هل نحنُ نحيا في عصر الجنون؟ أم هو عصر التّناقضات الفظيعة، والاضطرابات العنيفة؟
عجبتُ لقوم يسمّون ما حدث في اليمن انقلابًا، لكنّهم يرفضون الاعتراف بأنّ ما حدث في مصر هو أيضًا انقلاب، بل انقلاب أسوأ وأشدّ سوادًا.
عجبتُ لقوم يضخّون مليارات من أموال شعوبنا العربيّة لمساندة الطّغاة، والمستبدين، ثمّ لا يتورعون عن اتّهام قطر بدعم الإرهاب.
أخبروني واعلموني، يا ناس، من هو الإرهابيّ بالضّبط؟ هل هو الّذي يقدّم الدّعم (أو الرّزّ) لقائد الانقلاب في مصر، الّذي لم يشبع من تقتيل المصريّين؟ أم هي دولة قطر الّتي لا تستضيف إلّا العلماء، ولا تحرص إلّا على تقديم إعلام عربيّ بمقاييس عالميّة محترمة؟
أخبروني، يا ناس، من هو الإرهابي بالضّبط: أليس الإرهابي هو الّذي يستقبل عائلة القذّافي الّذي سرق ثروات شعبه، ولم يتورّع عن تقتيل معارضيه، أم هي دولة قطر الّتي لا تدعم إلّا الشّرفاء الّذين يطالبون بالحرّيّة والكرامة الإنسانيّة؟ وبعدُ.
فمن المعروف في التّعامل بين البشر أنّ القويّ غالبًا ما يفرض شروطه على الضّعيف، وأنّ المنتصرين في الحروب لا يتورّعون عن إذلال خصومهم الخاسرين.
حدث هذا مثلًا مع فرنسا الّتي أذلّها بسمارك الألمانيّ (١٨١٥م-١٨٩٨م) في سنتي ١٨٧٠م-١٨٧١م، عندما انتصر عليها، وأملى شروط الصّلح المجحفة معها، والّتي مهدّت بدورها للحرب العالميّة الأولى، لتنتقم فرنسا من ألمانيا، وتردّ لها الصّاع صاعين من خلال معاهدة فرساي سنة ١٩١٩م.
المنتصر يستغلّ لحظة تفوّقه على خصمه، ويسعى لفرض شروطه، وسحق عدوّه. وهذه سنة الحياة. لا حياة للضّعفاء في هذا العالم. الأسود عندما تجوع لا تعرف الرّحمة، بل تفترس أيّ حيوان أضعف منها. قطتي الأسبانيّة تتلذّذ باصطياد العصافير الضّعيفة!!
بيد أنّ ما يحدثُ الآن بين قطر وجيرانها بالذّات مختلف تمامًا. فقطر لم تدخل في أيّ حروب مع أي دولة خليجيّة، ولا هي خسرت أيّ حرب خاضتها معَ هذه الدّول.
فلماذا إذًا هذه العنترة، وهذا الاستئساد على قطر؟ هل هي استيراتيجيّة صرف الأنظار عن مشاكل الدّاخل، باختلاق مشاكل خارجيّة؟ أم هو استئساد على الأخ الأصغر قطر، نتج عن استئساد أمريكا على الدّول المحاصرة لقطر؟
لا أعرف. لكنّي أعرف أنّ هذا السّلوك يفتقر إلى الحدّ الأدنى من الحكمة والذّكاء والتّخطيط للمستقبل. وبعدُ.
لعلّ من الضّروريّ قبل استعراض مطالب الدّول الّتي تحاصر قطر الآن وتسعى إلى خنقها، الإشارة إلى لغة من قام بصياغة هذه المطالب. فمن الواضح أنّ الإمارات بالذّات ليس لديها علماء بالمعنى الحقيقيّ للكلمة يمكن مقارنتهم بالعدد الهائل من العلماء الموجودين في قطر.
وكما قالت العلماء قديمًا، فليس يحتاج المرء إلى شرب مياه البحر كلّها، ليدرك إن كانت هي مالحة أم عذبة. نقطة واحدة تكفي. والنّقطة هنا هي استخدام لفظ (كافة). فمن المعروف في اللّغة العربيّة الصّحيحة أنّ لفظ كافة لا يتصدّر الكلام بل يختمه: المؤمنون كافة، وليس كافة المؤمنين. هذه قاعدة بسيطة من المفترض أن يلمّ بها أيّ طفل في حضانة أطفال.
