يبدو أن صمود الأزهر وشيخه ومن خلفه هيئة كبار العلماء أجبرت نظام السيسي ومجلس نوابه على التراجع عن الحملة التي كانت موجهة للأزهر وشيخه وعلى رأسها مشروع القانون الذي كان بدأ اعداده النائب محمد أبو حامد ولكن رفض هذا القانون بشكل مفاجئ من جانب رئيس مجلس النواب علي عبد العال اعتبر انسحابا وتراجعا لصالح الأزهر.
وتسببت التعديلات التي أجريت على مشروع قانون الأزهر، الذي قدمه النائب محمد أبو حامد إلى مجلس النواب، في غضب ورفض من جانب الأزهر وعلمائه والمتضامنين معهم الذين أكدوا أن القانون يأتي ضمن حملة ممنهجة ضد مؤسسة الأزهر ومحاولة للنيل منه مما أحدث تعاطفا كبيرا مع مؤسسة الأزهر ورموزها وعلى رأسهم شيخ الأزهر.
لا للقانون
وفي هذا السياق قال الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، خلال الجلسة العامة “الاثنين”، إنه لا توجد أيّ مشروعات قوانين بالبرلمان تخص شيخ الأزهر أو المشيخة.
وأضاف: “استبعدت القانون لعوار دستوري؛ لأنه من الأفضل أن يتوقف هذا الاقتراح عند هذا الحد وغلق الموضوع تمامًا، صفحة وطويت، لا حديث فيها من قريب أو من بعيد بعد اليوم”.
ورد الدكتور علي عبد العال على اعتراضات النائب محمد أبو حامد قائلًا: “من حق أي نائب أن يتقدم بمشروع قانون في أي مسألة من المسائل التي تناولها الدستور، وهذا حق دستوري لا غبار عليه؛ ولكن رئيس مجلس النواب عليه مسؤولية، وهي أن يدقق في أي اقتراح قبل تقديمه للجنة المختصة”.
اعتراض أبو حامد
ومن جانبه أبدى النائب محمد أبو حامد اعتراضه على حديث رئيس البرلمان قائلا: “مشروع القانون لم يُقدّم حتى الآن ولا يوجد به عوار دستوري حتى يُرفض”.
وأضاف: “عندما تقدمت للرغبة في تعديل المادة المراد تعديلها في قانون الأزهر نشرتُ القانون في أربع صُحف، وكذلك على الجروبات الجماعية للنواب، وطالبت الجميع بالاطلاع على القانون وإبداء رأيهم فيه”.
وأضاف: “أعلم أن أي نائب يتقدم بقانون إذا كان فيه عطب أو إهانة لأي مؤسسة من مؤسسات الدولة لن يُقبل”.
أبرز التعديلات
ومن أبرز مواد القانون وتعديلاته التي تقدم بها أبو حامد نصت المادة الخامسة من التعديلات على أنه “في حالة إخلال شيخ الأزهر بواجبات وظيفته يحال إلى لجنة تحقيق تشكل من أقدم سبعة أعضاء بهيئة كبار العلماء، بناء على قرار من ثلثي أعضاء الهيئة، وتتولى هذه اللجنة التحقيق معه فيما ينسب إليه وسماع أقواله، وتعد تقريرًا بناء على ذلك إما بتبرئة ساحته أو بإدانته”.
ونصت المادة الثامنة على أن «يعين رئيس الجمهورية إمام وخطيب الجامع الأزهر من بين ثلاثة ترشحهم هيئة كبار العلماء، ويحدد المجلس الأعلى للأزهر الموضوعات التي تتناولها خطب الجمعة بالجامع الأزهر”.
وتم تحديد عدد أعضاء هيئة كبار العلماء بـ50 عضوًا، من بينهم عشرة أعضاء من الخبراء في العلوم الدنيوية الأساسية، وهي البحوث الاجتماعية، الصحة النفسية، الاقتصاد، قضايا ومشكلات المرأة، قضايا ومشكلات الشباب والتنمية البشرية، الشؤون الصحية والطب، البحوث الجنائية، الشؤون القانونية والدستورية، قضايا الأمومة والطفولة، العلوم السياسية، ويكون من بينهم سيدتان على الأقل، بقرار من رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى أن يتم فصل الكليات العلمية والأدبية عن جامعة الأزهر، وتتشكل منها جامعة جديدة هي جامعة الإمام محمد عبده للدراسات العلمية، وتخضع لإشراف المجلس الأعلى للجامعات، ويسمح فيها بدخول الطلبة والطالبات بدون تمييز ديني.
