سلط تقرير لمجلة «نيوزويك» الأميركية الضوء على استخدام عبدالفتاح السيسي للقضاء المصري في منع ترشح المحامي خالد على للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقالت المجلة إنه في مايو الماضي، اعتقلت السلطات المصرية المرشح الرئاسي المحتمل في الانتخابات المصرية مطلع العام المقبل بتهمة «الإساءة إلى الأخلاق العامة» لإشارته بيده احتفالاً بإصدار أحد المحاكم العليا في مصر حكماً بإلغاء قرار نقل ملكية جزيرتين مصريتين إلى السعودية.
وأثارت هذه الاتفاقية -التي يرى الكثير من المصريين أن السيسي تلقي في مقابلها مليارات الدولارات من المساعدات والاستثمارات السعودية- احتجاجات في الشوارع، على الرغم من القيود القانونية المشددة ضد الاحتجاجات، وعلى الرغم من انتصار خالد علي في هذا اليوم، فقد تجاوز السيسي أحكام المحكمة وطلب إقرار البرلمان عليها وهو ما حدث في 14 يونيو.
ويؤكد «علي» أنه ألقي القبض عليه انتقاماً منه لتحديه النظام، بما في ذلك الدعوى القضائية ضد التنازل عن الجزر للسعودية، وإعلانه في فبراير أنه يفكر في خوض الانتخابات الرئاسية
وترى المجلة أن التهمة الموجهة إلى «علي»، -التي وصفتها منظمة العفو الدولية بـ«السخيفة»- تجسد الجهود الكبيرة التي بذلها السيسي للقضاء على أي منافسين محتملين، ويقول «علي» “لا يوجد مبرر لاعتقالي، إنها محاولة لتخويفي»
وتضيف الصحيفة أن المحامي الحقوقي البارز مازال لديه فرصة للترشح للرئاسة العام القادم في حال عدم منع حكم المحكمة المرتقب له من الترشح، لكن اعتقاله وهو وحوالي 50 شخصا في جميع أنحاء مصر بما في ذلك نشطاء من خمسة أحزاب معارضة ومجموعات سياسية، يظهر كيف أن السيسي قرر منع وجود أي معارضين لاستمراره في السلطة، واتهم الناشطون الذين تم اعتقالهم بجرائم صغيرة مثل التعبير عن معارضتهم على الإنترنت.
وكان «علي» قد علم بأمر اعتقاله من زملائه في مايو الماضي، عندما وصل إخطار من النيابة العامة إلى مكتبه في القاهرة أثناء زيارته إلى روما لحضور ورشة عمل حول حقوق الإنسان، وبناء على أوامر النيابة العامة، عاد إلى مصر لتقديم نفسه للاستجواب، وأفرج عنه بعد احتجازه لليلة واحدة ،ويواجه الآن محاكمة في أوائل يوليو، ويقول أنه واثق من إدانة المحكمة له، وفي حالة الإدانة سيحظر قانوناً من الترشح.
وتضيف الصحيفة أن عمليات الاعتقال أدت إلى تخويف الكثيرين، وتقول أحزاب المعارضة الأخرى إنهم متشككون في تقديمهم لمرشح رئاسي لأنهم يخشون انتقام النظام ،كما أنهم يعتققدون أنها لن تكون عملية نزيهة .
ويقول خالد داود، رئيس حزب الدستور الذي اعتقل أعضائه بتهم تشمل إهانة الرئيس: «يمنع السيسي المعارضة من التقدم بمرشح قوي في الانتخابات ضده”. ويضيف «الخوف من الاعتقالات يجعل الشباب يترددون في الانضمام إلى الحزب، كما أنه يلحق الضرر بالتمويل ;فهل تعتقد أن أي رجل أعمال سيأتي ويعطيني المال إذا رأى العديد من أعضاء الحزب ألقي القبض عليهم».
وتلفت الصحيفة إلى الإجراءات القمعية الأخرى ضد أي مؤسسة قد تعارض قرارات الرئيس; ففي نهاية إبريل، وفي خطوة يقول الخبراء أنها تهدف إلى منع ترقي إثنين من القضاة الذين ألغوا قرارات للسيسي ،منح السيسي نفسه سلطة تعيين كبار أعضاء السلطة القضائية، كما بدأت السلطات المصرية ابتداء من شهر مايو حجب ما لا يقل عن 100 موقع على شبكة الإنترنت، بما في ذلك المواقع الإخبارية مثل قناة الجزيرة ومدى مصر المستقل. وفي الشهر نفسه، وقع السيسي قانوناً جديداً تقول منظمة «هيومن رايتس ووتش» إنه «سيجرم عمل العديد من المنظمات غير الحكومية، مما يجعل عملهم بشكل مستقل من المستحيل».
وتشير الصحيفة إلى قضاء السيسي بالفعل على المعارضة في مصر بعد قيادته إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر عام 2013 ومنذ تسلمه السلطة في العام التالي، اعتقل السيسي نحو 40 ألف سجين سياسي، وحظر بشكل فعلي الاحتجاجات المناهضة للحكومة، كما فرض حظر السفر على الناشطين والقضاة المعزولين غير الخاضعين بشكل كاف له.
وترى الصحيفة أن إصرار السيسي على سحق معارضة اليسار الضعيفة يعود إلى حساسسيته الكبير وأصابته بجنون الارتياب ضد أي معارضة له بسبب الانتقادات العلنية الموجهة له في التعامل مع الاقتصاد واستراتيجيته الأمنية، وعلى الرغم من هذه المشاكل، لا يزال السيسي يحظى بدعم كبير داخل مؤسسات الدولة الرئيسية،
ويعبر خالد على عن عزمه في مواصلة معارضة النظام في المستقبل بالقول: «النظام والسلطات لا يستطيعان الفوز في المعارك كلها »، وتختم الصحيفة بالقول «لكن حتى الآن، يبدو أن النظام قد فاز بالكثير منها».