لكنّ يبدو أنّ الإمارات بالذّات مستوى التّعليم فيها دون مستوى حضانات الأطفال. فقائمة المطالب الّتي تقدّمت بها الإمارات باسم الدّول المحاصرة لقطر، مملوءة بالأخطاء اللّغويّة:
(إعلان قطر عن قطع علاقتها مع كافة التّنظيمات الإرهابيّة)، صحيحها: مع التّنظيمات الإرهابيّة كافّة.
(إيقاف كافة أشكال التّمويل القطريّ) تصحيحها: إيقاف أشكال التّمويل القطريّ كافّة.
(قيام قطر بتسليم كافة العناصر) صحيحها: قيام قطر بتسليم العناصر كافّة.
(كافّة هذه الطّلبات)، تصحيحها: هذه الطّلبات كافّة.
يقينًا قد يقول قائل إنّ هذه مجرّد هفوات لغويّة بسيطة. وقد يكون هذا صحيحًا. لكن إذا تعلّق الأمر بمحاولة ذبح دولة شقيقة، والعمل على زهق أحلام أكثر من ثلاثمئة مليون عربيّ يتطلّعون إلى نيل حرّيّتهم واستقلالهم وكرامتهم الإنسانيّة، فلابدّ من وقفة مع هؤلاء المتعنترين الّذين يريدون استعباد شعوبهم، وتضليل مجتماعاتهم، واستهبال عباد اللّه، وبعدُ.
١- مطالبة قطر بتخفيض علاقتها مع إيران، ووقف أيّ تعاون عسكريّ أوِ استخباراتيّ معها، مردود عليه بأنّ التّعاون بين الإمارات وإيران أشدّ وضوحًا وقوّة من التّعاون بين قطر وإيران. كما أنّ انقلابيّي مصرَ يتعاونون في السّرّ والعلانيّة مع إيران على الأصعدة كافّة. وهذا يعني أنّ من صاغ هذه المطالب يفتقر إلى الحدّ الأدنى من التّفكير المنطقيّ، وكان الأحرى به أن يأخذ أوّلًا دروسًا في المنطق، حتّى يتّسق خطابه، ولا يقع في هذه التّناقضات المخزية.
٢- (قيام قطر بالإغلاق الفوريّ للقاعدة العسكريّ التّركيّة): الرّدّ على هذا الطّلب هو أنّ تركيا دولة مسلمة-سنّيّة. وأولى بالعرب أن يوثّقوا علاقتهم بالمسلمين السّنّة في المقام الأوّل، دون أن يعلنوا الحرب على المسلمين الشّيعة، لأنّنا جميعًا إخوة في الدّين والإنسانيّة. يُضاف إلى ذلك أنّ قطر دولة مستقلّة، حتّى وإن كانت تتعاون مع جيرانها الخليجيّين، إلّا أنّها دولة ذات سيادة، يحقّ لها الدّفاع عن نفسها. ومبدأ الدّفاع عن النّفس هذا يستخدمه الإسرائيليّون لقتل الفلسطينيّين، واستخدمه الأوروبيّين لقتل الهنود الحمر في أمريكا، وتستخدمه أمريكا في أيّ حرب تخوضها. فلماذا يحقّ للآخرين شيء، ونحظره على القطريّين؟ الدّول الّتي تحاصر قطر تريد خنقها، وإعدامها، وتدميرها. وقطر باعتبارها دولة ذات سيادة يحقّ لها اتّخاذ جميع ما تراه مناسبًا من الإجراءات اللّازمة لحماية نفسها، وحماية شعبها.
