جاء الإجراء الجديد للسلطات المصرية بإدراج 15 صحفيا ضمن القوائم الإرهابية ليؤكد استمرار عبد الفتاح السيسي في موقفه المعادي للصحافة خاصة أنه جاء بعد أيام قليلة من حجب 21 موقعا إخباريا والأخطر هذه المرة أن الإجراءات تكون في أشكال قانونية بهدف منهجة وشرعنة وتقنيين هذه الانتهاكات وهو ما يرفضه صحفيون وإعلاميون واصفين ذلك بالإجراءات الغريبة والمسيئة لمصر والمستهدفة لصحافتها وإعلامها
صحفيون إرهابيون
ففي هذا السياق نشرت الجريدة الرسمية المصرية أمس السبت قرارًا للدائرة 16 بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار عبدالظاهر الجرف وعضوية المستشارين عبدالباسط الشاذلي ومحمود مصطفى الرئيسين بمحكمة الاستئناف، بإدراج مواطنين مصريين ضمن قائمة الكيانات الإرهابية.
وتضمن القرار إدراج 15 صحفيًا وإعلاميًا ضمن هذه القائمة بتهم نشر أخبار كاذبة عن الأوضاع في مصر، كما ظهر من القرار رغم أن المحكمة برأت صحفيين مدرجين في القائمة من التهم المنسوبة إليهم، إلا أنهم جاءوا بالقائمة دون مبرّر لضمهم إلى قائمة إرهابية بتهم بُرئوا منها.
وشملت قائمة أسماء الصحفيين والإعلاميين كلًا من وليد عبدالرؤوف شلبي (الحرية والعدالة)، وجمال فتحي نصار (المختار الإسلامي)، وأحمد سبيع (آفاق عربية)، وخالد حمزة (إخوان ويب)، ومجدي عبداللطيف (أخبار الْيَوْم)، ويوسف طلعت (قناة الشباب)، وهاني صلاح الدين (اليوم السابع)، وإبراهيم الطاهر(أخبار الْيَوْم)، ومسعد البربري (مصر ٢٥)، وعبده مصطفى دسوقي (إخوان ويب)، وأحمد محمود عبدالحافظ (منتج تلفزيوني)، ومحمد الصنهاوي (حر)، وسامحي مصطفى (رصد)، ومحمد مصطفى العادلي (قناة أمجاد)، وعبد الله الفخراني (رصد).
واستند قرار الدائرة 16 بمحكمة الجنايات إلى لائحة الاتهام في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”غرفة عمليات رابعة”، التي أصدرت محكمة الجنايات فيها حكمها النهائي يوم 8 مايو المنصرم وبرّأت صحفيين وإعلاميين أدرجت الدائرة 16 أسماؤهم ضمن القائمة الجديدة، وهم أحمد سبيع وهاني صلاح الدين ومسعد البربري ووليد شلبي وعبده مصطفى.
ووفقًا لقرار الدائرة 16، فإن الإعلاميين الواردة أسماؤهم في القائمة “أذاعوا عمدًا في الخارج أخبارًا وبيانات وإشاعات كاذبة عن الأوضاع الداخلية للبلاد، بأن بثوا عبر شبكة المعلومات الدولية وبعض القنوات الفضائية مقاطع فيديو وصورًا وأخبارًا كاذبة للإيحاء للرأي العام الخارجي بعدم قدرة النظام القائم على إدارة شؤون البلاد، وكان من شأن ذلك إضعاف هيبة الدولة”.
المرصد العربي يدين
ودان المرصد العربي لحرية الإعلام، في بيان له، هذا القرار، حيث قال إنه لم ينبنِ على أيّ أساس قانوني؛ بل ارتكز على خصومة وتصفية حسابات سياسية، ومعاقبة صحفيين وإعلاميين بسبب ممارستهم لعملهم المهني في نقل الأحداث.
وأضاف: “ما يؤكد غياب الأساس القانوني للقرار أن عددًا من هؤلاء الصحفيين والإعلاميين أُدرجوا أيضًا في قائمة كبرى للكيانات الإرهابية ضمت 1500 مواطن يوم 17 يناير الماضي، وكان من بينهم 28 إعلاميًا”.
ووصف المرصد القرار الجديد بأنه “جاء في سياق حملة ممنهجة لقمع حرية الصحافة في مصر بدأت منذ وقوع انقلاب الثالث من يوليو 2013، كان أحدث إجراءاتها حجب 21 موقعًا إخباريًا إلكترونيًا”، بحسب نص البيان.
