تسبب ضغط الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الجيش للتخلص من “داعش” في إجداث قلق بداخل البنتاجون، ومن الممكن أن تصل أميركا إلى حرب مفتوحة، وفقًا لعدد من المسؤولين المتقاعدين.
وأرسلت أميركا مئات القوات إلى العراق وسوريا منذ تولي ترامب، ويفكر في نشر آلاف للتخلص من داعش وقتال ميليشيات اليمن ووقف إنبعاث طالبان في أفغانستان. ولكن هذه الأحداث تختبر وعود ترامب بتقليل التورط الخارجي.
وقال مسؤولون في عدد من الحوارات، إن مخاطر تصاعد عدد الضحايا البشرية من أمريكا تلقي بظلالها على مناقشات البنتاجون. ويتسبب طلب ترامب في إستراتيجية أكثر عدوانية في القلق بين القادة تحويل الجنود الأمريكيين إلى بدائل للسكان المحليين في هذا القتال.
وقال بعض المشرعين، إن دور الجيش الأميركي في المنطقة يتوسع بشكل ثابت مع عدم الحديث عن آثاره، بينما قال النائب جيم ماكغفرن الديموقراطي من ماساشوستس وقائد المناهضين ضد الحرب في “كابيتول هيل”، أن ما نراه هو تغير في أهداف المهمة خلال الحملة العسكرية.
ووضع ترامب يوم الخميس خطط في أول طلب ميزانية حيث طلب من الكونجرس 30 ملاير دولار إضافية للتمويل العسكري هذا العام حتى يتم هزم داعش في أسرع وقت.
وفي الأسابيع الماضية نشر البنتاجون مئات القوات بسوريا بناء على طلب الجنرال ستيفن تاونسند القائد الأعلى في بغداد للمساعدة في التحضير لإستعادة الرقة، ودخل حوالي 200 من المدفعية البحرية لمساعدة قوات السوريين والأكراد والمسيحيين، ويساعد حوالي 100 من الجيش في توفير الأمن في مدينة منبج المحررة في شمال سوريا والذين إنضموا إلى 500 من القوات الامريكية على الأقل والتى كانت موجودة في سوريا وحوالي 5000 من المستشارين الأمريكيين العسكريين، والمدربين و طاقم هجوم بالهيلكوبتر في العراق، في الوقت الذي تشن فيه قوات العراق قتال قوي لإستعادة شرق الموصل.
ويضع البنتاجون في إعتباره إرسال عدة ألاف من القوات الإضافية إلى الكويت كقوة إحتياطية لمجابهة داعش في العراق وسوريا. بالإضافة لتصعيد حملة التفجيرات في الأسابيع الأخيرة ضد القاعدة في اليمن، وهو ما يثير تساؤل بشأن التدخل العميق في الحرب الأهلية للدولة، في حين أن القائد في أفغانستان طلب زيادة القوات لقتال طالبان. ولكن أصر المتحدثين العسكريين على أن الدور الأمريكي سيستمر لنصح ومساعدة القوات المحلية وأن القوات الأمريكية ستدخل بشكل مباشر في القتال وقت الضرورة.
وقال العقيد جون دوريان المتحدث باسم القائد في بغداد للمراسلين الأربعاء أن هدفهم الأول هو مساعدة القوات المحلية في تحرير أرضها مضيفاً أن دورهم الثاني هو التاكد من حمايتهم قوتهم الخاصة في الوقت الذي ينفذوا فيه مهمتهم. ولكنه قال أن البنتاجون غير مستعد للتحدث عن أعداد وأماكن ومهمات القوات الموجودة هناك.
وقال مسؤول عسكري أن القوات الأمريكية الإضافية تتواجد هناك لتقديم قدرات تقنية محددة ومنها مساعدة الحلفاء المحليين في التواصل واللوجستية والإستخبارات وكذلك دعم ناري مثلما ستفعل وحدة المدفعية البحرية.
ولقتال داعش، تقود أمريكا تحالف من عدد من الدول لدعم قوات الأمن العراقية والقوات في منطقة الأكراد في شمال العراق في معركة الموصل. وفي سوريا يعمل الجيش الأمريكي مع وحدة حماية الشعب بالإصافة إلى قوات سوريا الديموقراطية وكذلك ميليشيات من الترك والكرد في صراعهم مع تركيا. ويعتبر بشار الأسد هذه القوات كقوات غزو وهو ما يعقد الوضع أكثر في وجود القوات الروسية والتى تساعد حكومة الأسد.
وإعترف دوريان أن تجنب مواجهات مع موسكو تعتبر مسألة قلق كبرى، موضحاً أن هذا القلق يوجد على الجانبين.
ولكن لازالت الأصوات في واشنطن تنادي بإلتزام عسكري أمريكي أكبر، وقال تقرير صادر يوم الأربعاء الماضي عن معهد أمريكان انتربرايز ومعهد دراسات الحرب أن أمريكا يجب أن تتحرك سريعاً وتضبط وتأمن قاعدة العمليات في الجنوب الشرقي من سوريا من أجل توسيع حرية تحريك أمريكا في المنطقة.
وأضاف التقرير أن الهدف هو المساعدة في تشكيل سوريا جديدة تكون شريكة، وأشار التقرير أن الإجراءات الأمريكية يجب أن تهىء الظروف لمنع إعادة تنظيم داعش والقاعدة وإعادة توطين اللاجئين أخيراً.
وقال أحد كاتبي التقرير أن أمريكا تملك القليل من النفوذ على الأرض وربما قدرات محدودة لفهم ما يحدث، مضيفاً أنه إذا كانت أمريكا جادة فيما تسعى له فيجب عليها التواجد معتبراً أن أمريكا تخسر حربها فكيف يمكن أن تساعد أفغانستان في الفوز. موضحاً أنه يجب أن يتم زيادة عدد القوات الأمريكية الضرورية في أفغانستان حيث قال القائد الأمريكي هناك أنهم ينقصهم عدة آلاف.
ولكن قال مسؤولين حاليين وسابقين أن النقاش إحتدم بين القادة في البنتاجون والقادة في أرض المعركة بشأن اعتبارهم أن الوضع يعد تورط كبير لأمريكا وخاصة في سوريا.
ويبقى التساؤل الأساسي : كيف يمكن ان تقود أمريكا المعركة دون أن تأخذ دور القيادة؟، وقال الجرنال ميك بيدناريك والذي كان ضابطاً لأمريكا في بغداد حتى 2015 ولازال مستشار في البنتاجون وشهد وقوع مناطق من العراق وسوريا في أيدي داعش في 2014 أنهم إتخذوا قرارهم منذ وقت طويل وهو أن معركة العراق ليست معركتهم، حيث إعتبر أن الخط يعد صغير للغاية، ليظل السؤال : كيف يمكن لأمريكا الإقتراب كثيراً لمساعدة شركاؤها في التحالف دون القيادة ؟ ليقدموا فقط المساعدة من ناحية الإستشارة ودعم جهودهم .