٣- (إعلان قطر عن قطع علاقتها مع جميع التّنظيمات الإرهابيّة والطّائفيّة والإيديولوجيّة، وعلى رأسها الإخوان المسلمون، وداعش، والقاعدة، وحزب اللّه): الرّدّ على ذلك بسيط ومفحم، وهو أنّ الإخوان المسلمين ليسوا جماعة إرهابيّة. أمّا داعش والقاعدة، فهما من وجهة نظريّ من المنظّمات الّتي شكّلتها أجهزة المخابرات في دول مختلفة. وأمّا حزب اللّه، فقد بدأ طريقه كمنظّمة عربيّة إسلاميّة تقاوم الاحتلال الإسرائيليّ، ومقاومة الاحتلال أيضًا حقّ مشروع أقرّته جميع الأديان والشّرائع والقوانين الوضعيّة. ألم يقاوم اليهود أنفسهم محاولات الغربيّين استعبادهم على مدى قرون طويلة؟ ألم يقاوم الأمريكيّون الأوائل نير الاستعمار الإنجليزيّ في أمريكا؟ مقاومة المحتلّ حقّ مشروع. بيد أنّ ما حدث لحزب اللّه بعد اندلاع الثّورة السّوريّة جعل العرب يعيدون حساباتهم معه، ونظرتهم إليه. وبخصوص الإخوان المسلمين مرّة أخرى، فهم في الأساس جماعة دعويّة، لها تاريخ عريق في مقاومة الاحتلال الأجنبيّ والحكّام الظّلمة. صحيح أنّهم ارتكبوا أخطاء كثيرة. لكن من منّا لا يرتكب أخطاء؟ ومع ذلك ليس يربط هذه الجماعة بالإرهاب إلّا الاحتلال الإسرائيليّ في المقام الأوّل. وكان الأحرى بالإمارات والسّعوديّة بدلًا من اتّهام الضّحية بالإرهاب، المطالبة بالإفراج عن المعتقلين من الإخوان في سجون الانقلابيّ المصريّ-اليهوديّ الشّيشيّ. أو مطالبة إسرائيل بفكّ حصارها لقطاع غزّة.
ولعلّ السّؤال المناسب هنا هو: من هو الأكثر إرهابًا: الإخوان المسلمون، أم الوهّابيّون؟ الإجابة عند أهل العلم واضحة بسطية، وهي أنّ الوهّابيّين هم أقرب إلى الإرهاب من الإخوان المسلمين، وذلك لسبب بسيط جدًّا هو أنّهم لا يتردّدون في تكفير أيّ إنسان يُخالفهم في الرّأيّ.
فالأطفال في السّعوديّة يتمّ تلقينهم منذ نعومة أظافرهم أنّ النّصارى كفرة، وأنّ اليهود كفرة، وأنّ الشّيعة كفرة، وأنّ الصّوفيّة كفرة، وأنّ الغناء كفر، وأنّ الموسيقى كفر، وأنّ زيارة المقابر كفر. الملفت للنّظر في الإيديولوجيّة الوهّابيّة أنّها تعيش دائمًا في الماضي السّحيق، ولا تعبأ كثيرًا بالحاضر الأليم للمسلمين، أو المستقبل القاتم الّذي ينتظرهم بسبب هذا الفكر الظّلامي جدًّا. ولو كانت الحركة الوهّابيّة حركة إصلاحيّة بالفعل، لانشغلت بتحدّيات العصر، واجتهدت لوضع حلول لمشاكل عصرنا هذا، وليس لمشاكل جيل الصّحابة والسّلف!!
٤- (إيقاف جميع أشكال التّمويل القطريّ لأيّ أفراد أو كيانات إرهابيّة): دعونا نقارن ما تفعله قطر بما يقوم به الوّهابيّون: قطر تقتطع جزءًا لا يستهان به من ثروتها، لتمويل قناة الجزيرة، وتقديم إعلام عربيّ بمستويات عالميّة. في مقابل هذا يقوم الوّهابيّون في السّعوديّة بتمويل جميع الحركات السّلفيّة في العالم. وهذه الحركات السّلفيّة المزعومة تقوم في الواقع بدور إرهابيّ، هدّام، يشوّه الإسلام في عيون الأجانب من ناحية، ويدمّر أحلام شعوبنا العربيّة من ناحية أخرى.
ولنتذكّر ما قام به السّلفيّون المزعومون في مصر، بتمويل سعوديّ بالطّبع، من عرقلة ثورة مصر المجيدة، والتّحالف مع الانقلابيّين. ولنتذكّر أيضًا الأعمال المقزّرة الّتي يقوم السّلفيّون بها في أوروبّا، ولا تقدّم للغربيّين إلّا أقبح صورة عن الإسلام. الإرهاب إذًا مصدره السّعوديّة والإمارات، وليس قطر.
