تعددت الدراسات والأبحاث التي رفضت الاعتقاد الشائع أن المهاجرين غير الشرعيين هم المسؤولون عن ارتكاب الجرائم بمعدلات عالية، وأشارت إلى الدور الذي يلعبه هؤلاء في التصدي لها، إلا أن العديد من الأميركيين مازالوا يربطون بين وقوع الجرائم ووجود المهاجرين غير الشرعيين في بلادهم، موقنين بأنهم يمثلون تهديدًا للسلامة العامة.
وأجرت مجلة “غوفرنينغ” الأميركية تحليلًا لبيانات المهاجرين غير الشرعيين في 154 مدينة في البلاد، باستخدام إحصائيات حديثة خاصة بمركز “بيو” لأبحاث المهاجرين غير المسجلين، وهم الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني أو تجاوزوا مدة التأشيرة الممنوحة لهم، بحسب الأناضول.
وبناء عليه، توصلت مجلة “غوفرنينغ” إلى أن هناك علاقة عكسية بين عدد المهاجرين غير الشرعيين ومعدلات الجريمة.
وأظهر التحليل أنه كلما ارتفع عدد المهاجرين غير الشرعيين، انخفضت معدلات الجريمة أو بالأدق قلّت تلك المرتبطة بالممارسات العنيفة وسرقة الممتلكات.
وأشارت المجلة إلى عدم وجود أي علاقة حالية بين وجود المهاجرين غير الشرعيين ووقوع جرائم قتل من الأساس.
وفي تقريرها الخاص بنتائج ذلك التحليل الإحصائي، والذي نشر عبر موقعها في الثاني من مارس الجاري، خلصت المجلة الأميركية إلى أن المهاجرين غير الشرعيين لا يشكلون مصدرًا للجرائم، إذ تربطهم علاقة وثيقة بانخفاض معدلات الجريمة العنيفة والتي تضم جرائم القتل، والاغتصاب، والسطو، والاعتداءات المتصاعدة.
وعلى صعيد آخر، أشار التحليل إلى وجود علاقة طردية بين وقوع مثل هذه الجرائم العنيفة وبعض الخصائص الديموغرافية الأخرى، مثل الكثافة السكانية وإيجارات المنازل المرتفعة، ومجتمعات ذوي البشرة السوداء.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية قد أشارت في تقرير لها في السادس من مارس الجاري، إلى أن نسبة المهاجرين غير الشرعيين المدانين بارتكاب جرائم لا تتعدى 3% من إجمالي عددهم الذي يصل إلى 11 مليون، بحسب إحصائية خاصة أيضًا بمركز “بيو” لأبحاث المهاجرين غير المسجلين.
وبالعودة إلى نتائج تحليل مجلة “غوفرنينغ”، لم يتضح أيضًا وجود تأثير كبير للهجرة غير الشرعية على الجرائم المتعلقة بسرقة الممتلكات، سواء باقتحام المنازل أو سرقة السيارات.
وإلى ذلك، لفت ذلك التحليل إلى أنه كلما ازداد معدل الهجرة غير الشرعية بنسبة 1%، يقل أمامه عدد الجرائم والحوادث في المجتمعات التي يتوجه إليها هؤلاء المهاجرين بمقدار 94 حادثة لكل 100 ألف مواطن.
أغلبهم من أصول مكسيكية
وبحلول العام 2017، أصبحت الولايات المتحدة الأميركية تضم 11مليون مهاجر غير شرعي أغلبهم من ذوي الأصول المكسيكية، وفق تقديرات معهد سياسات الهجرة، الذي يتخذ من العاصمة واشنطن مقرًا له.
واستنادًا إلى إحصائيات حديثة لمركز “بيو” لأبحاث المهاجرين غير الشرعيين، نشرتها صحيفة “نيو يورك تايمز”، يقدر عدد مهاجري المكسيك غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة بـ6.2 مليون، يليهم مهاجري غواتيمالا الذي يصل عددهم إلى 723 ألف.
وفي السياق ذاته، تضم قائمة الدول المصدرة لأكبر عدد من المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة، كل من السلفادور، وهندوراس، والهند، وكوريا، والصين التي هاجر منها 268 ألف شخص حتى الآن بطريقة غير شرعية.
وزاد الحديث عن المهاجرين في الولايات المتحدة مع الظهور القوي للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي دأب خلال حملته الانتخابية الهجوم عليهم وتوعدهم، ليبدأ أولى خطواته ضدهم بعدما تولي منصبه في يناير/ كانون الثاني الماضي بإصدار أمر تنفيذي بحظر دخول اللاجئين ومواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة (إيران، سوريا، اليمن، ليبيا، السودان، والصومال، العراق)، وآخر ببناء جدار فاصل مع المكسيك لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين.
ورغم إيقاف قراره بحظر دخول اللاجئين من قبل القضاء الأميركي، إلا أنه عاد وأصدر آخر معدل هذا الأسبوع، يحظر دخول القادمين من 6 دول، مستثنياً العراقيين، والحاصلين على تأشيرات دخول مسبقة، خلافاً للقرار السابق الذي أوقفته محكمة فيدرالية.