تكشف تحركات تنظيم الدولة الأخيرة أنه يريد تكوين جناح غربي له موازٍ لجناحه الشرقي بسيناء، ولعل الأحداث الأخيرة تؤكد هذا بوضوح بصرف النظر عن الاماكن التي يتحرك منها التنظيم سواء من داخل مصر او من خارجها وتحديدا ليبيا كما تردد الاجهزة الأمنية في مصر.
المنيا والواحات
وجاء بيان القوات المسلحة الاخير ليؤكد هذا التطور حيث أعلن المتحدث العسكري المصري، الأربعاء الماضي 31 مايو مقتل 3 ضباط ومجند إثر انفجار حزام ناسف كان بحوزة أحد الأفراد المستهدفين أثناء حملة برية لقوات الجيش في الواحات البحرية.
وقال المتحدث العسكري، في بيان، على صفحته ب”فيسبوك”، إن القوات الجوية دمرت عربتي دفع رباعي، كان “على متنهما العناصر الإرهابية المرصودة”، حسب البيان في شمال شرق منطقة البويطي بالواحات.
وأضاف أنه أثناء تمشيط القوات البرية “المنطقة المشار إليها، والتعامل مع بعض المضبوطات، انفجر أحد الأحزمة الناسفة الخاصة بالعناصر “الإرهابية” -حسب البيان -مما أسفر عن مصرع عدد (3) ضباط وجندي”.
وفي 26 مايو2017 شهد الطريق الصحراوي الغربي بالمنيا بدائرة مركز العدوة استهداف لحافلة تقل أقباط كاتوا في طريقهم إلى دير صموئيل الذي يبعد عن الطريق 30 كيلومترا داخل الجبل ما أسفر عن وقوع قتلى وصلوا نحو 24 شخصا وأصيب 27 آخرين.
بدايات منذ فترة
والعمليات في هذه المنطقة ليست وليدة شهر مايو الماضي فقط ولكنها بدأت منذ فترة؛ ففي 16 يناير 2017 هاجم مجموعة من الملثمين كمين النقب على بعد 80 كم من مدينة الخارجة بالوادي الجديد بسيارات دفع رباعي مما أسفر عن مقتل 2 من العناصر المسلحة، و 8 من قوة الكمين، وإصابة 3 آخرين.
وفي 10 أبريل 2017 شنت مديرية أمن أسيوط حملة على منطقة الجبل الغربي بين مركزي القوصية ومنفلوط وادي إلى مقتل 3 عناصر.
وفي 22 سبتمبر 2015 شهدت منطقة جبل القوصية وديروط في أسيوط استهداف الأمن لبعض الأشخاص مما أسفر عن مصرع 10 أفراد، كما تم القبض على 9 آخرين حسب بيان الداخلية.
بيان الداخلية يعترف
وللتأكيد علي هذا التمدد؛ قالت وزارة الداخلية في أبريل الماضي أن “الأمن الوطني تمكن من ضبط بؤرة تبنت أفكار ومعتقدات تنظيم الدولة، واضطلعوا بجمع الأموال وتجنيد بعض العناصر بعدة محافظات والتي اتخذت شكل الخلايا العنقودية من خلال استقطابهم من على مواقع الإنترنت وإقناعهم بمواجهة النظام الحاكم”.
وطبقا لبيان الداخلية وقتها فقد تزعم تلك البؤرة من محافظة “بورسعيد” شقيقان هما “ممدوح ومحمد . ال”، ونجحا في استقطاب العديد من العناصر وإقناعهم بالانضمام للمقاتلين بسوريا وليبيا وسيناء، وفق صحف مصرية.
وأضاف البيان إنه “تم ضبط 40 متهما ضمن هذه الخلايا فى محافظات القليوبية وأسوان وقنا، ورأس هذه الخلايا كانت فى محافظة بورسعيد بقيادة الشقيقين المشار إليهما”.
