قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية إن قرابة 170 شخصًا محتجزون في السجون المصرية ويواجهون اتّهامات مرتبطة بالدعمين المادي والأيديولوجي لـ«تنظيم الدولة» والانتماء إليه.
تضيف الصحيفة أن عائلات المتهمين والمحامين رأيا أن كثيرًا منهم أبرياء، من بينهم المتهمون في القضية رقم 247 التي تحوّلت إلى المحكمة العسكرية هذا العام؛ ما يعني أن المحاكمة ستقام في سرية ولا يمكن الاستئناف على الحكم.
يتعرض كثيرون من المعتقلين الشباب إلى خطر قضاء معظم حياتهم في السجون المصرية، ويواجهون تهمًا غامضة. كما يُحاكم طُلّاب على خلفية القضية 247، وبدأ محاموهم وأسرهم في حملات للسماح لهم بالامتحان في سجنهم.
اعتبرت «الجارديان» أن القضية 247 توضّح طريقة استجابة السلطة المصرية لتهديد «تنظيم الدولة» المتزايد في مصر. استهدفت الشرطة آلافًا من الأشخاص، غالبًا في المناطق التي شهدت دعمًا لجماعة الإخوان المسلمين بعد أن صنفتها الدولة «إرهابية».
يرى متابعون للوضع أن رغبة السلطة المصرية في خلط تنظيم الدولة والإخوان في النطاق نفسه خَلَقَ غموضًا كبيرًا. منذ الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي بدأت السلطة حملة اعتقالات للمنتمين إلى تنظيم الدولة والإخوان، في الوقت نفسه سوّقت الدولة لنفسها باعتبارها شريكًا إقليميًا هامًا لمكافحة تنظيم الدولة؛ وهو الموقف الذي رحّبت به إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
في صيف 2015، اختفى مواطن يدعى «عمر»، 23 عامًا، موجود ضمن القضية رقم 247، وذلك في إجازة له بالكويت. أخبرت السلطات الكويتية أسرته أنه اُعتُقل بطلب من السلطات المصرية بسبب جريمة إلكترونية، حينها اعتقدت أسرته أنه بسبب منشور له على «فيس بوك». نُقل عمر إلى مصر، وبعد أشهر تمكّنت أسرته من تتبع موقعه وصولًا إلى سجن «لاظوغلي» بالقاهرة.
تلفت الصحيفة إلى أن السلطات المصرية سجنت كثيرين لاتهامات سياسية أو زائفة؛ ما أدى إلى بناء الحكومة 16 سجنًا جديدًا، وسجنت كثيرين من الصحفيين، إضافة إلى غلقها مواقع إلكترونية.
قال مختار عوض، الباحث الزميل في شؤون التطرف بجامعة جورج واشنطن، إنه من المرجح في مصر -كما هو الحال في الدول التي تستهدف المتعاطفين مع تنظيم الدولة- أن هناك اعتقالات لكثيرين لا علاقة لهم بالجماعات الإرهابية؛ ولكن يعبّرون عن رأيهم الذي قد يبدو «متطرفًا» من وجهة نظر الحكومة.
يضيف «مختار» أنه كلما توسّعت شبكة الاستهداف زاد الأمر صعوبة؛ بسبب وجود كثيرين في حيازة الشرطة، ومن الصعب التأكد منهم جميعًا؛ وهو ما يمكن أن يؤدي إلى خروج بعضهم مباشرة للانضمام إلى تنظيم الدولة.
قالت صابرين عطا، والدة طالب الهندسة «أحمد إيهاب النجار» المُدّعى عليه في القضية 247، إن الوضع مروّع لأسر المحبوسين، مضيفة أنه في يومٍ وبالقرب من ساعات الفجر استيقظت على تكسير الشرطة شقتها، وجمعت الأسرة ثم سألتهم عن أسمائهم، وقرأت اسم ابنها ثم سألته عن المكان الذي درس به، وعندما أخبرهم أن دراسته أزهرية اُعتُقل.
تواجه مصر تزايدًا كبيرًا لخطر تنظيم الدولة على أراضيها؛ حيث تبنّى تفجيرات عديدة، مثل التفجير الذي أسقط طائرة في سيناء في أكتوبر، بجانب سلسلة من التفجيرات استهدفت المسيحيين. ففي يونيو، بعد تبني تنظيم الدولة هجمة أسفرت عن مقتل 30 شخصًا، أعلن السيسي حالة الطوارئ في الدولة.
وسّعت السلطات المصرية من جهودها لاعتقال كل من له علاقة بتنظيم الدولة؛ لكن السرية التي تحيط بإجراءات المحاكمة تجعل من المستحيل التدقيق في الأدلة التي تربط المُدّعَى عليهم في القضية 247 بالتنظيم الإرهابي.
قال المحامي البارز خالد المصري، الذي يدافع عن عدد كبير من المتهمين، إنه من وجهة نظره المهنية فقرابة 80% من المُدّعَى عليهم أبرياء؛ ولكن هناك 20% بالفعل ارتكبوا جرائم.
تضيف الصحيفة أنه باطّلاعها على مذكرة اعتقال «عُمر» بتاريخ 1 أكتوبر 2015 من الكويت، رأت أن هناك مساحة فارغة تحت خانة الاتهامات؛ بعدها أضيف إلى القضية 247 ووجهت إليه اتهامات بالتمويل والدعم الفكري لتنظيم الدولة، بجانب اتهامه بكونه قائدًا يقدم دعمًا ماديًا وأسلحة.
استنكرت أماني عثمان، والدة «عمر»، هذه الاتهامات؛ موضحة أنه لا زال يأخذ مصروفه منها، فكيف يمكنه أن يأتي بأموال لتمويل تنظيم الدولة، معتبرة أن الاتهامات مثيرة للسخرية وغير حقيقية؛ حيث إن عائلتها محافظة عادية كأيّ أسرة مصرية وليست متطرفة.
تلفت الصحيفة إلى أن الأسر التي يُعتقل أبناؤها تقول إن الاعتقالات تتّبع نمطًا معينًا؛ تبدأ باعتقال الشاب والضغط عليه لإعطاء أسماء أصدقائه، الذين غالبًا ما يكونون طلابًا من الجامعة أو الشبكة الاجتماعية نفسها، ثم يُعتقلون؛ والنتيجة عدد كبير من الاعتقالات مرتبطة باتهامات منها دعم الإخوان المسلمين.
يبدو أن استراتيجية الاعتقالات تسير بشكل عشوائي. تقول والدة عمر إن الشرطة اقتحمت في العيد الماضي منزلهم وسألوا عن أبنائهم، وأخبرتهم أنهم اعتقلوا ابنها العام الماضي والابن الآخر الأسبوع الماضي.