سلط تقرير لموقع ““SciDev.Net المختص بالتكنولوجيا والعلوم؛ الضوء على معاناة جامعي القمامة في مصر، ورفضهم خطط الحكومة لتطوير منظومة جمع وفرز المخلفات.
هناك ممارسات إعادة التدوير قياسية في العديد من البلدان؛ إذ تقوم الأسر بفرز القمامة في فئات مختلفة قبل التخلص منها، مع وضعها في حاويات منفصلة مخصصة للنفايات الصلبة، وغيرها من النفايات العضوية.
في مصر؛ لا تزال الأسر تنتج نفايات مختلطة، وهذا يجعل الفرز، قبل إعادة التدوير، واحدة من مهام جامعي القمامة، وهي مهمة تعرضهم لمخاطر صحية خطيرة، وبالرغم من ذلك، اعترض جامعو القمامة في القاهرة على قرار حاكم المدينة مؤخرا بإنشاء نظام لتشجيع المواطنين على فرز وبيع القمامة الخاصة بهم.
ويعد إنشاء أكشاك لجمع القمامة نهجا جديدا تمت تجربته في بعض المناطق في القاهرة في مارس الماضي، والفكرة هي تشجيع الناس على فرز القمامة الخاصة بهم، وبيع المواد الصلبة من خلال هذه الأكشاك، والتبرع بالمال للجمعيات الخيرية التي يختارونها.
ويعتمد جامعو القمامة في المدينة على بيع مواد النفايات لكسب قوت يومهم، ولذلك اعترضوا على القرار بعد اجتماع عقد في 13 أبريل مع شحاتة المقدس، نقيب الزبالين، كما طالبوا بزيادة تكلفة جمع القمامة من المنازل في المناطق التي أقيمت فيها هذه الأكشاك من 5 إلى 30 جنيها مصريا شهرياً .
ويعيش معظم جامعي القمامة في القاهرة في حي عزبة الزبالين، المعروف باسم قرية جامعي القمامة، ويقع الحي على طول الطريق المؤدي إلى حي المقطم، حيث تفرغ المركبات أطنان القمامة التي يجمعها سكان الحي قبل فرزها ومعالجتها وإعادة تدويرها.
وبمجرد أن تطأ قدمك في المنطقة، تواجه بريحة كريهة، تدفعك للتساءل ،عن كيف للمقيمين في هذا المكان أن يتأقلموا مع هذه الرائحة ، ويقول مجدي مسعد، أحد جامعي القمامة، متفاخراً بقدرته على تحمل مهنته الشاقة “تماما مثلما لا أستطيع أنا أن أكتب مثلك، لا يمكنك أنت أن تتحمل هذه الرائحة، إنها مهنتي، التي أكسب منها قوت يومي”.
ويقول محمد بكري، 57 عاما؛ أحد العمال الذين يفصلون المواد الصلبة، مثل البلاستيك والزجاج، ليتم إرسالها إلى المصانع قبل إعادة التدوير، في حين يتم إيداع النفايات العضوية في مدافن النفايات التي تديرها المدينة.
“هذه مهنتي، ولا أجيد أي شيء آخر، وكل مهنة لها أخطارها الخاصة”، واكتشفت لاحقاً أن بكري قد أصيب بفيروس التهاب الكبد الوبائي سي؛ ومع ذلك لم يكن يرغب في مهنة مختلفة ، ووصل إلى سن من الصعب الحصول فيه على وظيفة أخرى، ويضيف “محمد” الذي يلف قطعة من القماش على يده المجروحة بسبب عمله “أحصل على 80 جنيه من عملي هذا، أنفقها على أطفالي”، ويستطرد بابتسامة رضا: “أدام الله هذه المنهة ، ويبعد عنا أكشاك القمامة”.
ويرفض سعيد كيرلس الذي يعمل في فرز القمامة هو وزوجته وابنتيه فكرة إنشاء الأكشاك في المدينة، ويقول إنه لا يهتم بالمخاطر الصحية التي قد تؤثر على أسرته؛ ويضيف: “خطة الحكومة بدأت ب 10 اكشاك يعمل بها ثلاثة اشخاص فى كل منها، وتوفير 30 وظيفة”، ومن ناحية أخرى، سيؤثر ذلك على آلاف الأسر التي تعمل بالفعل في هذا المجال.
ويتوقع شحاتة المقدس، نقيب الزبالين، أن تفشل فكرة الأكشاك، ويعتقد أنها ستجعل القاهرة أكثر تلوثاً، ويقول: “ما الذي يدفعني على جمع القمامة إذا كنت أعرف أنها لا تحتوي على المواد الصلبة التي أحتاجها؟”، مشيراً إلى طن من الزجاج قام بجمعه.
ويوجه “شحاته كلامه إلى كاتب التقرير قائلاً: “هذه الرائحة التي لا يمكن أن تتحملها لفترة قصيرة أثناء كتابتك للتقرير، ستكون في جميع شوارع القاهرة إذا قررنا الإضراب”.
وبحسب إسلام جمال الدين، الأستاذ في معهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، فإن المشكلة ليست مجرد رائحة، فهناك أيضا غازات سامة يمكن أن تتسلل إلى الهواء نتيجة لتحلل النفايات العضوية مثل الميثان وأكاسيد النيتروجين وكبريتات الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون.
ويعتقد “إسلام” أن شحاتة المقدس وزملائه في جمع القمامة لديهم دور كبير في تجنب ترك القمامة في المدينة دون جمعها، وفي الوقت نفسه، يعتقد جمال الدين أنه يجب تصميم نظام متكامل بطريقة لا تجعل جامعي القمامة عرضة للأمراض المعدية التي يمكن أن تصيبهم أثناء فرز القمامة.
ويشير “إسلام” إلى أن معظم العمال مصابون بفيروس التهاب الكبد الوبائي “سي” لأنهم على اتصال مباشر بالنفايات الطبية، مثل الإبر التي قد تحتوي على دم مصاب بالفيروس.