انتقد خبراء ومحللون الاستراتيجية التي تقودها أميركا لهزيمة تنظيم الدولة؛ بسبب قلة وضوحها والمبالغة في الأهداف التكتيكية، والإعراض الكافي عن الأسباب الكامنة وراء الصراع؛ سواء في العراق أو سوريا.
وأعدّت “مؤسسة راند” للبحث والتطوير تقريرًا نشرته صحيفة “سمول وار جورنال” قالت فيه إن “استراتيجية مكافحة الإرهاب الحالية تركز على احتواء تنظيم الدولة وقمعه وقبول اضطراب الوضع الحالي في سوريا والعراق”، موضحة أن السياسة الحالية تهدف إلى إعادة النظام لما قبل ثورات الربيع العربي؛ حيث يريدون إعادة بناء الدول على حساب الديمقراطية وحقوق الإنسان.
واقترح التقرير استخدام نهج الاستقرار المشروع الذي يسعى إلى استقرار طويل الأمد لمواجهة أسباب بدء الصراعات في سوريا والعراق، والتوفيق بين الشعوب العربية وحكوماتهم؛ وبالتالي إزالة الظروف التي سمحت بظهور تنظيم الدولة. وأضاف أن استمرار السياسة الحالية، التي لا تعالج الأزمات، سيتسبب في إدانة أميركا وحلفائها؛ بسبب الأزمات المستمرة واستثمار الموارد دون وجود أي انتصار حقيقي بشأن تحقيق الأمن أو تقليل الإرهاب العالمي.
وقال التقرير إن الاستراتيجية التي تُنفّذ لهزيمة تنظيم الدولة وتدميره تحتاج إلى مراجعة، موضحًا أن الخبراء لا يرون الأزمة بالطريقة نفسها؛ فكل خبير ينتقد الاستراتيجية الحالية من وجهة نظر مختلفة، إلا أنهم أجمعوا على غموض الاستراتيجية الحالية.
وقال التقرير إن الانطباع الذي وصل إلى عديدين هو عدم استقرار الخبراء، سواء من المسؤولين الحكوميين أو المحللين السياسيين في أميركا وأوروبا والعراق وسوريا، على أكثر استراتيجية فعالة لهزيمة تنظيم الدولة.
ورأى التقرير أن الفشل في مواجهة الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع يعني استمرار العنف والاضطراب، ورغم ذلك لم نشهد مجهودات جدية لمواجهتها، سواء في سوريا أو العراق؛ وهكذا اتخذت الاستراتيجية الحالية نهجًا وسطيًا لا يعكس فهم أميركا للحروب غير النظامية.
وركّز التقرير على نظريتين لأسباب بدء الوضع في سوريا والعراق: ملخص الأولى الحرمان من الحقوق، والأخرى تأثير الخلافات الطائفية. وفي حين أن الأخرى ليست أزمة كبرى في الدولتين، والأولى هي السبب العميق؛ بسبب حالة الحرمان التي سبّبتها حكومات الدولتين والحماية التي وجب أن توفّرها لمواطنيها؛ ما أدى إلى خروج المواطنين في تظاهرات للمطالبة بهذه الحقوق.
وبشأن حرمان المواطنين من حقوقهم، اقترح التقرير اتخاذ نهج وتحركات سياسية بجانب التحركات العسكرية التي تهدف إلى الضغط على تنظيم الدولة.
وشدد التقرير على ضرورة قيادة مجلس الأمن القومي باستعراض شامل وكامل لاستراتيجية مكافحة تنظيم الدولة، ويجب أن يركز هذا الاستعراض على قضايا محددة في الاستراتيجية الحالية؛ منها قلة الاتساق الداخلي في الأهداف، والأهداف المحددة بشكل ضعيف، والتركيز الضيق على هزيمة تنظيم الدولة وتدميره، مع التغافل الكافي لتغيير الظروف التي تسمح بظهور هذه الجماعات من الأساس.
واعتبر التقرير أن الاستقرار يعتبر أكثر صلابة واستمرارًا عندما ينشأ بشكل طبيعي من رضا الشعوب عن أداء حكامها ووضعها الاجتماعي والاقتصادي أكثر من قمع الحكومات أو استخدام القوة العسكرية الخارجية.
ورأى التقرير أن أفضل طريقة لتقليل التمرد والإرهاب وإنهائهما هي نقاش الأسباب التي أدت إلى ظهورهما، أو على الأقل إنشاء حكم شرعي في سوريا والعراق؛ ما سيؤدي إلى غياب حركات تمرد أو جماعات إرهابية، مشددًا على أن كل حكومة ستكون قادرة على مواجهة ضياع الحقوق وحماية حقوق كل الجماعات بها. وفي النهاية، سيقلل وجود حكومات شرعية وقوية من التركيز الحالي والخطير على السياسات العرقية والطائفية العنيفة.