في 19 فبراير الماضي، اعترف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال اجتماع وزراء حزب الليكود، بعقد قمة سرية مع وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري وعبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني، وقال نتنياهو أمام وزراء حزبه إنه من دعا لعقد القمة في العقبة العام الماضي.
وكشفت “هآرتس” أن كيري عرض على نتنياهو في لقاء سري مبادرة سلام إقليمية تتضمن اعترافا بدولة يهودية واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، لكن رئيس الحكومة الفلسطينية تهرب من الاقتراح.
وعلق الكثير من المسئولين في المنظومة السياسية الإسرائيلية على الكشف عن القمة السرية، ووجه زعيم المعارضة “إسحاق هارتسوج” انتقادات حادة لنتنياهو لـ”إهداره الفرصة” وقال في تغريدة بحسابه على موقع “تويتر”:سوف يحاكمك التاريخ بالتأكيد على حجم الفرصة وحكم الخسارة”.
مساء أمس، كشفت صحيفة “هآرتس” الصهيونية، النقاب عن أن النظام المصري وافق على المشاركة في تحرك سياسي يخدم فرص تشكيل حكومة “وحدة وطنية” في إسرائيل يشارك فيها حزب العمل برئاسة إسحاق هيرتزوغ.
وذكر براك رفيد معلق الشؤون السياسية في الصحيفة في تقرير ترجمته “عربي21″، أن النظام المصري وافق على عقد لقاء “قمة” في القاهرة أو شرم الشيخ يشارك فيه إلى جانب السيسي كل من نتنياهو وهيرتزوغ، ولم يكن من المستبعد أن يشارك فيه أيضا ملك الأردن عبد الله الثاني.
ونوه رفيد إلى أنه كان من المفترض أن يعلن كل من نتنياهو وهيرتزوغ في اللقاء موافقتهما على مبادرة للتسوية الإقليمية تقوم على حل الدولتين وتمهد الطريق أمام حل الأزمة السياسية الداخلية التي كان يواجهها نتنياهو وتسمح بضم حزب العمل للحكومة لضمان استقرار ائتلافه الحاكم.
وأشار رفيد إلى أن المفاجأة تمثلت في أنه بعد موافقة السيسي وهيرتزوغ على الفكرة؛ تراجع عنها نتنياهو خشية ردة فعل شركائه من اليمين، لا سيما بعد تفجر الخلاف مع حزب “البيت اليهودي” حول إخلاء النقطة الاستيطانية “عمونا” القريبة من رام الله، والتي دشنها المستوطنون بدون ترخيص.
وكان هدف نتنياهو من التراجع عن القمة في القاهرة وتملصه من المبادرة التي قدمها يتمثل في إتاحة الفرصة لضم حزب “يسرائيل بيتنا” المتطرف بزعامة أفيغدور ليبرمان، وهو ما تحقق بضم الحزب وتعيين ليبرمان وزيرا للحرب، وقد تمثلت المفارقة في تراجع نتنياهو عن الوثيقة التي قدمها رغم أنها تتضمن اعترافا عربيا ضمني بيهودية إسرائيل، وحقها في ترتيبات أمنية والإقرار بوجوب الحفاظ على التجمعات الاستيطانية الكبرى.
ويستدل من التقرير الذي نشرته “هآرتس” ويمتد على مساحة صفحتين أن نتنياهو تعامل باستخفاف مع تدخل السيسي لصالحه، بحيث أنه أهدر فرصة تقديم مبادرة للتسوية الإقليمية برعاية عربية بسبب خلاف حول نقطة استيطانية تقطنها بضع عشرات من العائلات وأقيمت بدون إذن الحكومة الإسرائيلية نفسها.
ونوه رفيد إلى أن الوثيقة التي تضمنت مبادئ التسوية الإقليمية تم إرسالها مسبقا للسيسي وملك الأردن ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الذي يحتفظ بعلاقات دافئة جدا مع السيسي، وإلى وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري.
وتضمنت الوثيقة البنود التالية:
-نحن نشكر “عبدالفتاح السيسي” على استعداده للعب دور رئيس في دفع عملية السلام والأمن في المنطقة وإحياء عملية السلام من جديد.
-نعلن مجددا التزامنا بحل الدولتين لشعبين ونؤكد على رغبتها في دفعه قدما.
-إسرائيل تتطلع لإنهاء حالة الصراع ووضع نهاية لكل المطالب الفلسطينية وضمان الحصول على اعتراف متبادل بين الدولتين القوميتين (اعتراف بيهودية إسرائيل) والاتفاق على ترتيبات أمنية دائمة، وحل إقليمي متفق عليه، والاعتراف بوجود المراكز السكانية القائمة لدى الطرفين (إشارة إلى قبول بقاء التجمعات الاستيطانية الكبرى).
-في إطار سعيها للسلام، تمد إسرائيل يدها للفلسطينيين وتطالب بالشروع في مفاوضات مباشرة وثنائية بدون شروط مسبقة.
-إسرائيل ترى بشكل عام روحا إيجابية في مبادرة السلام العربية والمبادئ الإيجابية التي تحتويها، وهي مستعدة للشروع في مباحثات مع الدول العربية بخصوص هذه المبادرة بهدف الوقوف على التحولات التي شهدتها المنطقة في الأعوام الأخيرة والعمل معا من أجل دفع حل الدولتين.
-في ما يتعلق باستئناف جهود السلام، فإن الأنشطة الإسرائيلية في المستوطنات في الضفة الغربية ستنفذ بشكل يسمح بنجاح الحوار الإقليمي.
-تعمل إسرائيل مع السلطة الفلسطينية من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية في الضفة وتعزيز التعاون الأمني.
-إسرائيل معنية باستقرار طويل المدى في غزة وضمن ذلك إعادة إعمار إنساني وترتيبات أمنية مفيدة