطنية شاملة.
ويضيف المصري في حديثه لوكالة الأناضول:” انسلاخ حركة حماس من الفكر الحزبي، وامتداداتها الفكرية المرتبطة بالإخوان المسلمين، والبدء بمرحلة مراجعة شاملة مستندة لما تملكه من وزن سياسي يبدو تحديا كبيرا أمام الحركة”.
وأكد المصري، أن حركة حماس استطاعت أن يكون لها وزنا فاعلا على الساحة الداخلية والخارجية.
واستدرك بالقول:” اليوم هي قادرة على أن تمزج بين ما قدمته على صعيد المقامة طيلة الأعوام الماضية وبين السياسة”.
وتعرض قطاع غزة إلى “3” حروب شنتها إسرائيل ما بين أعوام (2008، 2014).
ويلفت المصري، إلى أن حركة حماس استطاعت أن تكون لاعبا قويا ومؤثرا على الساحة الداخلية، والخارجية، وهو الأمر الذي يجب أن يدفعها وفق تأكيده لقراءة المتغيرات الراهنة.
وحملت حركة حماس السلاح، عام 1987، من خلال تأسيس جهاز عسكري أسمته “المجاهدون الفلسطينيون” عام 1987، ثم أسست جناحها المسلح الحالي (كتائب عز الدين القسام) عام 1992.
ووفق نشرة سابقة أصدرتها “القسام”، فإن عدد عناصرها في قطاع غزة، تجاوز العشرة آلاف مقاتل، يكونون “جيشا حقيقيا تحت تشكيلات عسكرية، تبدأ من الفرد والمجموعة، مرورا بالفصيل والسرية، وانتهاءً بالكتيبة واللواء”.
وتعتمد كتائب القسام أسلوب “حرب العصابات”، في مواجهة الجيش الإسرائيلي الذي يصنف كأحد أقوى جيوش المنطقة.
وسياسيا تمكنت حركة حماس عام 2006 من الفوز بغالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، لكن “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، رفضوا الاعتراف بنتائج الانتخابات.
كما رفضت حركة فتح (الخصم السياسي لحماس) وبقية الفصائل المشاركة في الحكومة التي شكلتها حركة حماس، برئاسة إسماعيل هنية، بدعوى “عدم الاتفاق على البرنامج السياسي”.
وتقول حماس إن حركة فتح، عملت على الإطاحة بحكومتها، بتعمد إحداث قلاقل داخلية، وأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سحب الكثير من صلاحياتها، وهو ما تنفيه حركة فتح.
وشهدت تلك الفترة اشتباكات بين عناصر الحركتين، انتهت بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالقوة المسلحة عام 2007.
وتحاول حركة حماس أن تنسج علاقات جيدة مع الدول العربية والإسلامية، وترتبط بعلاقات قوية مع قطر وتركيا.