جاءت تصريحات محمد بن سلمان حول تيران وصنافير وتأكيده علي سعودية الجزر ليطرح سؤالا مهما، يدور حول ملف الجزيرتين ألا وهو .. هل اقترب الملف من نهايته بتنفيذ الاتفاقية من جانب نظام السيسي؟ وهل ما يجري مع القضاة وقبله الصحفيين وغيره من الفئات والمؤسسات إعداد مسرح لتفعيل الاتفاقية ؟ خاصة بعد زيارة السيسي الأخيرة للسعودية.
وفي المقابل يري المراقبون أن تفعيل الاتفاقية، ربما تكون بداية النهاية للنظام المصري نفسه، خاصة أن هناك أحكام نهائية بمصرية الجزر، وهناك قلق واضح لدي النظام ظهر في تصريحات السيسي في مؤتمر الشباب الاخير بشأن الاتفاقية و تأكيده علي احترام حكم القضاء، ولكن هناك تخوفات من إسناد القضية برمتها للمحكمة الدستورية العليا لتقول كلمتها الأخيرة في هذه القضية ومن الصعب توقع ماهية الحكم
وفي تصريحات أثارت الكثير من الجدل وردود الأفعال لمحمد بن سلمان ولي ولي عهد السعودية قال فيها ” ومسألة تيران وصنافير ما هي إلا ترسيم للحدود فقط لا غير، ولم يحدث أي تنازل من الجانب المصري، مضيفا ” إن الجزيرتين سعوديتين والمملكة لم تتنازل عنهما، بل كانت هناك أسباب اقتصادية لتسليم مسؤوليتها لمصر بشكل مؤقت”.
أدلة مصرية الجزر
وفي كتاب “شبه جزيرة سيناء القديم والحديث” تضمن في آخره خريطة لجزيرتي تيران وصنافير وهما ملونتان بنفس لون سيناء، ما يؤكد تبعيتهما لها؛ وأن هذه الجزر لم تكن في السابق بالأسماء الحالية وكان اسمهما جزر “التيران”.
وفي العام عام 1908، اتخذ أحد وزراء الحكومة المصرية قرارا بوضع “فنارة” في جزيرة صنافير؛ مؤكدة أن هذا القرار موجود في كتيب مجموعة القرارات الصادرة عن الحكومة المصرية في نفس العام، وأن أصل القرار جرى تسليمه إلى الحكومة؛ مشيرة إلى أنها تملك صورة من القرار.
وهناك 14 مضبطة من مضابط اﻷمم المتحدة تعود إلى عام 1956 تثبت أن مصر هي صاحبة السيادة المطلقة على السفن العابرة في مضيق تيران وجزيرتي تيران وصنافير
وكاد بيان صادر من مجلس الوزراء المصري بإعلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، ويترتب عليه نقل السيادة على صنافير وتيران إلى السعودية مقابل حصول مصر على 25% من الموارد الطبيعية للجزيرتين، والتزام المملكة بدفع ملياري دولار مقابل حماية الجيش المصري لهما مدة 69 عاما – وفقا لمصادر شبه رسمية
تعرف علي الجزر
وتقع جزيرة تيران في مدخل مضيق تيران، الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، ويبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي؛ وتبلغ مساحة الجزيرة 80 كم². وكانت الجزيرة نقطة للتجارة بين الهند وشرق آسيا، وكانت توجد فيها محطة بيزنطية لجبي الجمارك عن البضائع.
أما جزيرة صنافير فتقع بجوار جزيرة تيران من ناحية الشرق، وتبلغ مساحتها نحو 33 كم².
وقامت القوات المصرية قبيل حرب 1967، لمنع السفن الإسرائيلية من الوصول إلى ميناء إيلات بالنزول على الجزيرتين وإغلاق مضيق تيران. وبعد النكسة أصبحت الجزيرتان تحت سيطرة إسرائيل وذلك في إطار احتلالها لشبه جزيرة سيناء وهاتين الجزيرتين.
وبعد حرب أكتوبر عام 1973 وقّع الجانبان المصري والإسرائيلي معاهدة “كامب ديفيد” عام 1978.
ووفقا للمعاهدة خضعت الجزيرتان لسيطرة قوات دولية متعددة الجنسيات، وتم وضع قوة مراقبة للتأكد من امتثال مصر وإسرائيل للأحكام الأمنية الواردة في اتفاقية السلام والمتعلقة بفتح خليج تيران.
وحسب البروتوكول العسكري لمعاهدة “كامب ديفيد” وضعت الجزيرتان ضمن المنطقة “ج” المدنية، التي تمنع الوجود العسكري المصري فيها مطلقًا، لكن ذلك لا ينفي ممارسة مصر سيادتها على هاتين الجزيرتين.
