يُعرف السيناتور الأميركي “بيرني ساندرز” بإشعال العواطف بآرائه، ولكنه معروف بفعل ذلك من الناحية الاقتصادية، وحتى الاجتماعية، عنهما من السياسة الخارجية.
وخلال مؤتمر سنوي لجماعة داعمة لـ”إسرائيل”، أعطى “ساندرز” خطابًا قد يصبح دافعًا في السياسة الجديدة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وفجّر ساندرز خلال الانتخابات أساطير عن حقوق الفلسطينيين، لكنه شدد على حق “إسرائيل” في الوجود والأمن. وبعد هذه التصريحات وجهت صحيفة “نيويورك تايمز” له عددًا من الأسئلة ظهر من خلالها أنه لم يدرس الوضع؛ ولكن تغير ذلك، وقال من خلال خطاب آخر إنه “يدعو إلى التوصل إلى نهج يعطي إسرائيل وفلسطين الأمن والأمل والعدالة”.
وعلى الرغم من محاولة تأكيده فهم الوضع؛ فإنه قلص شعوره بالغضب الأخلاقي بشأن إنكار حقوق المدنيين على ملايين الفلسطينيين والتهديدات التي تواجهها “إسرائيل”. وفي خطاب له، اعتبر أن إنشاء وطن قومي ديمقراطي لليهود إنجازٌ بعد معاناتهم مع المحرقة.
وقال ساندرز إن “هناك جانبًا مؤلمًا في إنشاء إسرائيل كما حدث في أمريكا بتشريد مئات آلاف الفلسطينيين، يصل عددهم إلى حوالي 700 ألف، ولا يعتبر الاعتراف بذلك نزعًا للشرعية عن إسرائيل فقط؛ ولكن عن أميركا أيضًا”.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الكلمات تصل بنا إلى المشكلة السياسية الأساسية التي تجعل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي محيرًا، وكذلك توضح المسار للتقدم.
القيم المشتركة
وتحدّت معادلة ساندرز القصص من الجانبين والادعاءات التاريخية لهما المتماثلة والمعادلة التي تقول إن أي فوز فلسطيني يعني خسارة لإسرائيل والعكس.
واستند حديث ساندرز على القضية الأخلاقية لفلسطين على التجربة التاريخية للشعب اليهودي، دون الحديث عن أن إنشاء دولة يهودية أدى إلى كارثة للفلسطينيين، إذا تم تقبل رأي الجانبين ستكون هناك أسس للتقدم بشأن حل الصراع.
ويرى الجانبان أنهما على حق؛ لذا ينبغي على أي طرف خارجي يتدخل في هذا الصراع أن يعالج الحقوق الإنسانية للجانبين، ولم يكن الوضع كذلك في كثير من الأحيان.
وبقي ساندرز بعيدًا عن سياسات محددة ووراء إشارات غامضة لحل الدولتين لهذا الصراع، وهو ما توقع أنه اختيار ذكي. ويبقى حل الدولتين مفضلًا لدى عديدين؛ حتى إذا اعتقدوا أنه لا يمكن تحقيقه.
ولكن العملية التي كانت أساس حل الدولتين منذ 1993 كانت مغلوطة، ومن السذاجة الاعتقاد أنها يمكن أن تتماشى مع الواقع الحالي بعد التغيرات السياسية والاجتماعية.
ومنذ معاهدة “أوسلو” عمل الوقت ضد حل الدولتين، ولكن من الخطأ قياس هذا التأثير على نجاة هذا الحل. بدلًا من ذلك، يجب قياسها من حيث تأثير التكلفة؛ حيث إنه كلما استمرت “إسرائيل” في احتلال الضفة الغربية ونشر سيطرتها على القدس زادت التكلفة السياسة والاجتماعية والمادية.
وأوضح ساندرز طريقة للسير إلى الأمام بشكل جيد: “كان دومًا يقال إن العلاقات الإسرائيلية الأميركية مبنية على القيم المشتركة، أعتقد أن هذا صحيح؛ ولكن عندها يجب السؤال عن معنى ذلك وما هي هذه القيم. نحن نؤمن بالديمقراطية والمساواة والتعددية ونعارض بشدة كراهية الأجانب، ونحترم الأقليات وسنحمي حقوقهم. هذه القيم التي يتقاسمها التقدميون في هذه الدولة وحول العالم، وتعتمد هذه القيم على فكرة بسيطة، وهي أننا نتقاسم قيمًا إنسانية؛ فسواء كنت فلسطينيًا أو إسرائيليًا أو يهوديًا أو مسلمًا أو مسيحيًا أو أي ديانة أخرى، فنحن نريد أن يكبر أولادنا في صحة وأن يتعلموا جيدًا وأن يعملوا في أعمال محترمة وأن يعيشوا في سلام”.
ويعتبر هذا أساس التفكير الجديد بشأن حل الدولتين: أن يحقق الفلسطينيون والإسرائيليون طموحاتهم الوطنية، ويجب أن يكون السلام واضحًا، وأن الجانبين يحتاجان بعضهما البعض لحياة أفضل.
هذه الرؤية تذهب أبعد من تلك التي وضعها “ساندرز”، ولكن هذا هو البديل المنطقي؛ حيث إن الخيار الآخر هو التخلي عن هذا الحل، أو الاستمرار في هذه الدائرة الدموية التي ميزت سنوات عملية السلام أوسلو.
وقال ساندرز إن “معارضة سياسات اليمين المتطرف في إسرائيل لا تعني معاداة السامية؛ حيث يمكن للشخص أن يعارض سياسات ترامب دون أن يكون كارهًا لأميركا“.
ويمكن أن تخدم المبادئ التقدمية كحجر أساس لإيجاد حل دائم ومستمر لهذا الصراع. ومن عيوب “أوسلو” اعتمادها المفرط على الناحية الأمنية والسلطة وافتقارها للتركيز على الحقوق والديمقراطية، ويجب أن تأتي الأخيرة أولًا؛ حيث إذا تم الاهتمام بها فإن مشاكل الأمن والسلطة والأرض وغيرها يمكن حلها.