ويترتب على إدراج هؤلاء الصحفيين في قائمة الكيانات الإرهابية حرمانهم من حق السفر خارج البلاد وسحب جوازات سفرهم والتحفظ على ممتلكاتهم طبقا للمرصد.
حجب ورفض واستنكار
ويأتي هذا القرار بعد أيام قليلة من قرار حجب 21 موقعا إخباريا مصريا وعربيا، وهو ما أثار موجة عارمة من الغضب والاحتجاج، حيث وصفه صحفيون وحقوقيون بأنه انتهاك ممنهج ضد الصحافة والصحفيين.
وأصدرت السلطات المصرية مؤخرا قرار بحجب 21 موقعًا إلكترونيًا داخل جمهورية مصر العربية، حيث شملت القائمة، موقع الجزيرة ومواقع تابعة لها، إضافة إلى مواقع “مصر العربية”، و”عربى 21″، و”الشعب”، و”قناة الشرق”، و”كلمتي”، و”الحرية بوست”، و”حسم”، و”حماس”، و”إخوان أون لاين”، و”نافذة مصر”، و”بوابة القاهرة”، و”رصد”.
ليست الأولى
وتلجأ السلطة إلى سياسة حجب المواقع الإخبارية وقرارات حظر النشر، بحسب الحقوقي جمال عيد؛ للحيلولة دون نشر أخبار الانتهاكات القانونية والحقوقية.
وليست هذه هي السابقة الأولي فقد سبق أن حُجِبَت العديد من المواقع التي تراقب العملية الانتخابية في يوم التصويت في الانتخابات البرلمانية في شهر نوفمبر 2010، وقطعت اﻻتصالات بشكل عام عن مصر يوم 28 يناير من عام 2011 بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات خلال ثورة يناير.
الحجب ممنوع قانونا
وطبقا لحكم صادر من محكمة القضاء الإداري عام 2007 فإن القانون يمنع حجب المواقع الإلكترونية، وذلك في الدعوى رقم 15575 لسنة 61 ق برفض ومنع حجب المواقع من الجهة الإدارية.
وجاء في نص الحكم الصادر بتاريخ 29 ديسمبر 2007 أن حجب موقع بالصحافة الإلكترونية من ذات جنس حظر صحيفة مكتوبة، ما يعد بمثابة قيد على حرية التعبير وهو أمر محظور دستوريًا.
خبراء يستنكرون
وقال الكاتب الصحفي، خالد الشريف، المتحدث الإعلامي باسم حزب البناء والتنمية؛ أن “إدراج الصحفيين على قوائم الإرهاب هو عدوان صريح على حرية الصحافة وإرهاب جديد يمارس ضد الإعلاميين، فلأول مرة في تاريخ الصحافة يصبح الصحفيون إرهابيون وهذا ما حدث في عهد السيسي الذي لا يريد سوى صحافة التطبيل والتزمير والنفاق أما عدا ذلك فهم إرهابيون في نظره”، بحسب ما قاله.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ”رصد”: “أقول إذا رضيَ نقيب الصحفيين ومجلس النقابة بهذه الأوضاع المزرية للمهنة والهوان والذل لصاحبة الجلالة فالدور سوف يأتي على الجميع وعبد الفتاح السيسي سيمنع ويصادر العمل الصحفي في مصر ليكون في مأمن على كرسيه ولا يسمع أي كلمة وهذا هو حال أي دكتاتور يعادي الصحافة وحرية الكلمة”.
فوضى إعلامية
وقال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ورئيس لجنة رصد وتقييم الأداء الإعلامي السابق، أن القنوات والمنابر الإعلامية المحسوبة على السلطة أحدثت فوضى عارمة في المشهد الإعلامي منذ ثورة 25 يناير 2011 حتى الآن، دون أن يقول لهم أحد بأن ما يفعلونه شيء مخجل وعار على الإعلام، على حد قوله.
وأضاف “العالم”، في تصريحات صحفية: “هذه المرحلة التي تمر بها البلاد، مرحلة طوارئ، وملامح التقييد على حرية الرأي بارزة بصورة كبيرة للدخول في مرحلة اتجاه إعلامي أحادي الجانب وعصر الصوت الواحد في ظل أعضاء هيئة وطنية للإعلام أمضوا عقودًا من الزمن في خدمة النظام على حساب المهنية، ومن ثم لابد أن يشعر الجميع أن هناك صوتًا أكثر استقلالية ومهنية لمجالس تنظيم الإعلام في مصر حتى لا تتحول إلى مجرد كيانات وهمية”.