٥- (قيام قطر بتسليم جميع العناصر الإرهابيّة): كان الأولى بالإمارات والسّعوديّة أن تقوما بتسليم الدّيكتاتور التّونسيّ بن علي للعدالة في تونس، والهارب أحمد شفيق للعدالة في مصر. بل كان أجدر بالإمارات أن تعيد الأموال الّتي سرقتها عائلة القذّافي إلى شعب ليبيا العظيم. الصّحيح إذًا هو أنّ الدّول المحاصرة لقطر هي الأكثر إرهابًا من قطر.
٦- (إغلاق قنوات الجزيرة): قطر تموّل (قناة الجزيرة) الّتي تعتبر من وجهة نظر الشّعوب العربيّة، والحكومات الغربيّة، أفضل قناة إخباريّة في العالم العربيّ-الإسلاميّ برمّته. في مقابل ذلك تموّل السّعوديّة (قناة العربيّة) الّتي يسمّيها العربُ سخريّة (القناة الإسرائيليّة)، نظرًا لخلاعتها، وسخفاتها، وانحطاطها. قطر سخّرت ثروتها لخدمة الشّعوب العربيّة، والسّعوديّة والإمارات تنفق المليارات لتضليل الشّعوب العربيّة وتغبيتها وشلّ تفكيرها، واستعبادها. يقينًا نحن نعرف الأصل الّذي وضعته أعتى ديكتاتوريّة في العالم، وهي الدّيكتاتوريّة الرّومانيّة القديمة، حيث رسّخوا المبدأ الأصيل لأيّ ديكتاتوريّة لاحقة، وهو: الخبز واللّعب. وقناة العربيّة هي قناة اللّعب، وتلهية النّاس، وشغلهم بكلّ ما هو سخيف، سطحيّ، خفيف. والواقع أنّه كان أحرى بالإمارات والسّعوديّة أن تطالبا بتشميع (قناة العربيّة)، بدلًا من المطالبة بإغلاق (قناة الجزيرة).
٧- (وقف التّدخّل في شؤون الدّول الدّاخليّة ومصالحها الخارجيّة): يقول اللّه تعالى في كتابه الحكيم: (أتأمرون النّاسَ بالبرّ وتنسون أنفسكم)(البقرة: ٤٤). لماذا يحلّ للسّعوديّة والإمارات ضخّ مليارات كثيرة (من الرّزّ) لدعم الانقلابيّين في مصر، ولا يحقّ لقطر تقديم المساعدة للشّعوب العربيّة المطحونة الّتي تطالب بالحرّيّة والكرامة الإنسانيّة؟ لماذا يحقّ للسّعوديّة والإمارات التّدخّل في اليمن، ولا يحقّ لقطر أن تدعم المستضعفين في الأرض؟ لماذا يحقّ للإمارات أن تمارس المغامرات في ليبيا، وتدعم الانقلابيّين، ولا يحقّ لقطر أن تدعم الدّيمقراطيّة؟
٨- (التّعويض عن الضّحايا والخسائر كافّة، ما فات من كسب للدّول الأربع بسبب السّياسة القطريّة خلال السّنوات السّابقة): هذا مطلب سخيف جدًّا. ولعلّهم، واللّه أعلم، يقصدون به أنّ قطر تدخّلت دائمًا لمساندة حقّ الشّعوب العربيّة في الحرّيّة والدّيمقراطيّة والكرامة الإنسانيّة، في حين أنّ الإمارات والسّعوديّة لم نرَ منهما إلّا عداء شديًدا لمطالب الشّعوب المشروعة. وقد عرقلت سياسة قطر، لا محالة، مطامع دول الجوار في دول الرّبيع العربيّ. لكن مرّة أخرى بودّي مخاطبة حكّام الدّول المحاصرة لقطر بقول بسيط: إنّ شعوب العالم أجمع تسير نحو الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان، وليس من المعقول أن نرى حكّامنا يسيرون في الاتّجاه المعاكس. ليس من المعقول أن يعرقل الحكّام العرب مسيرة شعوبهم، وطموحهم باللّحاق بحضارة العصر، ليس إلّا لإشباع غرائز دنيئة، تتمثّل في الرّغبة في استعباد النّاس، ومصّ دمائهم، وغسل عقولهم، وشلّ تفكيرهم. هذه السّلوكيّات ستلقي بكم في نهاية المطاف في مزبلة التّاريخ.