وفي عام 1983، حولت السلطات المصرية الجزيرتين إلى محميات طبيعية.
معركة قضائية
وتنظر محكمة محكمة مستأنف الأمور المستعجلة 13 مايو ،الاستئناف على حكم محكمة أول درجة الصادر بإسقاط حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تنتقل بموجبها جزيرتي “تيران وصنافير”
وقدمت نهلة أحمد قنديل، الاستئناف الذي حمل رقم 157 لسنة 2017، والتي كانت محكمة أول درجة رفضت تدخلها في الدعوى وألزمتها المصاريف.
وتشير حيثيات حكم الأمور المستعجلة الصادر في 2 أبريل الماضي، أن تلك السيدة حضرت في الجلسة الأولى يوم 19 مارس، لنظر الدعوى الأصلية التي صدر فيها حكمًا ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا، وطالبت بالتدخل الهجومي مع مقيمي الدعوى.
كما طالبت مقدمة الاستئناف حينها بوقف نظر الدعوى وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للبت في تنازع الاختصاص بين المحكمة الإدارية العليا ومحكمة الأمور المستعجلة؛ وذلك عملا بنص المادة 192 من الدستور إلا أن المحكمة رفضت طلباتها.
وقضت المحكمة بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوتين أرقام 43709 – 43866 لسنة 70 قضائية، والحكم الصادر في المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 174236 – الذين قضيا ببطلان توقيع الاتفاقية – واعتبارهم جميعا منعدمي الأثر.
ولم تحسم قضية «تيران وصنافير» بعد في ظل الصراع القضائي بين مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة؛ حيث صدر حكمًا من المحكمة الإدارية العليا ببطلان توقيع الإتفاقية وكذلك أصدرت الأمور المستعجلة حكمًا بسريان الاتفاقية
وكانت المحكمة الادارية العليا اصدرت حكما نهائيا وباتا في يناير الماضي ببطلان الاتفاقية ومصرية الجزر وجاءت الدوعي امام محكمة الامور المستعجلة لتطعن في هذا الحكم وهناك دعاوي اخري منظورة اما المحكم الدستورية العاليا للفصل في النزاع بين الادارية العليا والامور المستعجلة بشان حكمهما في القضية
تردد برلماني
وعلي صعيد مناقشة الاتفاقية بمجلس النواب فقد تم تحويل الاتفاقية بالفعل الي اللجنة التشريعية للبرلمان لمناقشتها، ولكن هناك جدل كبير يثار بشأن هذا الأمر وهناك ما يشبه الانقسام داخل البرلمان، فهناك فريق يري عدم حق البرلمان في مناقشتها تماما خاصة حكم المحكمة الادارية العليا وأي مناقشة هو اعتداء علي السلطة القضائية والفريق الاخر يري العكس تماما واحقية النواب في مناقشتها
وفي ظل هذه الأجواء هناك من يري ان السيسي يتلاعب بالسعودية عبر هذه الاتفاقية لمزيد من ابتزازها واطالة امد الجدل بشانها حتي يحصل علي الكثير من المكاسب الاقتصادية ايضا لم يخلو الامر من وجهة نظر المراقبين من قلق السيسي من تمري الاتفاقية خاصة بعد المظاهرات العارمة التي اندلعت العام الماضي ضد الاتفاقية وطانت بمثابة الصدمة للنظام من يحيث عدد المتظاهرين والتفاف المؤسسات حولهم
مصرية مصرية
وعبر عددا من السياسيين والقانونييين عن رفضهم لتصريحات بن سلمان مؤكدين علي مصرية الجزر.
ورد المحامي والحقوقي خالد علي، على “بن سلمان”، بعد تصريحاته بأن جزيرتي “تيران وصنافير”، سعوديتان، وقال في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “علم مصر هو الوحيد الذي رفع على جبالها، وأبناء مصر هم فقط الذين عاشوا عليها، وقاتلوا واستشهدوا وأسروا من أجل ذرات رمالها، احتلت منهم واستردوها بالدماء والدموع والعرق، فهي مصرية، وستظل كما هي، تيران وصنافير مصرية”.
وفي هذا السياق علق الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة لشؤون المجالس النيابية الأسبق، على تصريحات محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، بأن جزيرتي “تيران وصنافير”، سعوديتان.
وقال في تغريدة عبر حسابه على موقع التدوين المصغر “تويتر”: “لا أفهم الإصرار على إثارة قضية تيران وصنافير الحساسة، بوقت تواجه الأمة مخاطر تهدد بقاءها؟، أمة تتوق لما يوحدها فيؤججون ما يشتت شملها”