جاءت شحنة الوقود التي أرسلتها السلطات المصرية إلي غزة أمس، لتتوج مرحلة من تحسن العلاقات بين حركة حماس والقاهرة خاصة بعد الزيارات المتعددة لوفود الحركة إلي مصر مؤخرا وأخرها وفد برئاسة يحي السنوار رئيس الحركة بقطاع غزة مما يشير إلي إنفراجة بين الجانبين ربما يقود إلي تطورات أكثر في الفترة القادمة.
شحنة وقود وتحسن العلاقات
وطبقا لوكالة «رويترز» فقدأرسلت مصر شحنة وقود إلى محطة الكهرباء الوحيدة بقطاع غزة أمس الأربعاء، للمساعدة في تخفيف أزمة الطاقة التي تسببت في انقطاع التيار الكهربائي عن السكان البالغ عددهم مليوني نسمة فترات طويلة ووصوله لثلاث ساعات فقط في اليوم.
و قالت «رويترز» إن الشحنة تدل على تحسن العلاقات بين حركة حماس ومصر بعد سنوات من الشقاق، وهي أول استيراد رسمي لوقود ديزل من مصر منذ سيطرت الحركة على القطاع في عام 2007، ويمكن أن تسهم في توفير التيار الكهربائي سبع ساعات لمدة ثلاثة أيام.
زيارات مستمرة وتفاهمات أكثر
أما المؤشر الثاني في تحسن العلاقات فيتمثل في الزيارات المتكررة لوفود من حماس إلي القاهرة مما يوحي بتفاهمات أكثر، وجاءت الزيارة الأخيرة لوفد برئاسة يحي السنوار رئيس الحركة بقطاع غزة لتؤكد ذلك بوضوح وهو ما عبر عنه القيادي خليل الحية نائب رئيس المكتب السياسي للحركة بغزة، في تصريحات صحفية له خلال مؤتمر منتدى الإعلاميين الفلسطينيين مؤخرا بغزة.
وقال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة بغزة «إن اللقاء الأخير مع المسؤولين المصريين كان الأفضل في اللقاءات الرسمية الخمسة التي عقدت في العام ونصف الأخيرين»، مؤكداً علي أن العلاقات مع الأشقاء في مصر ذاهبة للتحسن والتطور إلى أن تصل إلى الاستقرار.
وأشار إلى أن حركته معنية بعلاقة جيدة مع كل الأطراف والدول وفي مقدمتها مصر، مؤكداً أن ما تم التوصل إليه في اللقاء الأخير يمثل نتاج لقاءات سابقة.
وأوضح أنه تم تدارس ملفات القضية الفلسطينية وما وصلت إليه مؤخرا في ظل حالة الإنشغال السياسي في الإقليم، إضافةً إلى مناقشة إجراءات رئيس السلطة محمود عباس ضد غزة، وملفات أمنية كضبط الحدود بين غزة ومصر.
وكان وفد من حركة حماس ترأسه يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي للحركة بغزة، زار القاهرة مؤخراً لمدة 9 أيام متواصلة، حيث أجرى سلسلة لقاءات مع المسؤولين المصريين.
وقال الحية أن وفد الحركة وجد تفهما مصريا لصعوبة الأزمات غزة التي فرضها عباس في الأسابيع القليلة الماضية، وأن لدى المسؤولين المصريين إمكانية في لعب دور مهم في تخفيفها عن سكان غزة.
وأوضح أن تنفيذ التفاهمات سيجري بعد التوافق بين المؤسسات الحكومية المعنية في كل اختصاص بين الطرفين.
شحنة اسمنت لاول مرة
ومن جملة هذه التسهيلات، ولأول مرة منذ عشرة أعوام، وافقت مصر على إدخال مضخات أسمنت إلى القطاع مارس الماضي.
ووفقا لمسؤول رسمي في قطاع غزة، تم نقل المضختين عبر معبر رفح، مؤكدا أنها ذاهبة إلى شركات خاصة وليس لاستعمال حركة حماس، علما أن إسرائيل تمنع دخول مضخات أسمنت مشابهة، منذ الحصار الذي فرضته على القطاع قبل عشرة أعوام، خشية أن تستغلها حركة حماس لتدعيم ملاجئ ومخابئ تبنيها ولبناء الأنفاق.
وتم تتويج التقارب بين حماس ومصر خلال اللقاء الأول الذي عقد في القاهرة في فترة عبد الفتاح السيسي، بعد أن زار إسماعيل هنية مصر في يناير، والتقى خلالها مسؤولين من المخابرات المصرية.
ورافق هنية خلال زيارته مسؤولون من حماس، بينهم مسؤولين من الجناح العسكري.
وشمل التحسن أيضا معبر رفح حيث يتم فتحه عدة مرات ولساعات أطول وأكد مسؤول بحماس أنه سيكون جاهزا للتجارة والسفر قبيل العيد.
مصلحة للطرفين
وفي تعليقه علي هذا التحسن قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة «أن تحسن العلاقة بين النظام المصري وحركة حماس سيصب لمصلحة كليهما، حيث لا يستطيع أي منهما الاستغناء عن الآخر، مشيرا إلى أن الهواجس الأمنية المصرية تجاه حماس بدأت تتراجع في الآونة الأخيرة.
وأضاف في تصريحات صحفية «أن أساس تأزم العلاقة بين الجانبين هو نظرة النظام المصري لحماس باعتبارها امتدادا لجماعة الإخوان التي تعمقت خصومته معها بعد إزاحتها من الحكم، إلا أن البعد الخاص بالقضية الفلسطينية ومسؤولية مصر عنها ودورها فيها لم يسمح للنظام الحالي أن تستمر هذه العلاقة المتأزمة».
وتوقع نافعة أن تكون الحركة قد قدمت من الأدلة ما ينفي عنها كل الاتهامات المتعلقة بالأوضاع الداخلية بمصر، مضيفا أنه طالما أن الهواجس الأمنية تجاه حماس بدأت تزول، فعلى النظام المصري أن يراجع موقفه تجاه الحركة باعتبارها حركة وطنية فلسطينية ولا يلتفت إلى علاقتها الإيديولوجية بالإخوان.
أما الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية مصطفى زهران، فيري أن السلطات المصرية أخطأت حينما تعاملت مع حماس كرافد متصل بجماعة الإخوان المسلمين، وانتهجت خطا هجوميا ضد الحركة مما أسهم بشكل كبير في اتساع الفجوة بين الجانبين.
وأضاف في تصريحات صحفية «أن الدولة المصرية سارعت لتلافي أخطاء السنوات السابقة والنظر لحركة حماس بشكل مغاير، من خلال تنسيق سيكون له عميق الأثر في الحيلولة دون تمدد التنظيمات الجهادية بسيناء».