قال الرئيس السوداني عمر البشير إن مثلث حلايب وشلاتين سودانيّ، وإنه في حال عدم موافقة السلطات المصرية على التفاوض وتسليم المثلث للسودان فإن بلاده ستضطر للجوء إلى مجلس الأمن لحسم القضية.
وقال البشير، في مقابلة مع قناة العربية السعودية، إن أول انتخابات جرت في السودان كانت دائرةُ “حلايب وشلاتين” دائرة انتخابية سودانية، والانتخابات عملٌ سياديّ من الدرجة الأولى.
فما هي الدوافع وراء هذه التصريحات، رغم زعم السودان بقوة العلاقات مع النظام في مصر مؤخرًا؟ وهل تصب هذه التصريحات في صالح دعم العلاقات بين الطرفين؟
الأسانيد والحجج التاريخية
من جهته، قال السفير محمد الشاذلي، سفير مصر الأسبق في السودان، إن كل الأسانيد والحجج التاريخية والجغرافية تثبت أن حلايب جزءٌ أصيل من الأراضي المصرية، مشيرًا إلى أن مصر ليست في عزلة؛ لكن الرئيس السوداني عمر البشير نفسه هو من يعاني العزلة الدولية والداخلية ومطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف الشاذلي، خلال حواره ضمن برنامج “الحدث المصري” عبر شاشة “الحدث”، أن تصريحات البشير الأخيرة حول حلايب وشلاتين بأنهما أراض سوادنية هي محاولة لإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية للرضا عنه وتخفيف الضغط عليه، وهذا قصر نظر شديد منه.
وأشار الشاذلي إلى أنه من الناحية القانونية حلايب مصرية 100%؛ حيث تقع شمال الخط الحدودي الفاصل خط عرض 22، ولا يمكن لأحد أن يساوم في شبر من أرض مصرية، موضحًا أن تركيز مصر والسودان على قضية واحدة ووضع علاقات البلدين التاريخية على محك هذه القضية لا يخدم البلدين.
وأوضح أن تصريحات البشير حول حلايب وشلاتين محاولة لبث الوقيعة بين الشعبين المصري والسوداني، لافتًا إلى أن موقف السودان شديد الميوعة تجاه أزمة سد النهضة الإثيوبي، قائلًا إن لديه شكوكًا في تعامل السودان مع أزمة سد النهضة من بداية الحديث عنه.
موافقة الطرفين شرط أساسي
وتابع الشاذلي أن مصر والسودان كانا في وقت قريب دولة واحدة، وأن هناك علاقات قديمة وأبدية تربطهما، مضيفًا أن أي خلاف حدوديًا لن يعكر الصفو بين البلدين، لافتًا إلى أن السودان لا يملك اللجوء إلى قضايا التحكيم فيما يخص مثلث حلايب وشلاتين؛ لأنه يشترط موافقة الطرفين.
وفي هذا السياق، أكد المحلل الاستراتيجي عمرو ناصف أن تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير حول حلايب وشلاتين توضح أنه لا يملك مخططات استراتيجية لإدارة الدولة.
وأشار ناصف، في تصريح تلفزيوني، إلى أن البشير يريد استخدام هذا الملف ليكون ورقة ضغط على مصر، “ونحن نعلم موقفه السلبي من موضوع سد النهضة، مع أنه أول المتضررين، وهو يتعرض باستمرار لضغوط من الدول العظمى لإحداث قلاقل في دول الجوار مقابل تغاضي تلك الدول عن ملفاته الدولية”.
وأشار ناصف إلى أن حديث البشير عن مجلس الأمن ليس في صالحه؛ فـ”لدينا ورقة منذ عام 1899 إبان الاحتلال الإنجليزي لمصر بإمضاء اللورد كرومر مذكور فيها أن مصر شمال خط عرض 22، وبمجرد تقديم هذه الورقة لأي جهه دولية سينتهي الأمر”.
وأوضح ناصف أن البشير كان يأمل أن تشارك مصر بقوات من الجيش في جنوب السودان، ولكن مصر لن تفعل ذلك، وهي أكبر من ذلك، ولن يكون هناك أي تأثير لهذا الأمر، ويكفي رد من المتحدث باسم الخارجية وليس الوزير، ومن يعيشون في حلايب وشلاتين هم مصريون ويقرون بمصرية المثلث.
وعطفًا على ذلك، قال ممدوح علي عمارة، النائب عن دائرة حلايب وشلاتين، إن إجراء الانتخابات البرلمانية عن الدائرة خير دليل على خطأ تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير، مؤكدًا أن حلايب وشلاتين مصرية مائة بالمائة.
ودعا عمارة، في تصريح خاص، الحكومة المصرية إلى الاهتمام بمنطقة حلايب وشلاتين ورفع البنية التحتية بها، مشيرًا إلى أن أهل القبائل هم حائط الصد عن المصريين على الحدود الجنوبية.
انعكاسات تيران وصنافير
ويرى خبراء أن التنازل الذي أبدته السلطات المصرية في التعامل مع قضية جزيرتي تيران وصنافير وتسليمهما بأن الجزيرتين سعوديتان ضمن اتفاقية لترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية قد شجع السودان على التقاط الخيط وتجديد القضية وفتح الملف على نحو جديد يحمل المزيد من الإصرار على تسلم المثلث أو اللجوء إلى مجلس الأمن.