لم يكن من المتوقع أن تنسجم العلاقات بين حركة المقاومة الإسلامية «حماس» ونظام عبدالفتاح السيسي بعد سنوات من الاتهامات المتبادلة والتهديدات والتضييقات؛ حيث شارك إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، مساء اليوم السبت في بيت عزاء افتتحه نشطاء غرب مدينة غزة للجنود المصريين الذين قتلوا أمس في سيناء.
وتوافد عشرات المواطنين والشخصيات البارزة بينهم قيادات «حماس» على بيت العزاء بعد قليل من افتتاحه في المركز الثقافي للجالية المصرية غربي مدينة غزة، لافتًا إلى أن ترتيبات بيت العزاء جرت بالتعاون مع الهيئة العليا للعشائر.
صفقة العام
واعتبر مراقبون أن صفقة «حماس-دحلان» شكّلت مفاجأة مدوية تركت صداها على الساحة الفلسطينية بشكل عام؛ لما شكّلته من انتقال قسري ومفاجئ في طبيعة علاقة حماس وموقفها وسلوكها تجاه دحلان، في ظل الإرث الدامي الذي جلّل طبيعة هذه العلاقة سابقًا.
لا تتوفر حتى اليوم تفاصيل كافية بشأن مضامين الصفقة المبرمة بين الطرفين، غير أن التسريبات السياسية والإعلامية حدّدت أهم ملامحها؛ فبدت أشبه ما تكون برزمة متكاملة أو خريطة طريق واضحة المعالم للإبحار بالأوضاع الداخلية لقطاع غزة، في ظل العواصف العاتية والتحديات المتعاظمة التي تتناوشه من كل اتجاه.
محاربة تنظيم الدولة
ويقول حسن أبو هنية، المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة، إن النظام المصري مجبر على التعاون مع المقاومة الفلسطينية؛ فكل مخابرات العالم تتعاون معها في إطار حل الأزمات بينها وبين الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى المساعدة في محاربة تنظيم الدولة.
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أن النظام المصري لجأ إلى حماس ليكون له دور في القضية الفلسطينية لتعيده إلى الواجهة العربية والدولية؛ إذ يعتبر ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى من حركة «حماس» الأبرز الذي من الممكن أن يعيد نظام السيسي إلى الواجهة سريعًا إذا نجح في التوسط فيه.
انتهاء سياسة تدمير الأنفاق
وتوقفت مصر نوعيًا عن الإعلان عن تدمير شبكة كانت ذات يوم مزدهرة من أنفاق التهريب التي تستخدمها حركة حماس. وفي وقت سابق، نشرت الحركة تقريرًا ذكرت فيه أنها فقدت 21 من أفرادها أثناء حفر أنفاق تحت غزة عام 2016، بعضها يصل القطاع الفلسطيني بمصر والبعض الآخر يربطه بـ«إسرائيل».
وزار وفد من حماس، برئاسة رئيس مكتبها السياسي في قطاع غزة يحيى السنوار، مصر لمدة تسعة أيام الشهر الماضي؛ وتوصّل إلى تفاهمات لتقديم القاهرة تسهيلات تستهدف تخفيف حدة الحصار المفروض على القطاع.
وبعد التفاهمات بشأن أزمة الوقود ومحطة الكهرباء بغزة وتواصل دخول السولار المصري إلى القطاع، يبدو أن هذا المعبر سيستأنف عمله بشكل منتظم في سياق هذه التفاهمات، وهو المتنفس الوحيد لسكان قطاع غزة ومغلق منذ أكثر من مائة يوم لأسباب أمنية وأخرى تتعلق بالترميم والتوسعة التي تجرى في الجانب المصري منه.
عزاء الجنود المصريين
واليوم، قدّم إسماعيل هنية برفقة قيادات من حماس تعازيه إلى الشعب المصري وأهالي الجنود القتلى في الهجوم الذي استهدف ارتكازًا أمنيًا جنوب مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء، فيما كان في استقباله أعضاء من الجالية المصرية وقيادات فصائل العمل الوطني والإسلامي.
وأكد إسماعيل في تقديمه أن «الجنود المصريين راحوا ضحية عمل إجرامي»، وقال إن المؤسسات السياسية والأمنية بغزة عقدت اجتماعًا لمتابعة تداعيات هذه الجريمة، مشددًا أنها ستتخذ كثيرًا من الإجراءات على منطقة الحدود ومنطقة الضبط.
وقال: «سنتخذ إجراءات كثيرة بحيث تبقى غزة عصية على الاختراقات الأمنية من أي جانب، وتظل ساحة من ساحات الامتداد القومي والأمن القومي المصري».
وتبنى تنظيم الدولة هجومًا مسلحًا على ارتكاز أمني للجيش المصري في مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء؛ أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من العسكريين، وأدانت حماس الهجوم في بيان صحفي نشر أمس الجمعة ووصفته بـ«الجريمة الإرهابية».