تأتي الزيارة التي بدأها وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى موسكو أمس (الثلاثاء) وسط توتر متصاعد بين الجانبين بعد اتهامات لموسكو بالتستر على استخدام نظام الأسد الأسلحة الكيميائية في سوريا.
ويُجري تيلرسون خلال الزيارة محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف؛ لكنه لن يلتقي الرئيس فلاديمير بوتين.
فما دلالات التصعيد المتواصل بين الجانبين الروسي والأميركي قبيل الزيارة؟ وإلى أي مدى يمكن أن تصل الأمور بين البلدين من حيث التهدئة أو التصعيد؟
اعتاد تيلرسون زيارة موسكو كثيرًا من قبل؛ لكنه هذه المرة لن يلتقي بصديقه القديم بوتين، الذي قلّده عام 2012 نوط الصداقة الروسي بوصفه حينئذ رئيس شركة إكسون موبيل النفطية العملاقة.
وهنا، ثمّة ملمحان للتغيّر؛ أولهما التوتر المتصاعد بين واشنطن وموسكو بعد فترة من التقارب والتنسيق، والآخر الجفاء المعلن بين بوتين وتيلرسون. فهل تغيّر شيء؟ وما الذي تغير في علاقات الجانبين؟ وإلى أي مدى ستذهب الأمور؟
ما وراء تصريحات بوتين
بشأن هذا الموضوع، يرى الكاتب والمحلل السياسي الروسي يفغيني سيدروف أن تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي انتقد فيها الإدارة الأميركية جاءت لتزيل عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عددًا من الشبهات والاتهامات بأنه عميل لموسكو ومتورط في أمور من شأنها التقليل من فرص بقائه في البيت الأبيض.
وبشأن ما يراه البعض توحدًا للمعسكر الغربي خلف الولايات المتحدة بسبب التصرفات الروسية، اعتبر سيدروف أن من الأفضل لموسكو أن تتعامل مع المعسكر الغربي ككتلة واحدة، غير أن هناك انقسامات واضحة في صفوف المعسكر الغربي بسبب مصالح اقتصادية تجارية وبراغماتية مختلفة لدى هذه الدول، بحسب رأيه.
ويؤكد سيدروف في تصريحات تلفزيونية أن ما يريده الغرب من توحيد صفوفه وتوجيه بعض الإنذارات لموسكو لا يمكن أن يتحقق في مثل هذه الظروف والأوضاع الحالية، مشيرًا إلى أنه لا يبقى للدول الغربية إلا محاولة إيجاد تفاهم مع موسكو؛ بوصفها قوة حاسمة ورئيسة بالنسبة إلى ما يجري على الأرض في سوريا، وهذا ينطبق أيضًا على الأزمة الأوكرانية وغيرها من القضايا الساخنة المدرجة على جدول لقاء تيلرسون ولافروف.
عار على الكرملين
من جهته، أكد الباحث المختص في العلاقات الأميركية الروسية ماكس بيرغمان أن الضربة الأميركية في سوريا جاءت بعد تنسيق وتشاور كبيرين داخل الإدارة الأميركية وبعد بحث عدد من الخيارات.
أما عن تصريحات بوتين بشأن الضربة الأميركية فيرى بيرغمان، وهو دبلوماسي سابق في وزارة الخارجية الأميركية، أنها صادمة وتأتي في إطار محاولة روسيا لجذب أنظار العالم عما يحدث في سوريا من فظاعات واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين العزل.
وأضاف: “الكل يعلم الآن أن الهجوم تمّ من قبل النظام السوري”، مشيرًا إلى أن “روسيا تقدم الدعم بالأسلحة والمعدات والدعم اللوجيستي للنظام السوري، وهي موجودة أيضًا على الأرض؛ إذًا لدينا عميل لروسيا يستخدم هذه الأسلحة المحظورة دوليًا من خلال مجموعة من المواثيق الدولية، وهذا يمثل بالتأكيد وصمة عار على جبين الكرملين”.