شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أصدقاء مصر.. السيسي يتعاقد مع شركة أميركية رائدة في خدمات التجسس

أصدقاء مصر.. السيسي يتعاقد مع شركة أميركية رائدة في خدمات التجسس
بدأت الشركة عملها في مصر بخلق اسم تجاري جذاب «مصر تتقدم»، وإنشاء موقعٍ على شبكة الإنترنت وتويتر من أجل وضع نظام دوري ثابت من مقاطع الفيديو المتفائلة والمقالات التي تصف مصر بأنّها مكان نابض بالحياة ومستقر، ومجتمع أكثر

في مطعم فاخر بمدينة مانهاتن، تحديدًا في أوائل مايو الماضي، كان هناك حفل لتوزيع الجوائز السنوية لأفضل شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة؛ من ضمن الفائزين كانت شركة «ويبر شاندويك»، التي يقع مقرها في نيويورك؛ حيث حصلت على ثلاث جوائز، ولم يلاحظ كثيرون أنها الشركة نفسها التي أبرمت صفقة تبلغ قيمتها 1.2 مليون دولار سنويًا مع جهاز المخابرات العامة المصري.

يعتبر هذا الجهاز جزءًا من أجهزة الاستخبارات في مصر، ولعله الأكثر شهرة في الولايات المتحدة؛ لتعاونه مع وكالة المخابرات المركزية في تعذيب أعضاء «القاعدة» المشتبه فيهم بعد 11 سبتمبر.

يُعدّ عقد «ويبر» مع المصريين تقليديًا؛ لكنّ تعاقدها مع جهاز استخباراتي لدولة أجنبية معروف عنه استخدامه للتعذيب والقمع هو الأمر الجديد.

وقّعت «ويبر» وشركة الضغط «كاسيدي آند أسوشيتس»، وهي جزء من ويبر، عقدًا مع مصر في أواخر يناير؛ أي بعد ثمانية أيام من تنصيب «دونالد ترامب». ووفقًا للأوراق المودعة لدى وزارة العدل، ستقدم الشركات تقاريرها مباشرةً إلى اللواء «ناصر فهمي» مدير عام جهاز المخابرات المصرية.

ومن المقرر أن تعمل على تعزيز «الشراكة الاستراتيجية مع مصر»، مع التأكيد على «دورها القيادي في إدارة المخاطر الإقليمية». وبعبارة أخرى، ستعمل الشركة على تضخيم رسالة الحكومة المصرية نفسها، وهي أنّ تسليح السلطة الاستبدادية للدولة المصرية ودعمها ضروريان للحفاظ على السلام.

وحتى الآن، مثّل «ترامب» نعمة كبرى لحكومة «السيسي»؛ بعد إشادته به ووصفه بالرجل القوي أثناء الحملة الانتخابية، ودعوته إلى البيت الأبيض بعد أعوام من المعاملة الباردة من إدارة «أوباما».

وكانت آخر مرة عملتْ فيها «ويبر» لصالح مصر منذ أكثر من عقدٍ من الزمن؛ للمساعدة في تعزيز صناعة القطن. كما أنّ مصر لديها علاقات أكثر حداثة مع جماعات الضغط في مجموعة «جلوفر بارك»، التي ساعدت على إقناع المشرعين في إعادة المساعدات العسكرية الأميركية إلى القاهرة بعد انقلاب عام 2013. لكن، على عكس «جلوفر بارك»، وهي شركة تعمل من الداخل مع أعضاء الحزب الديمقراطي السابق، فإن «ويبر» شركة علاقات عامة معروفة بالتعامل وتوجيه الرسائل إلى عامة الناس.

بدأت الشركة عملها في مصر بخلق اسم تجاري جذاب «مصر تتقدم»، وإنشاء موقعٍ على شبكة الإنترنت وتويتر من أجل وضع نظام دوري ثابت من مقاطع الفيديو المتفائلة والمقالات التي تصف مصر بأنّها مكان نابض بالحياة ومستقر، ومجتمع أكثر ديمقراطية. وكان التوقيت حاسمًا، قبل بحث مجلس الشيوخ الأميركي حزمة مساعدات بقيمة 1.5 مليار دولار للقاهرة.

وبالرغم من أنّ ميزانية المساعدات العسكرية لم تنته بعد؛ إلا أنّ مسؤولي إدارة «ترامب» أكدوا لمصر أنّ صفقتها ستبقى على حالها، حتى إذا انخفضت المساعدات المقدمة إلى حلفاء أميركيين آخرين مثل باكستان وكولومبيا. ومع ذلك، يبدو أنّ الإدارة في طريقها للاستمرار في خطة «أوباما» لإنهاء التمويل النقدي غير المرغوب فيه. وعلى ما يبدو أنّ «ويبر شاندويك» لا يزال لديها عملٌ للقيام به.

تلعب «ويبر شاندويك» دورًا في حشد الرأي ضد جماعة الإخوان المسلمين، الجماعة الإسلامية السلمية التي فازت بالحكومة في انتخاباتٍ ديمقراطية، قبل أن ينقلب عليها «عبدالفتاح السيسي» عام 2013. وبدأت هذا العام الترويج لمصر التي تكافح ضد «الإرهابيين» أعداء أميركا.

لكنّ الحملة انحرفت تمامًا. ففي 31 مارس، نشرت على موقع «egyptfwd.org»، الذي تدير منه حملة تجميل صورة مصر لدى الأميركيين، أول منشورٍ لها بعنوان «ما يحتاج العالم إلى معرفته عن الإخوان المسلمين»؛ وألقت باللوم عليهم في الهجوم الانتحاري الذي وقع في القاهرة في أواخر عام 2016 وقتل فيه عشرات المسيحيين. ومع ذلك، سبق لـ«تنظيم الدولة» إعلان مسؤوليته عن الهجوم.

