بعد مرور 29 عام على انطلاقة حركة المقاومة الاسلامية حماس , تستعد الحركة لفرز قيادة جديدة فى ظل انتخابات ساخنة فى جميع الساحات سواء غزة او الضفة او الساحات الاقطار الخارجية المتواجد بها ابناء الحركة، فمنذ التغيير الاخير فى لوائح الانتخابات للحركة ومن المعلوم ان رئيس المكتب السياسى للحركة الاستاذ خالد مشعل سيغادر منصبه ليسلم الراية لقائد جديد للحركة، رغم الضغوطات الكبيرة عليه قبل تعديل اللائحة وبعدها لتمديد فتراته لكى يستمر فى ظل التقلبات الاقليمية الكبيرة والمخاطر الهائلة التى تواجهها الحركة داخليا وخارجيا .
تمر حماس بحالة حراك داخلى كبير نتيجة عدم الرضا الواضح من قبل قطاع عريض من شباب الحركة وتحفزهم لمحاولة إحداث تغيير ملموس فى تركيبة قيادة الحركة حالة عدم الرضا والسخط الشديد من قبل هذا القطاع نابعة من أمرين , الامر الاول : ترهل التنظيم دعويا واداريا ووجود حالة إنكار للوضع المتردى للمسار التربوى والدعوى للحركة واستمرار عدد كبير من المسؤولين فى مناصبهم او اعادة تدوير نفس الاشخاص وانسدادا افق اى تطوير او تغيير
الامر الثانى : السخط من الاداء الحكومى والمجتمعى فى قطاع غزة , والاستياء الشديد من قبل المجتمع الغزى تجاه اداء الموظفين والمسؤولين وازدياد الازمات والسلوكيات المعينة التى باتت مشهورة وسط المجتمع , وكل هذا يعتبره شباب الحركة بقعة سوداء فى ثوب الحركة المثقلة اصلا بالمشاكل .
الانتخابات الداخلية للحركة فى قطاع غزة تتم عبر مراحل متعدده تبدأ من الشُعب والمناطق الصغرى ثم المناطق او الهيئات الادارية الكبرى ثم هيئة ادارية للقطاع ومسؤولها، بالاضافة لمسار مجالس الشورى ومجلس الشورى العام، ومن ثم تنتهى الانتخابات بافراز مكتب سياسى يمثل محافظات القطاع ( الشمال , غزة , الوسطى , خانيونس , رفح ) ثم انتخاب رئيس للمكتب السياسى فى غزة واخيرا تفرز لجنة تنفيذية مصغره عن المكتب السياسى ويتم تصعيد 4 اعضاء منها يمثلوا القطاع فى المكتب السياسى العام للحركه
والحقيقة ان الانتخابات فى حركة حماس مثل معظم التنظيمات الاسلامية يحكمها بعض السلوكيات المرتبطة بعقلية التنظيم والمركزية والتحكم الممنوحة لقيادات الهيكل الادارى مثل التربيطات واعادة التدوير والتوجيه غير المباشر والمباشر والثغرات المفتوحة لتغييراو اعادة نتيجة والتكتلات واللوبيات لانجاح او اسقاط شخصيه بعينها، وفى اغلب الاوقات التغيير يكون محدود وموجه بشكل او باخر , والجديد هذه المره فى الانتخابات ان هناك لائحة حرمت كثير من الوجوه للاستمرار فى مواقعهم التنظيمية , فاللائحة لا تسمح باستمرار اى مسؤول اكثر من دورتين فى نفس المنصب , وهذا السبب اللائحى هو الذى منع الاستاذ اسماعيل هنية من الاستمرار فى موقعه , ولو غاب هذا الشرط بالتاكيد سيكون موقع رئيس الحركه فى غزه من نصيب هنية مرة اخرى , ولكن التغيير كان اجباريا , وهذا الشرط نفسه هو السبب فيما تسوق له الحركه انه تغيير كبير فى الصف القيادى
وفيما يخص اختيار رئيس المكتب السياسى والذى وقع على القيادى / يحيى السنوار , فليس غريبا ولا مفاجئا , فالرجل من الشخصيات القوية فى المكتب السياسى المنتهى مدته , وكانت التكهنات تقول ان المنافسه محصوره بين الاستاذ / خليل الحية والقيادى / يحيى السنوار , وبالفعل جاء السنوار رئيسا والحية نائبا له .
وفيما يخص القيادى / يحيى السنوار , فهو شخصية قوية وجاده وله تاثير كبير على دائرة صنع القرار والجميع يثق فى رأيه , وبالتاكيد له نفوذ واسع فى اوساط كتائب القسام والدوائر الامنيه والاستخباراتية مما يزيده تاثيرا وقبولا عند شباب الجهاز العسكرى بالاضافه لكون اخوه محمد السنوار قائد بارز فى الجناح المسلح للحركه , وتكوين الرجل الأمنى وانتمائه العسكرى لا دخل له فى امكانية حدوث حرب سريعه ولا فى اختياره للمنصب , فهناك عوامل كثيره قد تكون سبب لنشوب الحرب غير احتياره رئيسا للحركه , وفيما يتعلق بالسياسه الخارجيه للحركه فهى تتحرك تبعا للمصلحه السياسية ومآلاتها والوضاع الاقليمية وتوازنتها وتغيير رئيس الحركه فى القطاع سيكون تاثيره ضعيف جداا سواء تجاه النظام المصرى او إيران , ومن المتاعب التى ستواجه السنوار والحركه معا , انتقال الرجل من حياه شبه عسكرية كاملة الى حياه مدنية وسياسية كاملة , هل يستطيع تخفيف اعباءه من الاحترازات الامنية والخروج الكامل للعلاقات العامه والواجهات االاعلاميه واللقاءات السياسية , وهل يستطيع السفر والتنقل فى اى جولات خارجيه ام سيكون هناك مخاوف آمنية واحترازات عالية , بالتاكيد ستكون مساله حساسه وعبىء ثقيل .
وبعد انتهاء ماراثون انتخابات الحركة هناك الكثير من الملفات تنتظر من المكتب الجديد مراجعتها واحداث تغيير نوعى
واهمها لملمة الوضع الداخلى وترميم الشروخ التى حدثت نتيجة بعض المواجهات فى الانتخابات , وتقييم الوضع الدعوى والادراى , ثم ملفات العلاقات الخارجية والاوضاع الاقليمية والاخطار التى تحيط بالقضيه والحركه من كل جهة .
ويبقى ان ننتظر نتائج انتخابات الضفه والخارج حتى يتم فرز المكتب السياسى العام , ومن الاسماء المرشحه لتولى منصب رئيس المكتب , اسماعيل هنية , موسى ابو مرزوق , محمد نصر , وبالتاكيد ستكون هذه المده صعبه على اى تشكيله تفرزها الانتخابات