بمجرد أن أدلى الرئيس السوداني عمر حسن البشير بتصريح حول “مثلث حلايب وشلاتين الحدودي” وقال إنه أرض سودانية انهالت الاتهامات عليه من قبل أعضاء البرلمان؛ حيث شنّوا هجومًا لاذعًا وصل إلى اتهامه بأنه يساند الإرهابيين ويتّبع جماعة الإخوان المسلمين، ويحتاج إلى الكشف على قواه العقلية.
وقد شدد الرئيس السوداني عمر البشير على أن مثلث حلايب وشلاتين سوداني، مضيفًا أن بلاده ستلجأ إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لحسم الخلاف مع مصر حول هذه المنطقة الحدودية.
جاء ذلك في مقابلة له مع فضائية “العربية” السعودية مساء الأحد، متهمًا أيضًا المخابرات المصرية بدعم معارضين سودانيين.
ويذكر أن السيسي والبشير اتفقا في مباحثاتهما أواخر شهر يناير الماضي، على هامش قمة الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، على أن لا تشغل قضية “حلايب” البلدين عن تقوية العلاقات بينهما، بحسب وكالة الأنباء السودانية.
ولم يصْدر أي تعقيب رسمي من وزارة الخارجية أو الرئاسة على تصريحات البشير.
أسوأ رئيس سوداني
قال وكيل لجنة الشؤون الإفريقية بالمجلس، هشام مجدي، إن تصريحات الجانب السوداني غير مقبولة؛ مطالبًا بالكشف على القوى العقلية للرئيس السوداني، ومتابعًا: “بسبب تصريحاته دي، يخبط دماغه في الحيط، وده أسوأ رئيس سوداني شوفناه حتى الآن”.
يتبع سياسة الإخوان
واتهم النائب عبد الفتاح محمد الرئيس السوداني بأنه يتّبع سياسة الإخوان المسلمين الساعية إلى هدم مصر، وفق زعمه، قائلًا إن “مطالبته بسودانية حلايب وشلاتين هدفها هدم الدولة وتفتيت منطقة الشرق الأوسط”.
وادعت عضو لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس سامية رفلة أن الرئيس السوداني يساند الإخوان والإرهابيين، ويسعى إلى زعزعة استقرار البلاد.
تصريحات لا قيمة لها
كما قال وكيل لجنة التضامن بالمجلس، محمد أبو حامد، إن تصريحات البشير لا قيمة لها.
وعن لجوء البشير إلى مجلس الأمن، قال أبو حامد: “روح مكان ما تروح، لدينا ما يعزز موقفنا”، متابعًا: “ما فيش حد يقدر ياخد حبة رمل منها”.
كلام فاضي
وأضاف عضو لجنة الشؤون العربية بالمجلس اللواء أحمد شعراوي أن عمر البشير أعلن حتى الآن أن حلايب وشلاتين سودانية ما يقرب من عشر مرات “ودا مش جديد عليه، وكل ما يحصل عنده أي أزمة يفرغها في كلام فاضي، ويقول كده علشان يكسب أرضية في دولته”، وفق تعبيره.
كما أكدت النائبة شادية ثابت، أن لجوء السودان إلى التحكيم الدولي لن يفيد بشيء، متهمة البشير بأنه يهدف إلى إثارة البلبلة.
لعبة يتاجر بها مع شعبه
قالت الدكتورة آمنة نصير، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن هجوم الرئيس السوداني عمر البشير على مصر ما هو إلا لعبة يتعامل بها البشير ويتاجر بها مع شعبه منذ سنوات؛ لدعم موقفه المهتز، ولا يجب أن نعطيه أي اهتمام.
وأضافت في تصريح صحفي أن ما يفعله البشير “تجارة مع أهل السودان”، مشيرة إلى أنه لا يوجد إجماع عليه في بلاده، ويحاول الظهور على أنه الرجل العملاق الذي لا يفرط في أرضه، لافتة إلى أنها “تعد عملية تجارية سياسية مع شعبه”.
كسب تأييد شعبي زائف
وأشارت أمينة سر لجنة الشؤون الإفريقية بالبرلمان، مي محمود، إلى الاعتياد على تصريحات البشير “غير المسؤولة” عن تبعية حلايب وشلاتين إلى السودان من فترة إلى أخرى؛ في محاولة لكسب تأييد شعبي زائف؛ نتيجة تراجع شعبيته واتساع رقعة معارضته داخل السوادن.
