تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي إطلاق التحذيرات من عمليات إرهابية متوقعة في جنوب سيناء، آخرها أمس، وطالبت رعايها بمغادرة جنوب سيناء فورًا والعودة إلى الأراضي المحتلة، كما وجّهت طائرات من دون طيار نحوها؛ الأمر الذي يعتبره خبراء عسكريون يكشف عن نشاط جهاز المخابرات الإسرائيلية “الموساد” في سيناء.
ويقول حسن أبو هنية، الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، إنه لا شك إطلاقًا في أن تنامي النشاط الإسرائيلي في سيناء يأتي وفقًا لترتيب مسبق مع المخابرات المصرية، ولا يمكن للجانب الآخر أن يتدخل بأي عمل -سواء عسكريًا أو مخابراتيًا- في مصر إلا بموافقة مصرية والاتفاق على أن توجه “إسرائيل” ضربات قاسية للجماعات عندما تقترب من الحدود، على أن تتبنى مصر مسؤوليتها إعلاميًا؛ وبذلك يبتعد الطرفان عن التوترات السياسية.
وأضاف أبو هنية، في تصريح لـ”رصد”، أن اتفاقية كامب ديفيد تقضي بالإبقاء على شبه جزيرة سيناء منطقة معزولة من السلاح، ومع تنامي العمليات الإرهابية بها تطلّب الأمر تعاونًا دوليًا مشتركًا بين مصر وإسرائيل وأميركا وقوات حفظ السلام للسيطرة على العملية الأمنية في هذه المنطقة؛ لكن بقيادة مصرية.
إعلان رسمي بعمليات عسكرية
وسبق وأعلنت المخابرات الإسرائيلة عن دورها الكبير في سيناء، وظهر هذا في إفصاحها عن الجهد الحربي الذي تقوم به في حربها ضد تنظيم “ولاية سيناء”.
ونقل موقع وكالة “بلومبيرج” الأميركية قبل عام تقريبًا عن مسؤول إسرائيلي أمني سابق قوله إن الاحتلال شرع منذ عام 2014 في شن غارات جوية باستخدام الطائرات من دون طيار ضد قادة “ولاية سيناء” وعناصرها بناء على طلب من نظام السيسي وتنسيق معه.
و“مثّلت الخطوة غير المسبوقة التي أقدمت عليها إسرائيل قبل أسبوع بإغلاق معبر طابا الحدودي عشية عيد الفصح اليهودي، ومنع السياح الإسرائيليين من دخول سيناء، ترجمة لمخاوف هذه النخب من ردود فعل محتملة للتنظيم على الشراكة بين نظام السيسي وحكومة تل أبيب”.
ومما يدل على أن ما نقله موقع “بلومبيرج” كان دقيقًا وصحيحًا حقيقة أن صحيفة “معاريف” نقلت في حينه عن مصدر في ديوان رئاسة الوزراء، الذي يقوده نتنياهو، اتهامه لوزير الحرب السابق موشيه يعلون بتسريب المعلومات إلى “بلومبيرج”.
وتطرق كبار المعلقين الإسرائيليين المرتبطين بمؤسسة الحكم إلى الغارات الإسرائيلية التي تستهدف تنظيم “ولاية سيناء” بالتنسيق مع السيسي؛ حيث انتقد المعلق العسكري بـ”معاريف” يوسي ميلمان تسريب المعلومات بشأنها؛ على اعتبار أن هذه التسريبات تمسّ بمكانة السيسي أمام شعبه، مما يضر في النهاية بإسرائيل (معاريف، 11 يوليو 2016).
في حين دافع كبير المعلقين في “يديعوت أحرنوت” رون بن يشاي عن التسريبات وطالب بأن تعلنها إسرائيل بشكل رسمي تمامًا كما تعلن الولايات المتحدة غاراتها التي تنفذها الطائرات من دون طيار في أفغانستان وباكستان واليمن وغيرها.
قلق إسرائيلي بعد تفجير سانت كاترين
وأظهرت الجهات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية قلقًا كبيرًا تجاه نجاح تنظيم ولاية سيناء، التابع لتنظيم الدولة، في تنفيذ هجوم مسلح جنوب سيناء لأول مرة منذ سنوات، وأسفر عن قتل ضابط مصري وإصابة أربعة في محيط كنيسة سانت كاترين جنوب سيناء؛ باعتبار أن المنطقة تعد من أهم الوجهات السياحية.
ونقل موقع القناة العاشرة عن مصادر قولها إن تنظيم داعش لأول مرة منذ فترة طويلة ينفذ هجومًا بهذه الطريقة في تلك المنطقة بعد أن كان تركيز الهجمات بشكل رئيس في المناطق الشمالية من شبه جزيرة سيناء.
وقالت المصادر إن تعليمات إغلاق معبر طابا والتحذيرات بإمكانية استهداف السياح الإسرائيليين ستبقى كما هي؛ تخوفًا من تمكن تنظيم داعش من تنفيذ هجمات جديدة.
تحذير إسرائيلي
وحذّرالمتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أولفير جندلمان، رعايا تل أبيب من وقوع هجمات إرهابية في سيناء.
وقال في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “لاحقًا، للتشديد على تحذير السفر إلى سيناء الذي أصدرته أمس هيئة مكافحة الإرهاب، وعلى ضوء تزايد الخطر وفوريته، وبناء على إقرار الحكومة؛ قرر وزير المواصلات والاستخبارات إسرائيل كاتز، وبعد أن تشاور مع وزير الدفاع والجهات المعنية، عدم السماح لمواطنين إسرائيليين بمغادرة البلاد إلى سيناء عن طريق معبر طابا البري ابتداءً من اليوم وحتى يوم 18/ 4، وذلك وفقًا لتقدير الموقف، مع ذلك يسمح لمواطنين إسرائيليين بالعودة إلى البلاد عن طريق هذا المعبر”.
وتابع: “وسّع تنظيم ولاية سيناء في الأشهر الأخيرة رقعة عملياته الإرهابية، بما في ذلك ضد إسرائيل؛ بغية تنفيذ عمليات إرهابية وشيكة ضد سياح في سيناء، بما فيهم إسرائيليون”.
وأضاف: “على ضوء خطورة هذا التهديد، توصي هيئة مكافحة الإرهاب للإسرائيليين المتواجدين في سيناء بمغادرة هذه المنطقة فورًا والعودة إلى إسرائيل، كما يطلب من عائلات الإسرائيليين المتواجدين هناك بالاتصال بهم وإطلاعهم على التهديد الفوري الذي يواجه سيناء، أما المواطنون الإسرائيليون الذين ينوون زيارة سيناء فنؤكد أنه لن يسمح لهم بالقيام بذلك حاليًا؛ حمايةً لأمنهم؛ ولذا يرجى منهم عدم الوصول إلى معبر طابا البري والانصياع إلى التعليمات”.