“الفانلة المقطوعة” مظهر كان مألوف لدى رسامي الكاريكاتير ليبرزوا فيه حال الموظفين قبل ثورة يناير، والذين تنعموا بامتيازات وأجور مرتفعه بعد ثورة يناير، لكن بعد 5 سنوات من “الجنة الميري” قد يعود هذا الشكل المألوف ليرسم به حال الموظف، بسبب عوامل عدة تتلخص في راتب متدني ورفع قيمة اشتراك النقل بسيارات الشركة وتقليص كمية العلاج وتخفيض ميزانية الخدمات، هكذا باتت حياة الموظف المصري المهدد بالفصل ضمن الـ 250 ألف موظف المقرر التخلص منهم بالاعتماد على قانون الخدمة المدنية.
وكشف تقرير أعدته غادة رجائي، الباحثة بمركز الأرض لحقوق الإنسان، عن أحوال عمال الغزل والنسيج والملابس الجاهزة بالمحلة، أن أجور العمال مقارنة بتلك الصناعة عالميًّا هي الأدنى على مستوى العالم، حتى أن أجر العامل منخفض عن مثيله في باكستان والهند وتركيا وتونس حتى في إسرائيل.
تدني خدمة المواصلات
وأضاف التقرير أن إنفاق شركات قطاع الأعمال العام على الخدمات وفي قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة انخفض، ورغم أن الخدمات المتمثلة في الوجبة الصحية والعلاج والسكن والمواصلات تشكل جزءًا أساسيًّا مكملًا للأجر، إلَّا أن الواقع يؤكد توجه شركات قطاع الأعمال العام إلى الانتقاص من تلك الخدمات، ففيما يتعلق بالمواصلات عمدت الكثير من الشركات إلى تخفيض عدد العربات التي تقل العمال من وإلى أعمالهم، أو رفع قيمة اشتراك الركوب بسيارات الشركة بنسبة كبيرة ومتزايدة.
علاج سيئ
وتابع التقرير: أما بالنسبة للخدمات العلاجية، فالمسألة أكثر سوءًا، حيث يمثل العلاج المجال الأكثر خطرًا والأوسع انتشارًا للاعتداء على الحقوق تحت مسمى ترشيد الإنفاق، فقد أصبحت القاعدة في مسألة الخدمات الصحية أنه يتم تقييد تذاكر العلاج التي تصرف للعمال بحد أقصى لا تتجاوزه قيمة الدواء مهما بلغ أمر المرض، فضلًا عن تقييد التحويل للمستشفيات حتى يضطر بعض العمال إلى الذهاب للشركة أولًا للحصول على إذن التحويل للمستشفى؛ لأنها لا تقر بالحالة إذا كان العامل قد دخل المستشفى مباشرة دون إذن الشركة، ويصل الأمر فى جميع شركات قطاع الأعمال العام إلى تحديد عدد العمال المسموح بترددهم على العيادات يوميًّ،ا فلا تشمل الخدمة ما يزيد عليهم.
تقليص عدد المحولين للمستشفى
وأوضحت الباحثة أنه في شركة غزل المحلة لا يتم تحويل العامل إلى المستشفى إلَّا بعد مرور شهر على تحويله السابق، ويتم تقليص عدد المحولين في اليوم الواحد بشكل مستمر، ولا يصرف أكثر من ثلاثة أنواع من الدواء لكل مريض، وكثيرًا ما يتم صرف البديل، ولا يتم التحويل إلى إخصائي إلَّا بعد أن تكون حالة المريض قد تدهورت تمامًا، حتى إذا أوصى الأخصائي بعلاج تتجاوز تكلفته الحد المسموح بها، يتم تخفيض العلاج من قِبَل طبيب الشركة.
غياب تعويضات إصابة العمل
وبالنسبة لإصابات العمل التى يتعرض لها العمال فإن إدارة الشركة تتردد فى تدوينها؛ خوفًا من التعويض، وفيما يتعلق بالسكن نجد أن الكثير من المساكن التابعة لشركات الغزل والنسيج بقطاع الأعمال العام مهددة بالانهيار، فقد توقفت الإدارات منذ سنوات عديدة عن القيام بأي أعمال صيانة لها وعلى سبيل المثال أرسلت شركة مصر للغزل والنسيج بإنذارات بالإخلاء لأصحاب الشقق من العمال، حتى تخلى مسؤوليتها باعتبارها المالك الأصلي كما هو الحال بمنطقة المستعمرة بالمحلة.
تصيد الأخطاء
وفي حديثه لـ”رصد”، قال محمد إسماعيل موظف بشركة شمال القاهرة، أن هناك جزاءات تفرض علينا وتم تقليص المكافات واقتصرت حاليا على كبار المهندسين والمديرين، ونحن نتعرض يوميا لعملية تصيد الأخطاء لتوقيع الخصومات التي من شأنها خفض الرواتب.
التعنت في الإجازات
وأشار إلى أن هناك عملية تعنت واضحة في الإجازات أو تعديل نظام الورادي، وقد يصل الأمر فى ذلك الشأن إلى توقيع الجزاءات الجماعية على عمال قسم أو عنبر بأكمله بالحرمان من الحافز.
وأضاف أن تصيد الشركة الأخطاء للعمل والتضييق عليهم وصل وقد وصل إلى الامتناع عن احتساب الإجازات العارضة، والتعنت في تحديد مواعيد الإجازة، على خلاف رغبة العامل دون مبرر من ضرورات العمل.
المعاش المبكر
ويقول أحمد عادل موظف بشركة الشرقية للدخان لـ”رصد” أن إدارة الشركة بدأت تتخذ إجراءات لإجبار العمال على اللجوء للمعاش المبكر، فضلًا عن حرمان مئات العمال من الحوافز الشهرية، مما شجع الكثير على اللجوء للمعاش المبكر، وأدت تلك الإجراءات إلى تقليص عدد العمال بشركات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة التابعة لقطاع الأعمال، والتخلص من نحو 100 ألف من العمال.