شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

من على سفينة التيتانيك

من على سفينة التيتانيك
بقلم: د. عبدالعظيم رمضان سفينة التيتانيك ما أشهرها خاصة بعد الفيلم...

بقلم: د. عبدالعظيم رمضان

سفينة التيتانيك ما أشهرها خاصة بعد الفيلم الذي أخرجه جيمس كاميرون .. في اعتقادي أنه عندما كتب هذا الفيلم لم يكن يقصد السفينة في ذاتها .. مشاهد الفيلم كلها مؤثرة كلها.. ولعب على رغبات المشاهدين في أغلب المشاهد .. واستخدم كل الإمكانيات المتاحة .. وخرج الفيلم بهذا الشكل المبهر .. خاصة مشهد الغرق.. لكن ما قصده هو ليس ما فهمناه .. وما أكتب عنه الآن هو ليس غرق السفينة.. أو الفيلم وصناعته.. أتكلم الآن على ما وراء الأحداث ورمزية الفيلم.. الجزء الثاني من الفيلم ظهر القصد من وراء هذه السفينة التي حملت أناسا من جميع جنسيات العالم منهم العرب .. وأحدهم يظهر في مشهد من الفيلم يقف أمام لوحة من اللوحات الإرشادية التي تدل على الطريق .. طريق النجاة ويمسك بقاموس ويبحث فيه عن معنى الكلمة المكتوبة في مشهد ساخر يوضح ما آل إليه حالنا كعرب لم نعد نواكب هذا العالم .. هو يتكلم بلغة غير لغتنا يكتب بلغة غير لغتنا يتحدث في التقدم والعلم ونحن مازلنا نبحث عن معنى الكلمة في اللوحة الإرشادية حتى نستطيع الخروج .. وفي إشارة أخرى هذا العربي على ظهر السفينة عربي مسلم .. معه زوجته المحجبة التي قالت له بالنص (ياللا ياللا) قالها (استني خليني أشوفها) وهو يقف في مفترق طرق لا يعرف إلى أين يذهب .. في مشهد دراماتيكي يبحث بكل سرعة عن معنى الكلمة في القاموس يفره بأصابعه بأقصى سرعة مع إيقاع غرق السفينة .. يذكرني بمشهد محمد صبحي في مسرحية ماما أمريكا عندما قال الظابط له: أنت terrorist رد محمد صبحي لأ tourist فأكد الكلمة مرة أخرى .. فأخذ يبحث في القاموس عنها في موقف مشابه لما حدث في سفينة التيتانيك

ليس هذا هو المشهد الرمزي الوحيد هناك أيضا مشهد آخر لأحد المهاجرين الذي أخذ يبحث عن ابنه حتى وجد لينوناردو دي كابريو يحمله وقد أنقذه فأخذه من على كتفه.. وذهب به والبطل ينادي عليه ..لأنه ذهب في الطريق الخطأ .. لكنه غرق.. في إشارة إلى انعزال المهاجرين عن المجتمعات التي يسكنونها وانفصالهم عنها خاصة في طريقة تربية أبنائهم مما سيؤدي إلى غرقهم .. وهذا الرجل على ما أتذكر روسي الجنسية مما يدفع الرمزية إلى الاتحاد السوفيتي وحادثة سقوطه .. حيث جرى البطل وراءه.. وقال له هذا الطريق خاطئ ارجع هنا لكنه لم يسمع.. وفي النهاية غرق ..

أما المشهد الثالث والذي لعب عليه طوال الفيلم هو الرأسمالية وظلمها .. وعدم المساواة واستغلالها لظروف الناس البسطاء لتحقيق الشهرة والمصالح الخاصة .. في مشهد استغلال خطيب البطلة للطفلة في أن يركب قوارب النجاة.. كما يحدث الآن في الحفلات الخيرية مع احترامي لنيات الجميع التي دائما ماتكون إيجابية .. فكما تعلمت في البرمجة اللغوية العصبية أن كل سلوك وراءه نية إيجابية ..

والمشهد الآخر للرأسمالية الطاحنة المدمرة هو صعود خطيب البطلة على أجساد الناس حتى يصل إلى ما يريده وهو النجاة.. هكذا هي الرأسمالية الطاغية (إن جالك الطوفان حط ابنك تحت رجليك) .. هكذا صعد الممثل على أجساد الناس حتى يصل إلى قوارب النجاة ..