وقال البيان “تمكن الشقيقان من استقطاب بعض العناصر المنتمية إلى هذه الأفكار المتطرفة، وإقناعهم بالانضمام للتدريب معهم والتنظيم للسفر إلى السودان وليبيا للتدريب هناك؛ ومنهما يتجهوا إلى ساحات القتال فى سوريا وليبيا وسيناء”،
وأكد، أنه تم استقطاب هؤلاء الشباب من خلال مواقع شبكة المعلومات الدولية، وكونوا خلايا عنقودية على مستوى المحافظات السالف ذكرها؛ ليصبحوا 40 متهما فى محافظات (بورسعيد – القليوبية – أسوان – قنا).
وأشار إلى أنه تم ضبط عدد من الأسلحة النارية من بنادق آلية ومسدسات وذخائر بحوزة المتهمين، وتم تحرير محاضر بالضبط وإحالة المتهمين لنيابة أمن الدولة العليا لمباشرة التحقيقات.
تنظيم الدولة يعبر القناة
وفي مقال له؛ نبه الكاتب البريطاني “روبرت فيسك” إلى هذه التطورات، وأورد ذلك في مقال له بصحيفة “الإندبندنت”، قال فيه” “والحقيقة غير المعلنة هي أنّ جزءًا كبيرًا من شبه جزيرة سيناء ظل تحت سيطرة تنظيم الدولة لعدة أشهر، حيث هاجم مسلحون، في ظاهرةٍ مرعبة، كلًا من المسيحيين وجنود الجيش والشرطة في الأراضي الواقعة بين قناة السويس وغزة. وادعى السيسي بأنّه «يحقق الفوز في الحرب على الإرهاب». لكنّ الواقع يقول، أنّ قوانينه الخبيثة تخلق المزيد من الإرهاب عن طريق إحباط آلاف الشباب عن أي أملٍ في العودة إلى الديمقراطية”.
وبعد أشهرٍ من قيادته الانقلاب العسكري،- حسب فيسك- أصبح “السيسي” رئيسًا، بعد نصرٍ انتخابي وهمي في سيناريو مصريٍ معتاد. وأصر الذين أيدوا استيلاءه على السلطة أنّه نجح في إبقاء تنظيم الدولة على الضفة الأخرى من القناة.
لكن في الواقع، فشل الجيش والشرطة في إبقائهم هناك. وأصبحت “داعش” الآن في القاهرة والإسكندرية، ويفترض أنّهم موجودون أيضًا في جميع المدن الفقيرة الأخرى على جانبي النيل في صعيد مصر والدلتا. ويبدو أنّنا سنشهد المزيد من عمليات القتل في شوارع العاصمة بعد التفجيرات التي وقعت في الإسكندرية وطنطا، وهذا هو سبب عودة الجيش إلى الشوارع. وربّما تحوّل عملهم نحو قتال الشوارع إذا لزم الأمر، كما فعلوا في قرى سيناء على مدى العامين الماضيين، بحسب ما قاله “فيسك” في مقاله
فشل أمني
ومن جانبه؛ أكد العميد محمود قطري تمدد تنظيم الدولة وانتشاره خارج سيناء، مدللا علي ذلك بالعمليات المتعددة الأخيرة خاصة تلك التي حدثت بالكنيسة البطرسية بالقاهرة او كنيسة طنطا او ما جري بكنيسة الاسكندرية في أبريل الماضي، مشيرا إلى آن مساحة تمدد التنظيمم تتسع من وقت لآخر وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الفشل في مواجهة التنظيم وحصاره في منطقة سيناء”.
وأضاف “قطري”، في تصريحات صحفية: “إن ما جرى مؤخرا بالصحراء الغربية يعد مؤشرا خطيرا جدا ونقلة نوعية في تمدد التنظيم ونجاحه ليس في الوصول إلى هذه المناطق بل والضرب فيها بقوة لا تقل عما يحدث في سيناء ولعل حادثة المنيا الأخيرة مؤشرا قوي علي هذا وقبلها واقعة الواحات ومقتل عدة ضباط وجنود وهذا كله يؤكد علي عدم وجود إستراتجية حقيقية من جانب وزارة الداخلية للتصدي للتنظيم وعملياته التي كان يجب أن يتم القضاء عليها في سيناء فإذا بها تنتشر في الوادي والدلتا”.