كشفت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية عن حجم الفساد الكبير في برنامج “وب أووبز” المخصص للتصدي لدعاية تنظيم الدولة في الفضاء الإلكتروني، وذلك ضمن برنامج بتكلفة 500 مليون دولار للحد من تجنيد تنظيم الدولة للشباب على شبكة الإنترنت.
وقال التقرير: “يومياً في قاعدة “ماكديل” الجوية يقوم أحد البرامج المختصة بمسح وسائل التواصل الاجتماعي بعمله للبحث عن المجندين المحتملين لتنظيم الدولة، ثم في عملية عالية الخطورة يقوم أخصائيو اللغة بتوظيف شخصيات وهمية في محاولة للتأثير علىهؤلاء المتوقع انضمامهم إلى صفوف تنظيم الدولة ،وهذه هي المبادرة التي بيعت إلى وزارة الدفاع بملايين الدولارات”.
برنامج “وب اوبز” جزء من عملية نفسية واسعة يقول البنتاجون إنها تواجه عدواً يستخدم الانترنت كأداة دعاية مدمرة، لكن تحقيق “أسوشيتد برس” وجد أن البرنامج محاط بعدم الكفاءة والمحسوبية والبيانات الخاطئة التي يقول كثير ممن هم على دارية بالبرنامج أن لديها تأثير ضعيف .
وجاء نص التقرير قائلا: “أشار العديد من الموظفين الحاليين والسابقين إلى أن العديد من أخصائي اللغة العربية المدنيين العاملين في البرنامج لديهم خبرة قليلة في الدعاية المضادة، ولا يمكنهم التحدث اللغة العربية بطلاقة ولديهم فهم قليل جدا عن الإسلام وليس لديهم نفس كفاءة القائمين على التجنيد في تنظيم الدولة الإسلامية .
ويقول أحد العاملين السابقين للوكالة إنه من الصعب التواصل مع أحد مجندي الإرهاب المحتملين إذ يمزج المترجمين مرارا وتكرارا بين كلمتي “سلَطَة” و”سُلطة” عند الحديث عن السلطة الفلسطينية، وهو ما أدى إلسخرية المستمرة على مواقع التواصل التواصل الاجتماعي عند استخدامهم مصطلح “Palestinian Salad“.
وأخبر أربعة موظفين حاليين وسابقين الوكالة أنهم شهدوا شخصيا على التلاعب بالبيانات لخلق مظهر من النجاح وانهم ناقشوا المشكلة مع العديد من الموظفين الآخرين الذين رأوا نفس الشيء. ومع ذلك، فإن الشركات المنفذة لبرنامج القيادة المركزية للجيش في “تامبا “قد تهربت من محاولات لفرض رقابة مستقلة وتقييم للبيانات.
ورفض المتحدث باسم القيادة المركزية “أندي ستيفنز” الطلبات المتكررة للحصول على معلومات حول “وب اوبز” وغيرها من برامج الدعاية المضادة، التي تم إطلاقها في ظل إدارة أوباما، ولم يرد على الأسئلة المفصلة أرسلتها الوكالة يوم 10 يناير .
قسم العمليات الإعلامية الذي يدير “وب أوبز” هو المركز المسئول للرد على الآلة الدعائية لتنظيم الدولة الإسلامية في الفضاء الإلكتروني ويستخدم التنظيم الإنترنت للتأثير على الرأي العام في رقعة شاسعة من العالم تمتد من آسيا الوسطى إلى القرن الإفريقي.
وفي وقت مبكر من العام الماضي، طرحت الحكومة مناقصة على عقد جديد للدعاية المضادة، بشكل منفصل عن “وب اوبز”- وتقدر قيمة العقد بـ 500 مليون دولار وبعد أشهر من بدء وكالة “اسوشييتد برس” تقاريرها حول عملية طرح العطاءات، وقال المتحدث باسم دائرة التحقيقات الجنائية التابع لسلاح البحرية للوكالة إنها بدأت تحقيقا في “مزاعم الفساد” تتعلق بطريقة منح العقد .
هل تتحدث العربية
في غرفة مملوءة بالمكاتب الصغيرة في القيادة المركزية الأميركية، يوجد حوالى 120 شخصا، بينهم العديد من المتخصصين في اللغة العربية، تم تعيينهم لمحاربة المتشددين على أرضهم: الإنترنت.
المشكلة، وفقا لستة موظفين حاليين وسابقين، في شركة “كوسلا” المسئولة عن توظيف متحدثي اللغة العربية، هو أنه للتعامل مع عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، أو المجندين المحتملين، تحتاج إلى أن تتحدث اللغة العربية بطلاقة والإلمام الشديد بالإسلام، بالإضافة إلى الحصول على موافقة أمنية للإطلاع عل وثائق سرية وهذه المهارات لا تتواجد في الكثيرين.
يقول أحد العاملين السابقين: “أحد الأشياء عن الجهاديين هو أنهم جيدين للغاية في اللغة العربية”، ويقول موظف آخر أن هناك أخطاء ترجمة شائعة مثل “السَلطة الفلسطينية”، كانت نتيجة لتعيين شركة التوظيف شباب صغار من ذوي القدرات اللغوية المزيفة، فيكا سخر أحد العاملين السابقين بتخيله مقابلة بين مدير شركة التوظيف وأحد الموظفين المحتملين بأنه قد يُسأل كيف تقول صباح الخير بالعربية ويتم تعيينه، ويصبح خبيراً.
وتقول إحدى الموظفات السابقات إنها بسؤالها أحد الزملاء -الذي كان يشاهد مسلسلاً تلفزيونياً على الانترنت أثناء تحليله لبعض البيانات بالعربية- عن سبب تجاهله للكثير منها، رد عليها قائلاً إنها بالفارسية أو الأوردية، وبالنظر إليها تبين لها أنها بالعربية. وبالرغم من تركيز البرنامج على سوريا والعراق واليمن إلا أن الشركة المسئولة عن التوظيف لم تعين أي من الموظفين اليمنيين أو السوريين .
ويؤكد العديد من العاملين السابقين أن تبني “خبراء” “وب أووبز” لخطاب موجه إلى طائفة أو منطقة بعينها لا يجدي نفعاً عند الدخول في حوارات دينية على وسائل التواصل الاجتماعي مع من هم على دراية جيدة بالقرآن، وهو ما لا يناسب المبتدئين .
ويشتكي العديد من العاملين السابقين من أن الذين تم تعيينهم بشكل مكثف في “ويب أوبز” يجهلون تاريخ وثقافة الشرق الأوسط، فهم -مثلاً- لا يفرقون بين حزب الله وحماس، ويؤكد العديد من العاملين السابقين على طلب مديريهم منهم تزوير البيانات الخاصة بمراقبة نشاط المتشددين بحيث ينخفض قليلاً عما سبق، دون أن ينخفض بشدة، لكي يكون هناك داع لتوظيفهم، كما طُلب من العاملين المبالغة في عدد التعاملات الذين قاموا بها مع المتشددين المحتملين واحتساب التغريدات الأوتوماتيكية التي يقوم بها البرنامج ضمن ما قاموا به”.