شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

صناعة السفن بالإسكندرية.. ضحية التكنولوجيا أم امتداد لفشل الدولة؟

صناعة السفن بالإسكندرية.. ضحية التكنولوجيا أم امتداد لفشل الدولة؟
تواجه صناعة السفن في محافظة الإسكندرية (شمالي مصر) تحدّيات ومعوقات عديدة تهدد بانقراض هذه المهنة التي تعد جزءًا من تراث المدينة؛ حيث يتوارثها صناعها عن آبائهم جيلًا بعد جيل، ويسعى المشتغلون بها إلى الإبقاء عليها مهنة حية في

تواجه صناعة السفن في محافظة الإسكندرية (شمالي مصر) تحدّيات ومعوقات عديدة تهدد بانقراض هذه المهنة التي تعد جزءًا من تراث المدينة؛ حيث يتوارثها صناعها عن آبائهم جيلًا بعد جيل، ويسعى المشتغلون بها إلى الإبقاء عليها مهنة حية في الوقت الذي تعزف فيه الأجيال الشابة عن مزاولتها بسبب متاعبها.

ويبدي كثيرون من صناع السفن قلقهم من تراجع عدد المصانع والورش التي تنتجها؛ بسبب إغلاق عدد كبير منها لعدم إصدار الحكومة تراخيص لبناء سفن جديدة تعمل داخل حدود المياه الإقليمية لمصر.

تجاهل المسؤولين

ويُرجع الحرفيون السبب في هذا الحال إلى تجاهل المسؤولين لمشاكلهم؛ مما عرضهم إلى البطالة وقلة الدخل، وسيطرة المصانع الكبرى المزودة بأحدث التجهيزات والمعدات على سوق السفن، فضلًا عن عزوف الشباب عن تعلم الحرف التقليدية لعدم جدواها في الوقت الراهن.

يقول الحاج زكريا أبو شنب، أحد أشهر العاملين في صناعة السفن والمراكب: “صناعة بناء السفن انقرضت (تقريبًا) للأسف في الفترة الأخيرة بسبب القرارات الحكومية وعدم توفر الدعم اللازم لها من جهات عدة، فضلًا عن ضعف الطلب على صناعة المراكب واليخوت مقارنة بالسابق؛ للدرجة التي جعلت البعض يصنع مركبًا واحدًا في العام بأكمله. لذلك؛ اكتفينا بأعمال الصيانة والترميم للسفن القديمة”.

وتابع: “أغلبنا وُلد وعاش طيلة سنوات حياته في هذه المنطقة، ولم يتعلم سوى هذه الصناعة، ونحن لم نعتبرها فقط مصدر دخل لنا؛ بل هي جزء من شخصية أهل هذه المدينة العريقة، التي عاصرت حضارات العالم وامتزجت بها “.

أسباب الانقراض

وأوضح إبراهيم القبطان (56 سنة)، عضو مجلس إدارة جمعية صناع السفن بالإسكندرية، أن عائلات كثيرة امتهنت هذه الحرفة بعد أن ورثوها عن أجدادهم وآبائهم وعلّموها لأبنائهم وأحفادهم؛ إلا أن عددًا كبيرًا منهم اضطر إلى إغلاقها أو تسريح عدد من العمالة لديهم توفيرًا للنفقات؛ لعدم قدرتهم على منافسة المصانع الكبيرة.

وأشار في تصريحات صحفية إلى انتشار “هياكل لعدد من اليخوت والمراكب الخشبية أو المعدنية لم يتم الانتهاء من تصنيعها” بعد أن توقف أصحاب الورش عن تنفيذها بسبب قرار وقف بناء السفن الجديدة، سواء للصيد أو السياحة؛ مما يعرضهم إلى البطالة وقلة الدخل، خاصة أنهم لا يعرفون مهنة غيرها.

ذكريات المهنة

ويحكي القبطان ذكرياته مع المهنة التي امتدت لأكثر من 46 عامًا، منذ أن كان في السابعة من عمره، وكيف شاهد عشرات السفن واليخوت لملوك وأمراء ومشاهير، سواء في مصر أو الدول العربية، تم تشييدها داخل ورش المنطقة بإشراف أمهر الحرفيين؛ لدرجة جعلت منطقة الأنفوشي من المعالم الأثرية والسياحية للمدينة، التي يحرص عليها السائح ليتعرف عليها ويشاهد بنفسه الدقة والحرفية في التصنيع.

لا تأمين ولا رعاية

ويروي عبدالمنعم حسني (56 سنة)، عامل في ورش تصنيع السفن بالمنطقة، معاناتهم والصعوبات التي تواجه هذه النوعية من العمل، ورغم ذلك فمعظم العاملين فيها محرومون من الخدمات الأخرى؛ فلا يوجد تأمين ولا رعاية صحية.

وأكد حسني أن أنواع المراكب التي تُصنّع في الورشة تتفاوت ما بين اليخوت السياحية وقوارب الصيد بأحجامها المختلفة، والخشب المستخدم، وأن وقت الانتهاء من صناعتها يتوقف على طولها وعدد العاملين فيها.

ضحية التكنولوجيا الحديثة

بدوره، قال رئيس حي الجمرك (وحدة السلطة المحلية بالمنطقة) إن صناعة السفن في الإسكندرية أقدم الصناعات وأبرزها وأكثرها رقيًا وارتباطًا بثقافة الإسكندرية القديمة والأصيلة، مبديًا انزعاجه من اندثارها وتشريد العاملين فيها.

وأضاف اللواء أحمد أبو طالب في تصريحات صحفية: ما يحدث مع صناع السفن من كساد بسبب المصانع الكبيرة والمتطورة التي تمتلك أحدث تكنولوجيا التصنيع لا يجري عليهم وحدهم؛ بل هو تغول من الآلة على كل ما له علاقة بالجهد البشري والتصنيع اليدوي القديم المفعم بعبق الماضي.

وأوضح أيضًا أن الدولة لا تملك أية وسائل تحفيز للصناع اليدويين المهرة وتشجيعهم ودعمهم في مواجهة الأجهزة والمصانع العملاقة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023