انتخبتْ الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري اليوم السبت رياض سيف رئيسًا جديدًا لمدة عام. وهو الرئيس السادس للائتلاف المتمسك بكونه الممثل السياسي للمعارضة والثورة السورية، في ظل وجود “منصات” وتيارات سياسية تحاول كسر احتكاره تمثيل المعارضة السورية.
انتخاب سيف جاء بعد عقد الائتلاف اجتماعات هيئته العامة في الدورة العادية رقم 33 على مدى يومين في مقره بمدينة إسطنبول التركية، واختار هيئة سياسية للتعامل مع متغيرات عميقة في المشهد السوري.
وشهد الائتلاف خلال الدورة المنتهية انسحاب أعضاء، أبرزهم ميشيل كيلو وموفق نيربية وفايز سارة؛ ما خفّض العدد إلى 102، بينهم 30 عضوًا “لم يُبدوا اهتمامًا كافيًا بالعمل السياسي داخل الائتلاف”، وفق مصادر في الائتلاف رجحت أيضًا تخفيض عدد أعضائه في الدورة الجديدة.
رياض سيف والمعارضة
ويعتبر رياض سيف، البالغ من العمر 70 عامًا، من أبرز الوجوه في المعارضة السورية؛ إذ اعتقله النظام مرتين قبيل اندلاع الثورة السورية، وقضى سنوات خلف القضبان على خلفية نشاطه إبّان ما يُعرف بـ”ربيع دمشق” في بداية تولي بشار الأسد للسلطة عام 2000، حينها اعتقل في سبتمبر وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات.
كما حجز النظام على أمواله، وكان من الموقّعين على “إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي” في سوريا عام 2005، وواصل دعوته إلى تغيير النظام؛ ما دفع أجهزة النظام الأمنية إلى إعادة اعتقاله في 2008 لمدة عامين.
ومع بداية الثورة السورية في مارس 2011، لم يتردد سيف في الالتحاق بها مشاركًا في التظاهرات السلمية؛ فتعرّض إلى الضرب على يد النظام بالقرب من جامع الحسن بالعاصمة دمشق، قبل أن يضطر إلى الخروج من سوريا بسبب التضييق عليه من أجهزة النظام الأمنية.
وكان سيف من أبرز الصناعيين الدمشقيين، ومن الأصوات النادرة التي رفعت صوتها ضد الفساد؛ إذ جاهر بمعارضة النظام في “مجلس الشعب”، الذي دخله مستقلًا في تسعينيات القرن الماضي. وقاد مبادرة أفضت إلى تشكيل الائتلاف أواخر عام 2012 في العاصمة القطرية الدوحة، وتولى منصب نائب رئيسه الأول معاذ الخطيب.
كما يعد من الشخصيات الوطنية السورية التي يجمع عليها السوريون المعارضون للنظام. ورفض مرات الترشح إلى منصب رئيس الائتلاف لـ”أسباب صحية”؛ لكنه استجاب مؤخرًا لدعوات أعضاء بالائتلاف للترشح، في محاولة لإنقاذ أهم المؤسسات السياسية الثورية من ترهلٍ أصابها يُعزى إلى اختلاف الرؤى بين الكيانات والتيارات السياسية البارزة في الائتلاف، الذي حاولت روسيا تهميشه بسبب تبنيه سياسة صلبة تجاه محاولات موسكو تقزيم القضية السورية وإعادة إنتاج النظام.
الائتلاف الوطني السوري
تأسس الائتلاف الوطني السوري بالدوحة في بدايات نوفمبر 2012 لـ”توحيد دعم القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية، والجيش السوري الحر، وإنشاء صندوق دعم الشعب السوري بتنسيق دولي، وإنشاء اللجنة القانونية الوطنية السورية، وتشكيل حكومة انتقالية بعد الحصول على الاعتراف الدولي”.
ويضم كتلًا تنتمي إلى قوى الثورة والمعارضة السورية، إضافة إلى مستقلين. وتناوب على رئاسته شخوص معروفون في المعارضة السورية، وهم معاذ الخطيب وأحمد الجربا وهادي البحرة وخالد خوجة وأنس العبدة.
ولا يزال الائتلاف الوطني السوري أمينًا لمبادئ الثورة السورية؛ حيث وقف في وجه ضغوط من أجل تليين موقفه حيال بقاء بشار الأسد في السلطة، ولم يقدم تنازلًا على هذا الصعيد؛ فظل على موقفه الداعي إلى استبعاد الأسد وأركان حكمه من السلطة كمقدمة من أجل عودة الاستقرار إلى البلاد.
داعمو الائتلاف
وتأتي تركيا ودول بالخليج العربي في مقدمة الداعمين للائتلاف الوطني السوري، إضافة إلى دول في الاتحاد الأوروبي تدفع باتجاه حل سياسي من دون الأسد.
ويعد الائتلاف من أبرز مكونات الهيئة العليا للمفاوضات التي تتولى الإعداد للتفاوض مع النظام في مدينة جنيف السويسرية والإشراف عليها؛ حيث يتولى عضوه نصر الحريري رئاسة وفد المعارضة، كما يضم الوفد أعضاء من الائتلاف.
ويؤخذ على الائتلاف عجزه عن تشكيل جسم عسكري واحد فاعل للجيش السوري الحر؛ ما أدى إلى تشتيت الجهد العسكري والسماح لتنظيمات يتهمها الغرب بالتطرف بالتحكم في مفاصل القرار العسكري في سوريا، وهو ما اتخذه النظام وحلفاؤه ذريعة للفتك بالمعارضة السورية المسلحة.
وحاول الائتلاف الوطني السوري منذ إنشائه تشكيل مؤسسات مدنية بديلة لمؤسسات النظام في المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة؛ خاصة في مجالات الصحة والتعليم والخدمات من خلال الحكومة السورية المؤقتة التي تواجه صعوبات تحول دون قيامها بدورها على أكمل وجه.