استغلال التوتر بين القاهرة والرياض
وقال عضو لجنة الشئون الإفريقية بالبرلمان حاتم باشات إن تصريحات البشير تهدف إلى استغلال التوتر القائم بين القاهرة والرياض على خلفية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين والتغطية على التوتر الداخلي في السودان ضد حكومة الأخير، معتبرًا أن حلايب وشلاتين أراضٍ مصرية خالصة وأن السودان موقفه ضعيف في حالة اللجوء إلى الاحتكام إلى مجلس الأمن.
تغطية على مشكلات بلاده
واتهم أمين سر لجنة العلاقات الخارجية، طارق الخولي، البشير باستدعاء هذه القضية كل فترة للتغطية على مشكلات بلاده الداخلية ومحاولة خلق قضية وطنية لكسب مزيد من الشعبية، مشددًا على أن القضية محسومة، وحقوق مصر التاريخية ثابتة، ولا يمكن أن تكون “وسيلة مساومة في ظل مفاوضات سد النهضة ووجود تفاهمات أخيرة بين السودان وإثيوبيا”، على حد قوله.
وقال السفير محمد العرابي، عضو مجلس النواب وعضو لجنة العلاقات الخارجية، إن عمر البشير رئيس السودان اعتاد التطرق إلى قضية حلايب وشلاتين على مدى السنوات الماضية كورقة يلوح بها لصرف النظر عن الأزمات الداخلية التي تضرب بلاده في الداخل، مؤكدًا أن تصعيده للأزمة ليس له قيمة ولا يمكن أن يصل إلى حد النزاع؛ لأن علاقات الشعبين أقوى من أي شيء.
وأكد العرابي في تصريحات مقتضبة أن “الموضوع محسوم، ويبدو أن البشير يثير الأمر للتغطية على مشكلات داخلية لديه ويريد كسب الرأي العام بإثارة القضية، وأعتقد أن الأمر لن يصل إلى مجلس الأمن؛ لأنه غير معني بالأمر”.
تهديدات سابقة
ولم يكن هذا هو التهديد الأول، ففي أكتوبر الماضي قال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، في حوار مع صحيفة “المونيتور”، إن بلاده قد تلجأ إلى المؤسسات الدولية لحل أزمة تبعية حلايب وشلاتين مع مصر في حال تجمدت المفاوضات بشأنهما.
وفي أبريل الماضي، طالب السودان مصر بالتفاوض المباشر حول مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه بينهما، مشيرًا إلى أنه سيلجأ إلى التحكيم الدولي، وقالت الخارجية السودانية في بيان صحفي: “ظلت وزارة الخارجية تتابع الاتفاق بين مصر والسعودية لعودة جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية، وذلك قبل الاتفاق وفي أثنائه وبعده؛ إذ إن الاتفاق المبرم يعني السودان لصلته بمنطقتي حلايب وشلاتين السودانيتين ومايجاورهما من شواطئ”.
وأضاف البيان: “تؤكد الخارجية حرصها الكامل على المتابعة الدقيقة لهذا الاتفاق والذي لم تعلن تفاصيله بعد، وذلك للمحافظة على حقوق السودان كاملة غير منقوصة والتأكد من أن ما تم من اتفاق لا يمس حقوق السودان السيادية والتاريخية والقانونية في منطقتي حلايب وشلاتين وما يجاورهما من شواطئ”.
وأشارت الخارجية إلى أن “السودان، ومنذ العام 1958، قد أودع لدى مجلس الأمن الدولي مذكرة شكوى يؤكد فيها حقوقه السيادية على منطقتي حلايب وشلاتين، وظل يجددها، مؤكدًا فيها حقه السيادي”.
ودعا البيان مصر إلى الجلوس للتفاوض المباشر لحل هذه القضية؛ أسوة بما تم مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية أو اللجوء إلى التحكيم الدولي امتثالًا للقوانين والمواثيق الدولية؛ باعتباره الفيصل لمثل هذه الحالات، كما حدث في إعادة طابا إلى السيادة المصرية.
وردت مصر على البيان الصادر عن الخارجية السودانية بشأن مثلث حلايب وشلاتين، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إن حلايب وشلاتين أراض مصرية وتخضع إلى السيادة المصرية.