لقاء شيخ الأزهر وتطييب الخاطر
ولم يقف الأمر عند رفض قانون أبو حامد بل تم اتخاذ خطوة أبعد تمثلت في زيارة علي عبد العال رئيس مجلس النواب لشيخ الأزهر د. أحمد الطيب أمس الإثنين، وقال في تصريحات صحفية بعد اللقاء: “أنه التقى الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وأبلغه تقدير المجلس ونوابه لشيخ الأزهر، ودوره في مصر والعالم الإسلامي، وأخطره أن مجلس النواب لم يتلقى أي مشروعات قوانين تتعلق بشيخ الأزهر”.
وشدد “عبد العال” على احترام كل القيادات الدينية في مصر، وأن المجلس حريص على حفظ قاماتهم، خاصة شيخ الأزهر الشريف والبابا تواضروس.
وفي سياق حملة تطييب الخاطر والترضية لشيخ الأزهر قال أحمد حلمي الشريف رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المؤتمر بمجلس النواب إن وفدًا برلمانيًا يضم نحو مائتي نائب سيقوم اليوم”الثلاثاء “بزيارة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بمكتبه.
وأضاف “الشريف”، في بيان له السبت الماضي، أن هذه المبادرة البرلمانية تأتي تأكيدًا لاحترام مجلس النواب للمشيخة ولمقام الإمام الأكبر ليس داخل مصر فقط ولكن على مستوى العالم كله، مؤكدا أهمية الوقوف بجانب الأزهر والتعبير عن تقدير النواب لدوره الرائد والمحوري تجاه جميع القضايا التي تهم الإسلام داخل مصر وخارجها.
ونفى الدكتور أسامة العبد، رئيس لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، وجود أي خلاف بين البرلمان والأزهر الشريف أو وجود تصادم بينهما، مضيفا في تصريحات صحفية خلال زيارته للوادي الجديد، السبت الماضي ، أن محاولات الوقيعة بين مؤسسات الدولة لن تنجح في المساس بوحدة المجتمع، وأن هذه المحاولات محض افتراء وأكاذيب باطلة.
وأضاف أن أهم ما يشغل اللجنة حاليا هو تجديد الخطاب الديني، ونشر قيم الإسلام الصحيح بما يساهم في هدم الإرهاب ودحره، وذلك من المؤتمرات المستمرة والتنسيق الدائم مع الأزهر والأوقاف، مشيرا إلى أهمية الأمن في محاربة الإرهاب بسيناء، شريطة الحفاظ على مصالح الأهالي، وأكد أن اللجنة شددت على ضرورة التصدي للإرهاب بشرط ألا تتضرر الخدمات المقدمة للمواطنين.
نوايا سيئة
وأبدى علماء دين أزهريون رفضهم التام لهذا القانون واعتبروه حملة خبيثة ضد الأزهر ورجاله، فقد قال الدكتور محمد أبو ليلة، أستاذ الدراسات الإسلامية وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: “لا يمكن لشخص بتاريخ النائب أبو حامد أن يكون مسؤولًا عن وضع قواعد لمؤسسة الأزهر، التي تعد منارة الدين الإسلامي في العالم أجمع، بما تمتلكه من مئات العلماء وكبار الشخصيات، التي تدرك مشكلات الأزهر وتستطيع حلها”.
وأضاف “أبو ليلة”، في تصريحات صحفية، أن لا أحد يعارض فكرة التطوير والإصلاح، لكن التوقيت والطريقة والجهة التي يتم بها هذا التطوير تكشف النوايا السيئة التي تسعى للنيل من الأزهر، مشيرًا إلى أن تعديل طريقة اختيار شيخ الأزهر مرفوضة، حيث إن تلك التعديلات ستزج بالأزهر في صراعات داخلية وانقسامات نحن في غنى عنها، وبموجبها أيضًا سيتم اختيار شيخ الأزهر بالموافقة الأمنية، مما يعني ضمان ولائه لفكر معين، وهذا أيضًا مرفوض.