٩- (أن تلتزم قطر بأن تكون منسجمة مع محيطها الخليجيّ والعربيّ): الرّدّ على هذا هو أنّ الانسجام مفقود أصلًا في العالم العربيّ، فكيف تطالبون قطر بالانسجام مع محيط غير منسجم، أو انسجام غير موجود؟ انظروا إلى الكويت مثلًا الّتي شقّت طريقها نحو الدّيمقراطيّة، وأخذت بأسباب الحضارة الحديثة، وجذبت إليها منذ عقود عددًا كبيرًا من العلماء والباحثين العرب. الكويت اليوم أصبح لديها برلمان، وانتخابات، ونظام حكم حديث، نفتقده في الإمارات والسّعوديّة. فهل هناك من تناقض أكثر من ذلك؟ وهل أنتم تطالبون قطر بالانسجام مع الكويت الّتي أخذت بالنّظام الدّيمقراطيّ، أم مع مصر الّتي مازال يحكمها الانقلابيّون العسكر؟ كان أحرى بالدّول المقاطعة لقطر أنْ تراجع نفسها أوًّلا، وتحاسب نفسها أوّلًا، حتّى لا تهاجم من هو أفضل منها بكثير، في حين أنّها تعيش في بيت من زجاج يرى الجميع من خلاله عيوبًا لا نهاية لها، ومثالب لا حدود لها.
١٠- (تسليم قطر قواعد البيانات كافة الخاصّة بالمعارضين): هذا لن يحدث، كما يقول المصريّون، إلّا (في المشمش)!! أو بعبارة أخرى من المستحيل أن يحدث، لسبب بسيط هو أنّ من لجأ إلى قطر، ليس مجرمًا، بل كان مضطهدًا في بلده، فقدّمت قطر له مساعدة إنسانيّة. لكن من لجأ إلى السّعوديّة، مثل بن علي، كان مجرمًا في بلده، ومن لجأ إلى الإمارات، مثل أحمد شفيق، هرب من العدالة في بلده، ولذلك ينبغي على الدّول المحاصرة لقطر مراجعة هذه المطالب الصّبيانيّة الّتي تثير من الغثيان، والشّفقة، أكثر ممّا تثيره من الاحترام والتّقدير.
١١- (إغلاق وسائل الإعلام كافّة الّتي تدعمها قطر بشكل مباشر أو غير مباشر): قطر لا تدعم إلّا وسائل إعلام محترمة، مثل الجزيرة. في حين أنّ السّعوديّة لا تدعم أيّ وسيلة إعلام محترمة، والإمارات عُرف عنها تمويل وسائل إعلام تمارس التّضليل، والدّجل، والكذب. ولذلك كان ينبغي على الدّول المحاصرة لقطر أن تتريّث قليلًا قبل تقديم هذه المطالب المضحكة فعلًا، والمثيرة للسّخريّة والشّفقة. أيّها الحكّام المراهقون، إلى متى تريدون استعباد النّاس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟ أيّها الحكّام العرب ألم تتّعظوا ممّا حدث للقذّافي، وحوستي مبارك، وبن عليّ؟ أيّها المكابرون، المتغطرسون، احذروا من ردود فعل شعوبكم، ومن قرب نفاد صبرها. اقتدوا بدولة قطر الّتي سخّرت ثروتها لخير النّاس، واقتدوا بالكويت الّتي أخذت ببعض أسس الحكم الدّيمقراطيّ. بل اقتدوا بالولايات المتّحدة الأمريكيّة الّتي تتباهون بصداقتهم معها. إذ كيف تتحالفون مع إحدى أعرق الدّيمقراطيّات في العالم، في الوقت الّذي تحاربون فيه الدّيمقراطيّة في بلادكم. احذروا هذا التّناقض المنطقي الّذي لا يصدر إلّا عن المراهقين والأطفال.