منذ قدوم عبدالفتاح السيسي إلى السلطة في أعقاب الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين بعد تظاهرات يوليو، سعى السيسي إلى زيارة واشنطن.
وأثناء فترة أوباما رفضت إدارته استضافة السيسي بسبب استخدامه قبضته الحديدية والقمع ضد المجتمع المصري، والآن تعد مصر ضمن أكثر الدول التي تسجن الصحفيين، بالإضافة إلى اعتقال الآلاف لمعارضتهم للحكومة، وقتلت القوات المصرية أكثر من 800 شخص في يوم واحد في أغسطس 2013. وبعد انتخاب ترامب وجه دعوة إلى السيسي لزيارة واشنطن.
ومثّلت زيارة السيسي نهاية فترة من عدم الثقة والتوترات بين البلدين، وأثناء فترة الانتخابات الأميركية أكد ترامب دعمه القوي لحرب مصر على الإرهاب ووعد أنه تحت حكمه ستكون أميركا صديقًا مخلصًا لمصر يمكن الاعتماد عليه في الأيام والسنوات المقبلة؛ وذلك بعد إظهار السيسي دعمه لترامب، وكان من أول المهنئين له فور فوزه بالانتخابات.
ويصعب معرفة تفكير إدارة ترامب، ولكن يبدو أنهم يريدون إعادة عصر مبارك مرة أخرى. فخلال عقود مبارك الثلاثة دعمته القيادات الأميركية بسبب الضمانات الموجودة بشأن إبقاء قناة السويس مفتوحة والحفاظ على السلام مع “إسرائيل” والضغط على الإسلاميين.
أما بالنسبة إلى إدارة ترامب، فمع رغبتها في قتال المتطرفين، فإن إحياء نظام شبيه لمبارك يعد أمرًا معقولًا. ولكن، يعلم المسؤولون الأميركيون أن ذلك قد يكون صعبًا؛ بسبب أن مصر تغيّرت ولا تقارن بالدولة التي كان يحكمها مبارك.
وفي 24 مارس الماضي ترك مبارك مستشفى المعادي العسكري الذي كان يعيش فيه منذ اعتقاله في 2011م، وواجه الرئيس المصري عدة تهم؛ منها إعطاء أوامر بقتل المتظاهرين خلال التظاهرات التي خلعته منذ ست سنوات، واختلاس أموال القصر الرئاسي، بالإضافة إلى عدد من قضايا الفساد. وخرج مبارك براءة من عديد من التهم الموجهة إليه وتوجه إلى فيلّته في هليوبليس.
واعتبر متابعو الشأن المصري أن المواطنين الآن صاروا أكثر فقرًا من ذي قبل، فعلى الرغم من قيام السيسي بعدد من المشروعات الاقتصادية المثيرة للتساؤلات، مثل قناة السويس الجديدة والعاصمة الجديدة؛ فإن البعض رأى أن هذه المشروعات كان من الممكن أن تكون جيدة، بل وسيدافعون عنها إذا كانت البلاد في حالة اقتصادية جيدة، وليس كما هو الحال الآن “على حافة الانهيار”.
قد تبدو زيارة السيسي إلى واشنطن أنها زيارة الحلفاء لبعضهما أو زيارة تودد؛ إلا أنها في الحقيقة استكشاف عن قرب لما يريده ترامب من السيسي بالضبط.