تشهد الأزمة بين مؤسسة الأزهر والنظام تطورات مثيرة، خاصة بعد البيان الذي أصدرته هيئة كبار العلماء أمس، والذي هاجم المطالبين بتعديل مناهج الأزهر، في تحدي صريح لعبدالفتاح السيسي والنظام.
فلم يكتفي الأزهر بالبيان الذي أصدره منذ أسابيع، والذي رفض فيه طلب السيسي بإلغاء الطلاق الشفوي، حيث تسبب هذا البيان في توتر كبير بين الأزهر والرئاسة، ولكن الأزهر استمر في تصعيده أمس، عبر بيان يرفض تغيير المناهج، رافضا لتوصيات عبدالفتاح السيسي، ومهاجما كل من يطالب بتغيير المناهج، مما يثير التساؤلات حول رد فعل السيسي من البيان.
وفي المقابل انطلقت أبواق النظام أمس، لتواصل تصعيدها ضد الأزهر، في توجه واضح من قبل النظام للتخلص من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وهيئة كبار العلماء بتشكيلها الحالي، والسيطرة على مؤسسة الأزهر بشكل كامل، لتنفيذ خطة السيسي فيما يطلق عليه تطوير الخطاب الديني.
رد ناري من هيئة كبار العلماء
ردت “هيئة كبار العلماء” على الهجوم الذين شنه ما وصفتهم بـ “أعداء الإسلام” على الأزهر، إثر تفجير كنيستي مار جرجس بالغربية، ومار مرقص بالإسكندرية، والمطالبة بتعديل مناهج الأزهر، بزعم أنها تتضمن أفكارًا تدعو للتطرف والإرهاب.
وأكدت الهيئة في بيان أصدرته عقب اجتماعها اليوم برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن “مناهجَ التعليمِ في الأزهر الشريفِ في القَدِيمِ والحديثِ هي – وحدَها – الكفيلةُ بتعليمِ الفكرِ الإسلاميِّ الصحيح الذي يَنشُرُ السلامَ والاستقرارَ بينَ المسلمين أنفسهم، وبين المسلمين وغيرهم”.
وقالت: “تَشهَدُ على ذلك الملايين التي تخرَّجت في الأزهر من مصرَ والعالم، وكانوا -ولا يزالون- دُعاةَ سلامٍ وأمنٍ وحُسن جوار، ومن التدليس الفاضح وتزييف وعي الناس وخيانة الموروث تشويه مناهج الأزهر واتهامها بأنها تفرخ الإرهابيين”.
أعداء الإسلام
وأضافت: “الحقيقة التي يَتنكَّرُ لها أعداء الأزهر بل أعداء الإسلام هي أن مناهج الأزهر اليوم هي نفسها مناهج الأمس التي خرجت رواد النهضة المصرية ونهضة العالم الإسلامي بدءًا من حسن العطار ومرورا بمحمد عبده والمراغي والشعراوي والغزالي، ووصولاً إلى رجال الأزهر الشرفاء الأوفياء لدينهم وعلمهم وأزهرهم، والقائمين على رسالته في هذا الزمان”.
واستدركت هيئة كبار العلماء: “على هؤلاء المنكرين ضوء الشمس في وضح النهار أن يلتفتوا إلى المنتشرين في جميع أنحاء العالم من أبناء الأزهر، ومنهم رؤساء دول وحُكومات ووزراء وعلماء ومفتون ومُفكرون وأدباء وقادة للرأي العام، ويتدبروا بعقولهم كيف كان هؤلاء صمام أمن وأمان لشعوبهم وأوطانهم، وكيف كان الأزهر بركةً على مصر وشعبها حسن جعل منها قائدا للعالم الإسلامي بأسرِه.. وقبلة علمية لأبناء المسلمين في الشرق والغرب”.
واستطردت قائلة: “ليَعلَمْ هؤلاء أنَّ العَبَثَ بالأزهر عَبَثٌ بحاضر مصر وتاريخها وريادتها، وخيانةً لضمير شعبها وضمير الأمة كلها.”.
أبوحامد يطالب بوقفة حاسمة
قال النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي والأسرة بمجلس النواب، إن بيان هيئة علماء الأزهر، يؤكد أنه لا أمل أبدًا في أن تقوم هذه الهيئة، بأي خطوة في سبيل التطوير المنشود للخطاب الديني.
وكتب أبو حامد، في تغريدة عبر صفحته بموقع التدوينات القصيرة “تويتر”: “عندما تعتبر هيئة كبار العلماء، أن الدعوة لتطوير مناهج الأزهر هو تدليس وتزييف، وأن من يدعو للتطوير هم أعداء للإسلام، فلا بد من وقفه حاسمة”.
وتابع: “المنطق الذي تم به صياغة بيان هيئة كبار العلماء، يؤكد أنه لا أمل أبدًا في أن تقوم هذه الهيئة بأي خطوة في سبيل التطوير المنشود للخطاب الديني، أدعو هيئة كبار العلماء التي استشهدت بالإمام محمد عبده أن تقرأ رأيه في مناهج الأزهر وما وصفها به عندما قيل له أنت تعلمت في الأزهر”.
وأضاف أبو حامد: “أدعو هيئة كبار العلماء التي استشهدت بالإمام محمد عبده أن تقرأ رأيه في مناهج الأزهر وماذا قال عنها عندما قيل له أنت تعلمت في الأزهر”.
منتصر: أعداء الإسلام تثير الغضب
وقال الكاتب الصحفي، خالد منتصر، في تدوينة عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “أخطر مافي بيان الأزهر اليوم هو اعتبار أعداء الأزهر هم أعداء الاسلام !! وأن أي انتقاد للأزهر هو انتقاد للاسلام!! ، تساوي الدين بالمؤسسة ، اختزلنا الدين الاسلامي كله في مؤسسة ومذهب واحد !”.
وأضاف: “الأزهر الذي أنشئ ٣٥٩ هـ كمؤسسة شيعية ثم أصبح سنيًا في ٥٦٧ هـ تقريبًا مع الأيوبيين ،هل معني ذلك أن الإسلام هذا الدين بكل تاريخه ظل حائرًا خمسمائة سنة ونصف قرن كمان حتي اكتشفه الأزهر ؟!! ،معقول !، معلوماتي الدينية المتواضعة أن الوحي قد انقطع بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ، الرسول الذي كانت الصحابة تسأله الرأي أم الوحي قبل اتخاذ القرار”.
وتساءل: “فهل شيوخ الأزهر صار يهبط عليهم الوحي حاشا لله وصاروا لا يسئلون عما يفعلون!، هل صار كلامهم وحيًا لا رأيًا، هل صار انتقادهم من الكبائر ؟!، هل صارت هيئة كبار العلماء من بقية الصحابة؟!”.
وتابع: “إن شيخ الأزهر له الاحترام لكن ليست له القداسة ، وكل شيوخ الأزهر بشر ، نحن نردد كل لحظة مقولة الاسلام ليس به كهنوت ولا واسطة بين العبد وربه ولكن بيان اليوم وضع ورسخ للأسف أسس الكهنوت والواسطة وصكوك الغفران ومحاكم التفتيش”.
وختم الكاتب الصحفي تدوينته:”لغة البيان اليوم في منتهي الخطورة وقبولها وسريانها في جسد المجتمع والتآلف معها هو آخر مسمار في نعش الدولة المدنية”.