كما أهملت «ويبر شاندويك» أيضًا أعمال القمع ضد الإخوان المسلمين في منشوراتها. وعندما جاء «السيسي» إلى السلطة، قتلت قواته الأمنية مؤيديها، وأجبرتها للاختباء من جديد تحت الأرض. وقال «دانيال بنيامين»، المنسق السابق لمكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأميركية، لـ«بوليتيكو» في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، بشأن وصف الجماعة بالإرهابية: «أعتقد أنّه سيكون من الغباء بشكلٍ لا يصدق القيام به، والسبب الأساسي أنّها ليست جماعة إرهابية».

ومنذ توقيع «ويبر شاندويك» الصفقة مع مصر كثّف «السيسي» حملته، وحجب الصحف وسجن شخصيات المعارضة، مع مضاعفة سياسة الأرض المحروقة ضد الجماعات «الإرهابية». وبعد تسريب لقطاتٍ في أبريل تظهر القوات العسكرية المصرية تنفذ إعدامات خارج نطاق القضاء، انتقد الجمهوريون والديمقراطيون في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ سجل حقوق الإنسان في مصر. وفي جلسة استماع، اقترح الديمقراطي «بن كاردين» والجمهوري «ليندسي جراهام» قطع حزمة المساعدات العسكرية عن مصر.

وكان ممثلو «ويبر شاندويك» في جلسة الاستماع أيضًا؛ حيث وزعوا منشورًا يصف مصر بأنّها «شريكٌ مستقرٌ وموثوقٌ به». وتقدم الوثيقة المكونة من 14 صفحة تقييمًا إيجابيًا للغاية لسجل نظام «السيسي». وقال التقرير إنّ العامين الأولين من فترة ولايته أديا إلى «تحسيناتٍ في المؤسسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للبلاد، وفي الحقوق المدنية للشعب».

وعندما وصل وفدٌ من البرلمانيين المصريين إلى واشنطن لإطلاع مراكز الفكر والمشرّعين الأميركيين قبل أسابيع بالأوضاع في مصر، وزعت «ويبر شاندويك» نقاط الحديث، وساعدت في ترتيب لقاءاتٍ بشأن الكابيتول هيل، وأعدّت حضور المشرعين في هذه الاجتماعات، وفقًا للأشخاص الذين حضروا الاجتماعات مع الوفد، لكنّهم اشترطوا ألا تُكشف أسماؤهم.

وقال خبير الشؤون المصرية في مؤسسة القرن «مايكل وحيد حنا» إنّ تأثير «ويبر» سيكون محدودًا؛ نظرًا لأنّ لاعبين في واشنطن وضعوا بالفعل آراءً تجاه التحالف الأميركي المصري. وأضاف أنّهم «لن يؤثروا على أشخاصٍ مثل ماكين أو ليهي أو جراهام»، وهم من أشد منتقدي مصر في مجلس الشيوخ الأميركي.

وكان أبرز ما حدث في ظهور «ويبر شاندويك» على الساحة، وفقًا لـ«مايكل» وغيره من مراقبي مصر منذ فترة طويلة، قرارها بالعمل مباشرة مع المخابرات المصرية. ومن الناحية التاريخية، فضّلت المخابرات البقاء بعيدًا عن الأضواء، كما قال لي «أوين سيرس»، محلل الشؤون المصرية السابق في وكالة المخابرات الدفاعية الأميركية ومؤلف كتاب «تاريخ الشرطة السرية المصرية»؛ وساعد هذا في إبقاء مدى انتهاكات حقوق الإنسان في هذا الجهاز لغزًا. وقال «أوين»: «عندما تتعرض إلى الصعق الكهربائي والتعذيب لا تعرف أبدًا ما إن كنت لدى المخابرات العامة أو أي جهاز استخبارات مصري آخر».

يعمل «السيسي» جاهدًا لتعزيز سطوة الأجهزة الأمنية على مزيد من المؤسسات المصرية، بما فيها البرلمان ووسائل الإعلام. وأوضح مراسلو التحقيقات في مصر كيف لعبت أجهزة الاستخبارات في البلاد دورًا كبيرًا في تجنيد المرشحين عن الأحزاب المؤيدة للسيسي في البرلمان المصري، وقدمت الأموال لرجال الأعمال الذين اشتروا شركات الإعلام المصرية.

لكن، على الرغم من أنّ «ويبر شاندويك» تمثل مؤسسات المخابرات النخبوية المصرية في جهودها لنشر المعلومات المشكوك في صحتها؛ فإنّها قد تعمل بشكلٍ عكسي، بدلًا من أن تعزز مكانة مصر في واشنطن. وقال مختار عوض، الخبير في الإرهاب بمصر بجامعة جورج واشنطن: «إذا استمر هذا فلن يأخذ أحد مطالب الحكومة المصرية مرة أخرى على محمل الجد».

وهناك أيضًا مخاوف أخلاقية تجاه المساعدات الأميركية لمصر، كما ذكرت «ميشيل دن» الخبيرة السابقة في الشرق الأوسط بوزارة الخارجية وكبار المسؤولين في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، في شهادة أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في أبريل.

وقالت «ميشيل» إن «حالة حقوق الإنسان في مصر سيئة للغاية؛ بحيث يصبح من الصعب جدًا أن تعمل معها الحكومة دون أن تكون متواطئة بطريقةٍ ما».

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023