“لا يقع اللوم المصري على عاتق ترامب، فسياساته تجاه مصر هي سياسات أوباما نفسه؛ وإنما يتحمل المصريون اللوم الأكبر منذ أن تركوا سياسات السيسي تتحكم فيهم وتخيّلوا أن ما يقوله سيفعله”.
جاء هذا في تقرير نشره موقع بلومبيرج الأميركي للتعليق على حجب المواقع الصحفية وإصدار قانون يقيّد العمل الخيري في “الجمعيات الأهلية”.
وعلّق الإعلام الأجنبي على إصدار قانون تنظيم عمل الجمعيات الأهلية وحجب المواقع الصحفية بشكل سلبي؛ فألقت صحيفة “واشنطن بوست” اللوم على الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأنه لم يشدد على قضية حقوق الإنسان في مباحثاته مع السيسي.
وقالت الصحيفة إن ذلك أدى إلى اتخاذ حكومة السيسي سلسلة إجراءات قمعية جديدة؛ منها حجب مواقع إلكترونية وإصدار قانون الجمعيات الأهلية، ودعت الكونجرس إلى منع المساعدات العسكرية لمصر؛ باعتبار أنه من يقرر المساعدات لمصر.
وأضافت أن أستاذ القانون الدولي بجامعة هارفارد “نوح فيلدمان” دعا المصريين إلى التوقف عن تحميل دونالد ترامب أو الأميركيين بصفة عامة مسؤولية استفزازات الحكومة للشعب في الوقت الحالي، وأن يواجه نفسه من أجل الوقوف على الأسباب والنتائج.
وقال نوح إن السبب الحقيقي لقمع السيسي معارضيه والقيود على حقوق الإنسان والمؤسسات الخيرية الأخرى يرجع إلى أنه لم يعد أحد أو جهة ما قادرًا على مواجهة السيسي أو تحقيق التوازن في مواجهته، في ظل حظر جماعة الإخوان المسلمين وسجن قادتها.
وقال إن أوباما دعم السيسي أيضًا ورفض اعتبار استيلائه على السلطة في 2013 انقلابًا، وأعاد في نهاية المطاف المساعدات العسكرية إلى مصر كاملة، وتغلبت قيمة مصر بالنسبة إلى الإدارة الأميركية على قيمة الديمقراطية.
وهذا الرأي يستحق أن يؤخذ على محمل الجد، لكن أحداث الربيع العربي وما أعقبها شهدت تحوّلًا تاريخيًا هامًا يجب أيضًا أن يؤخذ على محمل الجد؛ لا سيما وأنه لم يكن للولايات المتحدة أي شيء تقريبًا عن التدفق العفوي للمشاعر المناهضة للسلطوية في عام 2011 التي جلبت الملايين إلى الشوارع وساعدت في إسقاط الحكم الاستبدادي لحسني مبارك، وللمرة الأولى منذ قرن تقريبًا كان المصريون يعبّرون عن إحساسهم بالمسؤولية السياسية.
وكما اتضح، فإن حكومة الإخوان المسلمين في عهد محمد مرسي ارتكبت أخطاء كثيرة، وفشلت بشكل كبير في إنشاء تحالف واسع من شأنه أن ينتقل بها نحو مزيد من الديمقراطية، وفي الوقت نفسه كانت مهمة مرسي مثقلة بالأعباء؛ لا سيّما في ظل وجود مؤسسات لها هدف ثابت، وهو الإطاحة به؛ خاصة المحكمة الدستورية المصرية التي حلّت الهيئة التشريعية الوطنية بعد انتخابات حرة.
وانتهى التقرير إلى أنه من غير المرجح أن يكون لدى المصريين أيّ شكل من أشكال الديمقراطية لجيل واحد على الأقل، وهذا أمر سيئ وضعوا أنفسهم فيه؛ داعيًا المصريين إلى انتقاد الأوضاع والسعي إلى السيطرة على مقاليد المجتمع المدني الذي تسعى السلطة إلى إخفاء معالمه.