المشهد الرمزي الآخر هو رجل الدين الذي أخذ يدعو الناس إلى الدين في وسط الغرق .. وينبههم إلى العذاب وإلى يوم القيامة وإلى الرب في قوله (مريم العذراء والدة المسيح صلي من أجلنا المذنبين الآن وفي ساعة موتنا …آمين)

المشهد الرمزي الآخر هو مشهد غرق الكابتن هو مشهد سياسي على الأرجح موجه للقادة المنعزلين عن شعوبهم ظنا منهم أن أسوارهم تحميهم من الغرق في حالة غرق الشعب .. أن حراستهم تحميهم من الموت في حالة أنه كتب عليهم هذا كتاب الله العزيز يقول (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا)

المشهد الرمزي الآخر تواطؤ الحكومات مع رجال المال ومعاونتهم لهم على نجاتهم وغرق الغلابة .. في مشهد قوارب النجاة الذين ركبوا هم رجال المال.. من حجز في درجة عالية .. رغم أن القوارب كانت ستنقذ الجميع لكنهم لم يرغبوا في خلط الطبقات مع بعضها .. كما حدث تماما في إنهيار سوق المال العالمي.. من تسبب في الأزمة العالمية هم الكبار ومن أخذ التعويضات والدعم المادي كان الكبار أيضا.. فجميع البنوك الأمريكية الكبرى أخذت تعويضات من الحكومات .. وكبار صانعي السيارات .. وذلك لإنقاذ الصناعة .. رغم أن الأموال في الأصل ذهبت إلى جيوب هؤلاء .. فدائما في البورصات يكون صغار المستثمرين هم وقود البورصة .. هو الحطب الذي يحترق حتى ينتصر الكبار ..

وكأن هذا الفيلم كان رؤية مستقبلية للكساد العالمي الذي حدث بعده إلى الآن تقريبا مرتين آخرهم الأزمة المالية العالمية التي عشناها جميعا..

الرمزية الكبرى في الفيلم هو غرق السفينة نفسها .. أي غرق العالم نفسه بكل الزخارف التي فيه .. قد تكون الرمزية الكبرى التي يقصدها هي قيام يوم القيامة .. ولا أجزم .. لكني أجزم أن غرق العالم هي إحدى الرسائل التي سعى إلى توصيلها ولتي تحققت بالفعل .. وستتحقق مرات ومرات حتى نعدل من نظام العالم

الرمزية الأخرى في الموسيقيين أولئك أصحاب المشاعر المرهفة الذين ظلوا مه بعضهم إلى ماقبل اللحظات الأخيرة يجمعهم شئ مشترك .. لكن لا شئ يدوم إلى مالا نهاية ..
الرمزية الكبرى تكمن في الحب .. نعم قصة الحب .. والدعم الذي أعطاه البطل للبطلة حتى تستطيع أن تكمل الحياة..

تكمن الرمزية في احتياج المرأة للرجل دائما في كل أمورها .. هو درعها دائما هو الذي يمدها بما تريد فالمرأة لا تملك القوة .. وليست من طبيعتها القوة .. ولا يستحسن أن تملكها حتى تتوازن الحياة .

قد نختلف وقد نتفق الحب ليس كل شئ .. لا يكفي أن تحب لابد أن تفعل شيئا .. لا يكفي فقط أن تحب .. أثبت هذا الحب

ومع اختلافي مع جيمس كاميرون الحب هنا كان الإطار الذي غلف الفيلم .. ففي اعتقاده أن من أحب بإخلاص نجح في أن يبقى للنهاية .. وأن المرأة التي تكسب رجلا واحدا يحبها ستكسب كل شئ مهما ضحت بالمال والسلطة .. التي أحبها أيضا صاحبهما .. لكنها لم تحبه ..

أنا أيضا أعتقد هذا لكني أختلف معه في أن الحياة ليست حبا فقط .. قد يكون هناك قيما أخرى غير الحب .. هناك قيمة القبول .. قبول الآخر قبول المختلف .. قبول الفقير .. قبول المحتاج .. قبول من لا نظنه من مستوانا .. قبول الآخر باختصار .. هناك ملايين القيم ولا يمكن أن نقصر نجاة العالم على قيمة الحب .. هناك التعون الدائم بين الناس .. قيمة العمل الجماعي العمل في فريق ..

حتى ينجو هذا العالم الذي نعيش فيه من كل هذا نحتاج تفعيل قيم غير الحب الذي يقصده جيمس كاميرون .. الحب أعمى .. ولا أحد يقوده فلا احد يملك قلبه لذا كان صلى الله عليه وسلم يقول (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) .. العقل هو مانملكه ونحتاج تفعيله ونحتاج لتعلم قياس الأمور .. ححتى نصل إلى شاطئ الأمان ..



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023