منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهام منصبه طفت على السطح عديد من المشكلات والقضايا التي استدعت تحركات عاجلة من إدارته، سواء بتصريحات صحفية أو فتح تحقيقات أو القيام بزيارات دبلوماسية؛ فمن مشاكل الحد من الهجرة واللاجئين إلى الاشتباك مع إيران مرورًا بمشكلات الإدارة ذاتها، وعطفًا على “النفط العراقي”، ظهرت بوادر عهد ترامب حاملة عديدًا من التساؤلات.
إلا أن تصريح ترامب حول اتفاقية “نيو ستارت” التي وقعها باراك أوباما من قبل مع روسيا بهدف الحد من التسلح النووي في العالم، والذي صرح به لوكالة “رويترز”، يبدو أنه قد مر مرور الكرام على عديد من الأوساط.
وفي المقابلة مع رويترز هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب معاهدة “نيو ستارت” التي وقعتها إدارة سلفه باراك أوباما مع روسيا في 2010 بهدف الحد من التسلح النووي في العالم، ووصفها بأنها اتفاق سيئ آخر، وتعهد بالسعي إلى ما سماها “اتفاقيات جيدة”، وبتوسيع ترسانة بلاده النووية وجعلها الأكثر تفوقًا في العالم.
تصريحاتٌ تبدو وكأنها خلط للأوراق تزامنت مع تعمد روسيا تأكيد قدرتها النووية؛ إذ أعلنت على لسان وزير دفاعها سيرغي شويغو أن 99% من منظومات إطلاق قواتها الاستراتيجية في حالة جاهزية قتالية دائمة.
استهلاك داخلي
عبر الدبلوماسي الروسي السابق فاتشيسلاف ماتوزوف عن رد فعل روسي هادئ تجاه تصريحات ترامب، ورأى أن ترامب لا يريد خرق اتفاقية “نيو ستارت” أو “ستارت 3” التي ينتهي مفعولها في عام 2021؛ وإنما فقط يصرح للاستهلاك الداخلي نتيجة الضغوط التي يتعرض إليها.
وأكد فاتشيسلاف أن الرئيس الأميركي تحت ضغط قويّ من الحزب الديمقراطي والمحافظين الجدد باتهامه بالتنازل أمام الروس، وعليه يريد ترامب إثبات أنه يخدم أميركا؛ فجاء تصريحه فقط لكي يثبت أن الأرض تحت قدميه.
ومن جانبه، قال وليام كيغن، المستشار السابق لوزير الدفاع الأميركي، إنه من غير المنطقي القول إن ترامب مقرب من روسيا.
الردع الأميركي
وفي رأي “كيغن”، لا تتعارض تصريحات الاستهلاك الداخلي مع النهج الذي سيسلكه ترامب، وهو تحقيق الردع؛ فهو يريد أن يبدو رئيسًا قويًا.
وأضاف في تصريحات تلفزيونية أنه لا يمكن رؤية أميركا تتخلى عن الاتفاقية؛ بل هي ستسعى إلى تحديث ترسانتها وتغيير أنظمة الصواريخ وما إلى ذلك، دون أن يكون في هذا انتهاك لـ”ستارت 3″.
وخلص إلى أن الحلول مع روسيا سياسية وينبغي التخفيف من التوتر معها، دون أن يتناقض هذا مع الردع، ومع الانتباه إلى أن دولًا خطرة تطور أسلحة نووية قد تهدد هذا الردع.
التوازن الآمن
بدوره، وصف “ماتوزوف” الاتفاقية بأنها توفر توازنًا آمنًا بعد 45 سنة من المفاوضات حول نزع السلاح النووي والصواريخ الاستراتيجية.
فالقول -يضيف ماتوزوف- إن أميركا تستطيع تدمير روسيا مئة مرة وروسيا تستطيع تدمير أميركا 50 مرة أوصل الطرفين إلى أن هذه مزايدات سياسية؛ فلا يحتاج الطرفان سوى مرة واحدة فقط لكي يدمر كلاهما الآخر.
أما التفوق الأعلى عالميًا الذي قال به ترامب فرد عليه ماتوزوف بأنه لا أحد يستفيد منه، متسائلًا: “ماذا يعني أن تكون ميزانية أميركا العسكرية سنويًا 850 مليار دولار، وهذه تساوي ميزانيات دفاع ست دول (روسيا والصين والهند وبريطانيا والسعودية واليابان)؟”.