تشهد العلاقات المصرية الجزائرية توترا ملحوظا قبل اجتماع وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يوم 5 يونيو المقبل لمناقشة الأزمة الليبية.
وأثارت غارات الطيران المصري على ليبيا غضب الجزائر، والتي ترفض أي تدخل عسكري في ليبيا، ودعم أي طرف من أطراف الصراع ضد الطرف الآخر، مؤكدة أن هذا سيزيد من الأزمة الليبية.
وطالبت جماعة الإخوان المسلمين بليبيا النظام الجزائري بموقف حازم ضد الموقف المصري، ووقف الهجمات المصرية على ليبيا، مؤكدة أن الموقف الجزائري بشأن الأزمة هو الأكثر عقلانية، وأن على مصر تقبل ضرورة مشاركة جميع الأطراف السياسية في العملية السياسية في ليبيا، وأن سياسة استهداف الإسلاميين لن تجدي نفعا.
وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر
وأعلنت السلطات الجزائرية، عن اجتماع وزراء خارجية الجزائر ومصر وتونس يومي 5 و6 من يونيو المقبل، بالجزائر العاصمة؛ لإعداد “تقييم للوضع في ليبيا على ضوء التطورات الأخيرة على الصعيدين السياسي والأمني”.
وقال الناطق باسم وزارة الشئون الخارجية الجزائرية عبد العزيز بن علي الشريف، في تصريح اليوم “الأحد”، إنه “في إطار مواصلة التشاور بين الجزائر ومصر وتونس يجتمع وزراء الشئون الخارجية، السادة عبد القادر مساهل، وسامح شكري وخميس الجيهناوي يومي 5 و 6 يونيو المقبل بالجزائر العاصمة لإعداد تقييم للوضع في ليبيا على ضوء التطورات الأخيرة على الصعيدين السياسي والأمني”.
وأضاف المسئول أن الوزراء الثلاث سيعدون “تقييما للجهود التي يبذلها الليبيون أنفسهم ودول الجوار وأعضاء المجتمع الدولي الآخرين وكذلك تلك المبذولة في إطار هذا التشاور الثلاثي الرامي إلى مرافقة الأطراف الليبية على درب التسوية النهائية للازمة التي تضرب هذا البلد الشقيق والجار”.
إخوان ليبيا تطالب الجزائر بالتدخل
ودعا رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان الجزائر إلى لعب دور أقوى في رفض ومنع التدخل العسكري المصري والأجنبي في ليبيا، مثمناً الدور الجزائري إزاء الأزمة في ليبيا.
“صوان” قال في حديث لوكالة قدس برس: “نحن نثمّن سياسة الجزائر في ليبيا، ففي كل المحطات كانت سياسة الجزائر إيجابية تجاه ليبيا وقد تواصلنا كحزب مع المجلس الرئاسي وطلبنا منه التواصل مع دول الجوار الليبي وعلى رأسها الجزائر وقد سمعنا أن هناك رفضا جزائريا للتدخل الخارجي في ليبيا، وهذا ما نتوقعه من الجزائر إزاء التدخل المصري الحالي في شؤون بلادنا”.
واعتبر زعيم حزب العدالة والبناء المقرب من جماعة الاخوان المسلمين أن استمرار القصف المصري لليبيا هو انتهاك للسيادة الوطنية، معتبراً هذا القصف مخالفة للقوانين الدولية وتصدير للمشاكل المصرية إلى ليبيا من خلال استغلال الظروف الاستثنائية التي تعيشها.
ونوّه “صوّان” إلى أن تبرير السلطات المصرية لتدخلها في الشأن الليبي بمحاربة جماعات إرهابية غير مبرر، وقال: “الشعب الليبي هو أكثر الشعوب رفضا للإرهاب ومحاربة لها وقد أثبت ذلك في حربه على المجموعات المتطرفة في سرت وغيرها من المدن الليبية وإذا كانت هناك مجموعات إرهابية ضيقة كما تتدعي السلطات المصرية فإن القوانين الدولية تقتضي أن يتم التنسيق مع الجهات الرسمية في ليبية ممثلة في المجلس الرئاسي لمتابعة هذا الملف”.
وحول موقف المجتمع الدولي إزاء القصف المصري لليبيا قال “صوّان”: “للأسف المجتمع الدولي مصطلح مضلّل وهو مجرّد تقاطع مصالح وولاءات ولا يوجد مجتمع دولي لذلك حتى الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه أواخر العام 2015 في الصخيرات المغربية لاحظنا أنه لا توجد إرادة دولية لتنفيذه”.
واختتم رئيس حزب العدالة والبناء حديثه قائلاً: “ما تقوم به مصر في ليبيا هو دور سلبي للتشويش على الحل السياسي في ليبيا ولتصدير مشاكلها الداخلية”، على حد تعبيره.
غضب جزائري
ونشرت صحيفة “موند أفريك” الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الخلاف القائم بين كل من الجزائر والقاهرة بسبب الصراع في ليبيا.
وقالت الصحيفة أن الضربات التي قادتها القوات الجوية المصرية الموجهة ضد مناطق في ليبيا أثارت قلق الجزائر، التي لا زالت تنتهج مبدأ عدم التدخل العسكري في ليبيا رغم استنفار جيشها على طول الحدود المتاخمة للجارة المضطربة.
وأكدت الصحيفة أن الجزائر رفضت في السابق تدخل فرنسا عسكريا في مالي سنة 2013، كما أنها ترفض أيضا أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا.
وبحسب مصدر مقرب من وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية فإن الجزائر “تفكر مليا في الخسائر التي يمكن أن تتكبدها فيما بعد نتيجة لأي تدخل عسكري سريع وغير عقلاني في دولة متوترة”.
وأضاف نفس المصدر مؤكدا أن “الجزائر تؤمن بلغة الحوار والعودة إلى طاولة المفاوضات، كما أنها تشجع على اتخاذ الحلول الدبلوماسية.
أما بالنسبة للتدخل العسكري الذي يخدم مصلحة طرف على حساب آخر، فسيزيد الوضع تعقيدا مما يصعب مهمة الخروج بحل في المستقبل”.
الجزائر تحتج
وفي هذا الإطار، أكد مسؤول دبلوماسي جزائري أن “الجزائر احتجت ضد إجراءات السيسي التي اتخذها في ليبيا”. وفي الوقت عينه، طالبت الجزائر في بيان رسمي وضع حد للضربات الجوية المصرية التي تطال أهدافا في التراب الليبي.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحزابا سياسية ليبية استنجدت بالجزائر طالبة الحماية تزامنا مع الضربات الجوية المصرية الأخيرة، حيث اتصل قادة هذه الأحزاب بأحمد أويحي، أحد ركائز قصر المرادية الرئاسي في الجزائر.
وأكد مصدر جزائري للصحيفة أن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي، فايز السراج، اتصل بنفسه بأحمد أويحيى
وأضاف المصدر المذكور آنفا، أن “الجزائر قلقة بشأن الدعم المصري العسكري المكثف للمشير خليفة حفتر، نظرا لأن الجزائر ترى أن هذا الرجل غير جدير بالثقة، كما أنه يمكن أن يتسبب في تعميق الأزمة الليبية مما يؤثر سلبا على كامل المنطقة”.