أطلق ناشطون مصريون حملة تهدف إلى التعريف بآلاف المعتقلين السياسيين والمختفين قسريا ممن لم يسلط الضوء على قصصهم من قبل الإعلام والحقوقيين، من خلال تبني كل ناشط لأحد المعتقلين والتزامه بالحديث عنه ومتابعة أخباره ونشرها.
الحملة التي جرى تدشينها منذ يومين تحت اسم “توأمة المعتقلين” لقييت تفاعلا واسعا بمواقع التواصل الاجتماعي، فحل وسم #توأمة_المعتقلين في مراتب متقدمة بموقع فيسبوك، وسارع العشرات إلى المشاركة فيها وتبني معتقلين للتعريف بهم.
طبيعة الحملة
وقال مطلقو الحملة في تعريفهم لها “كل واحد يختار معتقلا أو مختفيا قسريا أو محكوما عليه ويركز جهده عليه فقط، يُذكر الناس به ويحمل قضيته”، مشيرين إلى صفحات تتضمن أسماء معتقلين يمكن اختيارهم، وخاتمين تعريفهم بضرورة عدم تركهم للنسيان.
وقال محمد مختار( اسم مستعار) أحد مؤسسي الحملة، نسعى من خلال “توأمة المعتقلين” إلى الاستمرارية في تقديم الدعم المعنوي والحقوقي، قدر المستطاع، وننتظر أن تلقى الحملة مزيدا من التفاعل وهو أقل شيء يمكننا تقديمه لآلاف المعتقلين المنسيين داخل سجون العسكر في مصر.
آلاف المجهولين
وصرح أحد المعتقلين وهو أبو خالد (كنية مستعارة) ويقبع منذ عامين في أحد سجون طرة لإحدى المحطات التلفزيونية أن هناك آلاف المعتقلين السياسيين في السجون المصرية لا يعرفهم أحد سوى ذويهم وأقربائهم، وآخرين يطالهم النسيان بعد أشهر أو أيام من اعتقالهم، والجميع في النهاية يتملكه إحساس قاتل بأنه بات رقما ولم يعد يحظى بالاهتمام.
ويؤكد أبو خالد أن أخبار هذه الحملة تصل إلى المعتقلين بالسجون من خلال وسائل مختلفة، ومن يسعده قدره بورود اسمه ضمن من تم اختيارهم في الحملة يشعر بسعادة بالغة ويلقى التهاني والتبريكات من زملائه المعتقلين، مطالبا الراغبين في المشاركة بتحري اختيار المجهولين وغير المشهورين.
ويقول السياسي المصري أحمد رامي، وهو أحد الداعين للحملة، إن الفكرة الرئيسية للمبادرة هي ألا يتحول من ألقي القبض عليهم وهم يسعون لحرية الوطن وللعدالة الاجتماعية إلى مجرد أرقام تزيد وتنقص.
وأضاف “رامي” في حديثه مع “رصد”: “الهدف إلقاء الضوء على غير المعروفين من المعتقلين، لأن وسائل الإعلام التقليدية عادة ما تهتم بالمعتقلين ذوي الحيثية”.
وشدد “رامي” على أنه ليس من المروءة أن تتحمل أسر المعتقلين همّ أبنائها بمفردها، فهذا يتعارض مع المنطلق الوطني والإنساني، وهو يأمل في أن يجد كل معتقل شخصا واحد على الأقل يحمل همه ولا يكون من أهله.
التخطيط للتوسع
وقال أحد المهتمين بالحملة وابن عم لأحد المعتقلين، في تصريحات خاصة مع “رصد”: “أرى أن يسعى القائمون على الحملة لتوسعة النشاط في حال نجاحها بحيث يتم تقديم المساعدة لأهالي المعتقلين فيما يخص الزيارات أو الاستشارات، والتنويه لمواعيد الجلسات الخاصة بهم والنشر الإلكتروني فيما يخص أحوالهم داخل السجون”.
اهتمام دولي
ويحرص القائمون على الحملة على التدقيق في اعتماد الحالات المشاركة لضمان مصداقية حملتهم واستمرارها، وقد لقيت الحملة مشاركة معتقلين سابقين ورموز سياسية وفكرية وإعلاميين وناشطين.
بدوره، يؤكد مدير المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان علاء عبد المنصف أن المنظمة تدعم أي دور لمنظمات المجتمع المدني ومثل هذه الحملات التي تعمل على إيصال صوت المظلومين في أي مكان.
وقال “عبدالمنصف”، في تصريحات تلفزيونية له: “مثل هذه الحملات ربما تتفوق على حملات منظمة من قبل مؤسسات المجتمع المدني، فتأثيرها قوي كونها نابعة من أهالي وأصدقاء المعتقلين والمظلومين، ممن يحملون مشاعر مُحترقة من نار الظلم والقهر”.
وأضاف: “لعل نموذج تفاعل الأهالي في أميركا اللاتينية للدفاع عن أبنائهم المُختفين قسريا كان سببا في اضطرار السلطات للإفصاح عن مكانهم، حتى وصل الأمر إلى أن جُعل يوم 30 أغسطس/آب من كل عام يوما عالميا للاختفاء القسري، وهو اليوم الذي تجمع فيه الأهالي وقتها”.
وتابع “عبدالمنصف” قائلا: “مثل هذه الحملات لها دور مهم في ارتفاع الروح المعنوية للمظلومين، وذلك باطمئنانهم أن هناك من لا يزال يدافع عن حقوقهم الضائعة”.