جاءت اتهامات السودان الأخيرة لمصر بدعم المعارضة في دارفور أو حكومة جنوب السودان وإمدادهما بالأسلحة ليجدد التوتر بين البلدين مرة أخرى ويزيد الأمور اشتعالا، خاصة بعد تصريحات البشير الأخيرة واتهامه لمصر باحتلال جزء من ارض السودان، هذا كله يجعل المراقبين ينظرون الي هذه العلاقات بعيت التشكك في تحسنها علي الاقل في الوقت الراهن.
مدرعات مصرية في دارفور
وطبقا لصحيفة “صدى الأحداث “السودانية؛ أعلن أمين حسن عمر، مبعوث الرئيس السوداني للمفاوضات والتواصل الدبلوماسي حول إقليم دارفور، أن الجماعات المتمردة التي نفذت السبت الماضي هجوما على إقليم دارفور استخدمت معدات عسكرية مصرية.
وأضاف “عمر”، في مؤتمر صحفي “الإثنين” في العاصمة السودانية الخرطوم: “نعرف أن مصر تدعم حليفها في ليبيا اللواء خليفة حفتر، كما تدعم دولة جنوب السودان أيضا بالسلاح”.كاشفا ان”القوات المتمردة دخلت من دولتي جنوب السودان وليبيا، وهي تستخدم مركبات ومدرعات مصرية”.
هجوم البشير
ومؤخرا هاجم الرئيس السوداني عمر البشير الحكومة المصرية، في حديث له مع قناة “الجزيرة”، قائلا: “إن بلاده تتحلى بالصبر إزاء مصر رغم احتلالها أراض سودانية”.
وأكد أن بلاده لم تقم بأي إساءة إلى مصر رغم “احتلال مصر” حسب قوله جزءا من الأراضي السودانية دون أن يسمي هذه الأراضي.
واتهم البشير الإعلام المصري العام والخاص يعمل على الإساءة إلى السودان، وأن بلاده مع ذلك تصبر على هذه المعاملة لأن العلاقات المصرية السودانية تاريخية وروابطها قوية جدا.
وفي فبراير الماضي، وخلال لقاء البشير مع رؤساء تحرير الصحف السودانية أثنا جولة خليجية اتهم مصر بدعم دولة جنوب السودان بالأسلحة والذخائر رغم أنه قال أن الحكومة المصرية لن تقاتل في جنوب السودان لكن المعارضة المسلحة بجنوب السودان بقيادة رياك مشار قبل أسبوعين اتهمت مصر بدعم حكومة سلفاكير ميارديت عسكريا ضد ما تواجهه من تمرد.
وأتت الاتهامات بعد زيارة ميارديت للقاهرة التي توقع مراقبون أن تكون نفسها قد أوغرت صدر البشير، الذي اتهم -في الحديث ذاته- المخابرات المصرية بالتعامل مع بلاده بعدائية وقال إن أجهزة قريبة من الرئيس كانت ترفض ذهابه للخرطوم
ولم تقف اتهامات السودان عند هذا الحد بل ووصف وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور الموقف المصري بالإبقاء على العقوبات المفروضة منذ أكثر من 11 عاما بأنها خطوة “شذّت عن كل المواقف المصرية طوال السنوات الماضية”.
وقال “البشير”، في خطابه الذي ألقاه في احتفاليه قدامي المحاربين، بمقر وزارة الدفاع السودانية بالخرطوم، اليوم الثلاثاء أن “القوات المسلحة استولت على عربات ومدرعات، للأسف مصرية”.
وتابع الرئيس السوداني، أن: “المصريون، حاربنا معهم منذ 1967، وظللنا نحارب لمدة 20 سنة، ولم يدعمونا بطلقة، والذخائر التي اشتريناها منهم كانت فاسدة”.
غضب وامتعاض مصري
وتاتي الاتهامات السودانية مقابل اتهام وامتعاض القاهرة مما تعتبره خذلانا من الخرطوم إزاء ملف سد النهضة وتأثيراته على الحصة المصرية في مياه النيل فضلا عن اتهامات مصرية للسودان بإيواء مطلوبين مناهضين لنظام السيسي وهو ما نفاه البشير مؤكدا أن سياسة بلاده مبنية على عدم إيواء أي نشاط معاد لأي دولة.
مصر تنفي
ومن جانبها رفضت مصر اتهامها من جانب السودان بـ”دعم استمرار فرض العقوبات الدولية على السودان بسبب الأوضاع في دارفور، مؤكدة أنها قامت بدور فعال في اعتماد قرار متوازن في مجلس الأمن يحافظ علي المصالح العليا للشعب السوداني.
وفي هذا السياق نفى الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبوزيد في بيان له أن “تكون مصر فعلت ذلك وكان من الأحرى أن يستقي الأشقاء السودانيون معلوماتهم بشأن المواقف المصرية من بعثة مصر الدائمة لدي الأمم المتحدة مباشرة، خاصة وأن التنسيق بين البعثتين المصرية والسودانية قائم”.
وأوضح “أبو زيد” أن “سفارة مصر بالخرطوم أوضحت للأخوة السودانيين بما لا يدع مجالا للشك أن مصر تتبنى المواقف الداعمة لمصلحة الشعب السوداني”.
الإعلام جزء من المشكلة
وفي تعليقه علي ما تشهده هذه العلاقات قال السفير عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنه يأسف لمظاهر التوتر بين النظامين، وأن يكون هناك مناوشات، مثلما يحدث الآن.
وأبدى الأشعل، في تصريحات صحفية، تخوفه من أن تصل الخلافات بين مصر والسودان الي محطة النهاية، في حال أن يتهور طرف ضد الآخر.
من جانبه؛ قال أستاذ القانون الدولي العام وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أيمن سلامة “إن الخلافات بين البلدين لن تنتهي بشكل ودي، إلا من خلال حلول دبلوماسية جادة بين الطريق”.
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن الإعلام المصري تبني في الفترة الأخيرة حملة إعلامية تهدد بضرب السودان وتشوهها، بحسب قوله، مضيفا إن “تلك الحملات جعلت الجانب السوداني يشعر أن مصر تكن له مشاعر الحقد والكره”.