سلَّطَ تقرير لصحيفة “إيكونوميست” البريطانية الضوء على دير “سانت كاترين” وقدرته في الحفاظ على ما لديه من مخطوطات وتراث، وذلك بعد استهدافه من تنظيم الدولة أمس.
وقال التقرير إن “الرهبان اليوم في دير سانت كاترين خصَّصوا وقتًا طويلًا للصلاة الصباحية، التي تبدأ دائمًا في منتصف الليل وتستمر إلى ما بعد الفجر. لم تكن هناك علاقة بين الصلاة الطويلة بحقيقة أن مؤسَّسَتَهم العتيقة، التي تعد واحدة من أقدم الأماكن التي تقيم الصلوات بشكل مستمر في العالم، تعرضت إلى هجوم إرهابي أمس؛ وكان الرهبان يتبعون فقط تقويم الكنيسة، الذي ينص على أن يوم الأربعاء بعد عيد الفصح هو يوم لإحياء ذكرى الشهداء والنُسّاك الذين كدّوا في المنطقة لقرون”.
وأيًّا كان المسار الدقيق لأحداث أمس، فإن رد فعل الرهبان على الحادث هو تذكير بالمرونة المدهشة للمجتمع الذي تأسس في عهد الإمبراطور “جستنيان”، في القرن السادس المسيحي، في بقعة كان عدة أفراد بالكاد يعيشون فيها حياة الزهد لمئات السنين.
واستمر وجود الدير حتى ظهور الإسلام، وتشمل كنوزه نسخة من الوثيقة التي يقال إن النبي محمدًا منحها للرهبان لضمان حمايتهم، ونجا الدير من الصليبيين الذين تعاملوا مع المسيحيين الشرقيين بفظاعة في أماكن أخرى، ونجا من نابليون، الذي قدّم أيضًا الحماية لرهبانه. وعانى الدير من الاضطرابات التي حدثت إبان تفكك الإمبراطورية العثمانية وظهور مصر الحديثة، وعاشوا به في ظل الاحتلال “الإسرائيلي” لسيناء.
وساعد عدم القدرة على الوصول إلى الدير في إبقائه وكنوزه سليمين. وقبل القرن العشرين، كان لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال رحلة طويلة على ظهر الجِمال، وظلت أيقوناته دون تحطيم، وأفلتت من حملة تحطيم الأيقونات التي اجتاحت الإمبراطورية البيزنطية في فترات معينة.
ويحتوي الدير على واحدة من أعظم مجموعات العالم في الفن المسيحي الشرقي، ولا تقارن مكتبته إلا بمكتبة الفاتيكان، وتعتبر مخزنًا للمخطوطات الدينية بعديد من اللغات. وتعمل مؤسسة مرموقة لها فروع في لندن ونيويورك وجنيف منذ 20 عامًا على توثيق المكتبة وحفظها، ويضم الدير حوالي 30 عضوًا؛ منهم 20 يقيمون بشكل دائم.
ويختم التقرير بالقول إنه “على مر القرون تمكن الرهبان من إبعاد جميع الأعداء عن الدير، بدءًا من اللصوص الجشعين إلى المتدينين المعادين؛ ويأمل أصدقاء الدير الدوليون من أصحاب النفوذ الكبير، مثل متحف متروبوليتان في نيويورك والمكتبة البريطانية، أن تظل مهارات الحفاظ على الدير سليمة في مواجهة التهديدات الجديدة”.