حاول فريق التحرير التابع لصحيفة نيويورك تايمز سبر أغوار التحركات الشعبية في الشوارع الروسية وقراءة واقع تلك التحركات المضادة لحكومة ميدفيدف وأثرها على قبضة بوتين على البلاد.
وقالت الصحيفة أنه عندما يتعلق الأمر بالقادة الاستبداديين الحديثين، يحتل الرئيس فلاديمير بوتين مرتبة عالية في مقياس القسوة والقمع، ومع ذلك، أثبتت احتجاجات الأحد في موسكو وغيرها من المدن، فشله في سحق روح وشجاعة المواطنين الروس الذين هم على استعداد لمواجهة خطر الانتقام لمقاومة تجاوزات نظامه.
وكانت المظاهرات المناهضة للحكومة هي الأكبر خلال أكثر من خمس سنوات، حيث توجت بعشرات الآلاف من الناس فى الشوارع فى عشرات المدن على الرغم من الحظر الشامل على التجمعات غير المرخصة.
ودعت الاحتجاجات إلى استقالة رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف. وكان سبب التظاهرات المفترض فيديو مدته 50 دقيقة أنتجه ألكسي نافالني وحلفاء المعارضة الآخرون وشاهده أكثر من 13 مليون مشاهد على وسائل التواصل الاجتماعي.
وادعى الفيديو أن السيد ميدفيديف تلقى رشاوى ما مكنه من الحفاظ على العقارات الفاخرة والكروم واليخوت في روسيا والخارج، وعكست الاحتجاجات أيضا السخط العام الأوسع نطاقا، بما في ذلك التعاسة مع الاقتصاد وقمع الحكومة للمظاهرات السلمية.
وتعرض المتظاهرون للمخاطر؛ فخلال ما يقرب من 20 عاما كرئيس أو رئيس وزراء، عمل السيد بوتين على سحق أي معارضة سياسية خطيرة ووسائل إعلام مستقلة وحرية التعبير وحقوق الإنسان بشكل عام، كما كان عدوانيا على الساحة الدولية بضمه القرم والتدخل العسكري في سوريا نيابة عن نظام بشار الأسد.
وعلى مدى الشهور الخمسة الماضية، لقي ثمانية من الروس البارزين، منهم خمسة دبلوماسيين، مصرعهم، وبعضهم فى ظروف مريبة، حيث اتهم بوتين منذ فترة طويلة بقتل الصحفيين والمعارضين الآخرين.
وكان رد الشرطة على الاحتجاجات وحشيا متوقعا، فقد تعرض أكثر من 1000 متظاهر في موسكو للضرب والاعتقال، بمن فيهم السيد نافالني، وعلى الرغم من الإفراج عن العديد من المعتقلين قريبا، تلقى السيد نافالني يوم الاثنين حكما بالسجن لمدة 15 يوما لمقاومة الإعتقال.
إنه يريد الترشح للرئاسة في عام 2018، ويبدو أن لديه الكاريزما والرسالة القوية بما فيه الكفاية، ومن الواضح أن باستطاعته جلب الناس إلى الشوارع.
وبدون مهاجمة مباشرة لبوتين، الذي لا يزال تصنيفه في القاعدة الشعبية العامة مرتفعا، ركز السيد نافالني على الفساد المتوطن في روسيا، ويعتقد البعض أنه يمكن أن يكون كعب أخيل لبوتين، ومع ذلك، فإن العقبات التي تحول دون فك بوتين لسيطرته هائلة؛ والواقع أن إدانة سابقة ملتوية قد تجعل من الصعب على السيد نافالني الترشح لمنصبه.
وعلى الرغم من ولع الرئيس “ترامب” المحير للسيد بوتين، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا يدين احتجاز مئات “المتظاهرين السلميين”، بما في ذلك السيد نافالني، مؤكدا أن “احتجاز المتظاهرين السلميين ومراقبي حقوق الإنسان والصحفيين هو إهانة للقيم الديمقراطية الأساسية “. وأصدر البيان مارك تونر، المتحدث بالنيابة، وليس وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي كان ليكون له تأثير أكبر لو صدر التصريح باسمه.
وتختتم الصحيفة بقولها أن بوتين لا يزال ثابتا في مقعد القيادة حتى الآن، ولكن أحداث يوم الأحد يجب أن تعطيه وقفة، فقد كان العديد من المتظاهرين من الشباب الذين يقال إنهم يحصلون على أخبارهم من مصادر أكثر استقلالية، وليس وسائل إعلام تديرها الدولة، ويبدو أن الرجل لا يرعى في الكرملين، ونظرا للتحديات الاقتصادية والديموغرافية وغيرها من التحديات في روسيا، لا يستطيع بوتين أن يكون متأكدا من أنه يستطيع التحكم في المستقبل حتى لو كان يسيطر على الحاضر.