شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

بعد 6 سنوات على 25 يناير.. حرب استنزاف ضد الثوار

بعد 6 سنوات على 25 يناير.. حرب استنزاف ضد الثوار
مع تركيز اهتمام العالم على واشنطن، والهجوم الذي شنته الإدارة الأمريكية الجديدة على وسائل الإعلام والصحفيين بعد أن وصفهم دونالد ترامب أنهم "من بين أكثر البشر خداعاً على وجه الأرض"، وسط كل ذلك فإن القليل من العيون تتجه نحو مصر

بعد ست سنوات من ثورة 25 يناير، المجتمع المدني في مصر يواجه حملة قمع نظامية، لكنه لا يزال على تحديه. 

مع تركيز اهتمام العالم على واشنطن، والهجوم الذي شنته الإدارة الأمريكية الجديدة على وسائل الإعلام والصحفيين بعد أن وصفهم دونالد ترامب أنهم “من بين أكثر البشر خداعاً على وجه الأرض”، وسط كل ذلك فإن القليل من العيون تتجه نحو مصر، حيث “الوقائع البديلة” أصبحت واقعا لبعض الوقت، حيث يستمر التضييق على المجتمع المدني والصحافة.

من بين آخر الضحايا المعارضين لقمع النظام كان مراسل قناة الجزيرة محمود حسين، الذي اعتقل في وقت سابق من هذا الشهر بالتهمة النمطية “نشر أخبار كاذبة بهدف نشر الفوضى”، و حسام النجار كان ضحية أخرى أيضا، وهو ناشط نقابي وعضو حزب مصر القوية، الذي اقتيد من منزله إلى مكان مجهول فيما يعرف بـ “الاختفاء القسري”.

على الرغم من أن حزب مصر القوية الذي أنشأه المنشق من جماعة الإخوان المسلمين والمرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح هو في معارضة معلنة لحزبه السابق ولتدخل الجيش على حد سواء، إلا أن التقارير ذكرت أن حسين متهم بالانتماء لحزب محظور وهي التهمة التي عادة ما تكون متاحة للإخوان، فيما يعتبر النظام المصري جماعة الإخوان المسلمين الآن جماعة إرهابية، فإن النجار يتحسس الخطر من إضافته إلى “قائمة الإرهاب”، التي ينطوي عليها فرض حظر على السفر للخارج وتجميد الأصول الشخصية، كما حدث للاعب كرة القدم الأسطوري المعتزل محمد أبو تريكة، الذي يزعم النظام أنه وفر التمويل اللازم لجماعة الإخوان المسلمين.

يتهم النجار المنتمي لحزب مصر القوية أيضاً بأنه دعا للتظاهر -والذي هو حق ديمقراطي ودستوري وفقا “للمادة 73”- ومع ذلك، يتم حظر الاحتجاجات بشكل فعال من قبل قانون منع التظاهر شديدة القسوة في مصر، الذي اعتبرت المحكمة الدستورية العليا مؤخراً أجزاء منه غير قانونية.

حملة تستهدف المجتمع المدني 

النجار لم يكن حالة مفردة؛ ففي الشهر الماضي، على سبيل المثال، اعتقلت السلطات وأفرجت في وقت لاحق بكفالة على الناشطة النسوية عزة سليمان، التي كانت مثل العديد من الناشطين الآخرين ضحية لحظر السفر وتجميد الأصول.

محمد لطفى من اللجنة المصرية للحقوق والحريات، وصف القضية ضد سليمان بأنها “تصعيد تقشعر لها الأبدان ضد المجتمع المدني المستقل في مصر”. 

وتشهد مصر استمرارا وتكثيفا لحرب الاستنزاف ضد شخصيات المعارضة، والثوار والنشطاء على مستوى القاعدة وموظفي المنظمات غير الحكومية – ناهيك عن الصحفيين والإعلاميين – في محاولة لحرمان المجتمع المدني من موارده الأكثر حيوية، وقد أدى ذلك إلى مخاوف من أن المجتمع المدني قد ينبض ذات يوم بالحياة في مصر ويشكل “تهديد وجودي”.

