استنكر غاري سيك الأستاذ بجامعة كولومبيا الأمريكية، والعضو السابق بمجلس الأمن القومي الأمريكي، «حصار» السعودية والإمارات لقطر، ووصفه بـ «التصرف الأرعن» مشيرًا إلى أنه إجراء فائق القسوة والتوحش، لأنه شمل منع وصول الأطعمة والأدوية.
«غاري»،الذي كان عضوا بالفريق الذي وضع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية لفرض العقوبات على إيران، اعتبر أن مقاطعة الدول العربية لقطر أشد قسوة من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على إيران.
وقال في مقال له بعنوان «حصار قطر»: «إننا قررنا حينها استثناء الأطعمة والأدوية من العقوبات المفروضة، وظل الحال على ذلك طوال سبعة وثلاثين عاما تلت، وعلى الرغم من جميع العقوبات المجهدة التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران خلال تلك الأعوام، والتي كانت بمثابة شن حرب اقتصادية عليها، لم يحصل أن فرضت أي قيود رسمية على مبيعات الأطعمة والأدوية».
ولفت غاري إلى أن السعودية تمارس نفس الوسائل في اليمن للحيلولة دون وصول الأطعمة والأدوية، وبشكل روتيني، بحجة أن في ذلك مصلحة عسكرية، مما أدى إلى تعرض السكان عموما إلى ما يشبه المجاعة، وإلى انتشار وباء الكوليرا وغيرها من الأمراض السارية،
ورأى أن دخول الأغذية والأدوية ضمن قائمة العقوبات «أمرا غير مألوف في زمننا هذا بل وإجراء في غاية القسوة والتوحش».
وأبدى تعجبه من من حدية المطالب التي أرادت السعودية والإمارات والبحرين ومصر فرضها على قطر، مشيرًا إلى أن الرضوخ لها بكل حذافيرها سيشكل «تنازلا هائلا عن السيادة الوطنية» بالنسبة لقطر.
وتابع غاري، «فقد يتطلب ذلك حل (أو إعادة نظر شاملة في) مؤسسات الدولة، وتغييرا كاملا في السياسة العامة، والتخلي عن حلفاء وعن تحالفات مضى عليها عقود من الزمن. تعتبر هذه الطلبات من الناحية السياسية والاجتماعية أكثر تشددا من وثائق الاستسلام التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفائها على نظام صدام حسين في العراق في صفوان عام 1991 بعد واحدة من أفدح الهزائم في التاريخ العسكري».
وأوضح الكاتب أن «من يرمون قطر بالحجارة هم أبعد الناس عن البراءة. وعليهم توخي الحذر من أن العقوبة تكون من جنس العمل، وأن ما يقومون به قد يفتح جراحا سيكون من تداعياتها إلحاق أضرار دائمة بالحالة الصحية للتعاون الإقليمي».
وأردف «وهنا أتحدث بوصفي أمريكيا، يقلقني جدا أن بلدي فيما يبدو تمنح دعمها لهذا الحصار بعد ما بدا تصرفا متسرعا لم يأخذ بعين الاعتبار مصالحنا القومية وقيمنا».
وأشار إلى توقيع البنتاجون عقد لبيع طائرات مقاتلة إلى قطر، «مشيدة بالإمارة الصغيرة لما هي عليه من التزام مستمر بالحفاظ على استقرار المنطقة، ومعبرة عن امتنانها لاستضافتها قاعدة العديد الجوية الضخمة التي تدار منها جميع النشاطات الجوية للولايات المتحدة في المنطقة».
ووصف قطع العلاقات مع قطر بكونه «تصرفا أرعن لاثنتين من أكبر وأثرى الدول في المنطقة بهدف إجبار دولة أصغر على الانصياع لهما، مع العلم أن هذه الدولة الأصغر والتي اختارت انتهاج خط سياسي بديل هي أيضا واسعة الثراء».
وانهى مقاله مؤكدا على إن الأزمة أدت «إلى شق مجلس التعاون الخليجي مناصفة ويبدو أنها تشير إلى أن العضوية في هذا النادي لا تعني التعاون بقدر ما تعني الطاعة العمياء للحاضرة السعودية، من الواضح أن الأمر يتجاوز كونه مجرد خلاف سلالي بين مراكز نفوذ متنافسة، وهو بذلك يثير تساؤلات جادة حول مستقبل هذه المؤسسة ذاتها».