“حالة المجتمع المدني اليوم هو أسوأ بكثير مما كان خلال الأيام الأولى من الثورة، أو حتى خلال سنوات حسني مبارك المظلمة”، هكذا يؤكد خالد فهمي، المؤرخ المصري البارز الذي لم يكن فقط مشاركا نشطا في ثورة يناير 25، 2011, لكن جهوده هدفت إلى توثيق الأمر للأجيال القادمة، فيما قالت الروائية أهداف سويف لي بتحد ذات مرة: “لا يمكن ايقاف المجتمع المدني”، واستدركت: “المجتمع المدني ضخم, وسوف يستمر بالمقاومة والتكاثر.

كان لدى “سويف” إدراك حقيقي بذلك. لقد ضحى أهلها بقدر كبير من أجل الثورة، مع أفراد عديدون داخل وخارج السجن. ابن أخيها علاء عبد الفتاح، أحد رموز الثورة، لا يزال يقبع وراء القضبان. تشير سويف إلى أن المؤسسات الإعلامية التي ترفض أن تبقى عاجزة أو أن تسكت، مثل مدى مصر و البديل، وجماعات حقوق الإنسان التي ترفض إغلاق أبوابها حتى بعد أن تم إيقافها وتجميد أصولها، مثل مركز النديم .

وقول الحقيقة للسلطة في فترات من القمع الشديد والخداع هو في حد ذاته، عملا ثوريا، كما قال جورج أورويل ذات مرة.

النظام المتداعي 

لكن لماذا تنهار الدولة بهذه الشراسة؟ أجابني “فهمي”: “المنطق العام هو سلب هذه المنظمات وإخضاع المجتمع بشكل عام لأجهزة الدولة، والسماح للجيش وشركاته بدور أكبر للعب في المجتمع والاقتصاد” وقد أدت هذه الحملة، إلى جانب صعود عبد الفتاح السيسي، إلى خيبة أمل بين الثوار، فضلا عن السكان عموما.

“قبل ذلك، كنت على استعداد للموت من أجل هذا البلد، والآن أريد فقط أن أتركه”، يقول أحد المصريين الذي شاركوا في تظاهرات 25 يناير، وإن أصداء كلماته تتردد في شعور عدد كبير من المصريين الذين شاركوا في الثورة.

هذا اليأس، إلى جانب ضعف المجتمع المدني والفوضى التي تم إنشاؤها، يعني أن مصر من غير المرجح أن تعيد التجربة، على الرغم من أنه لا يزال من الممكن في الذكرى السادسة لثورة هذا النوع من التعبئة الجماهيرية التي شهدتها في عامي 2011 و 2013. ومع ذلك، حتى من دون انتفاضة شعبية، تطفو الكتابات إلى السطح حول الوضع الراهن.

لا، ليس الاقتصاد المصري فقط في حالة يرثى لها وليست عملتها فقط في حالة انهيار، ولكن النظام يبرهن على أنه أسوأ عدو لنفسه: “ما يقوم به الجيش والمخابرات بالحصول على صدارة المشهد السياسي هو مشابه لما فعلته جماعة الإخوان المسلمين خلال وجودها في السلطة”، كما يشير “فهمي”، مضيفا: “المزيد والمزيد من الناس يرون الدولة وما آلت إليه، الفساد، انعدام الفعالية، والاستبدادية المطلقة يحدث كل هذا دون أي عمل كبير من المعارضة”؛ باختصار “فهمي” مقتنع بأن الجيش وحلفائه “يطلقون النار على أقدامهم”.

هذه الجروح الذاتية من المرجح أن تمهد الطريق إلى الفصل التالي من الثورة المصرية، على الرغم من ضعف المجتمع المدني فهو على استعداد لاستعادة السيطرة على مقاليد الأمور عندما تكسر السدود مرة أخرى.

*نشر هذا المقال على موقع الجزيرة الإنجليزية بتاريخ 25 يناير 2015, بواسطة: خالد دياب.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023