شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الصراع الساكت الصاخب : توازنات وتجاذبات

الصراع الساكت الصاخب : توازنات وتجاذبات
الصراع الساكت الصاخب : توازنات وتجاذبات عبد العزيز مشرف الرئيس المدنى المنتخب د . مرسى ، وما خلفه من قوى اجتماعية شعبية ، ...

الصراع الساكت الصاخب : توازنات وتجاذبات
عبد العزيز مشرف

الرئيس المدنى المنتخب د . مرسى ، وما خلفه من قوى اجتماعية شعبية ، وتيار سياسى ، وآمال وطموحات المصريين من ناحية ، والمجلس العسكرى وعلاقاته ومصالحه وتشابكات وتقاطعات تلك العلاقات والمصالح مع بعض الهيئات والجهات والأفراد : هذه هى ثنائية المشهد السياسى فى مصر الآن ، ونحمد الله على ذلك ؛ لأن الصورة لم تكن – يوماً – أوضح منها كاليوم ، فقد رأينا خلال الفترة الماضية اسنقطابات حقيقية ، وأخرى مصطنعة كاد فيها الناس أن يفقدوا البوصلة ، وتختلط الأوراق ، وهذا ما كان ينتهجه العسكر طوال الوقت من سياسة : صناعة استقطابات حتى داخل التيارات الواحدة ، ثم تصدير نفسه للناس باعتباره الحريص على مصالح ما ليعاد الاصطفاف والتمويه على الناس ؛ فعاش الناس لحظات كادوا يكفرون فيها بالثورة والثوار ، ومرت ساعات ثقيلة كاد العسكر يعيدون إقلاع النظان من جديد لولا أن تداركت الناس رحمة ربك ، ليعود مع معركة انتخابات الرئاسة وما تليها الواقع كما هو دون زيف : فريق العسكر فى مواجهة فريق الإرادة والسلطة الشعبية المدنية المنتخبة .

إذاً نحن فى عين معركة ساكتة حيناً وصاخبة حيناً يحاول فيها العسكر باستمرار تصدير أنفسهم على أنهم حماة الشرعية ، وحماة طابع الدولة من أية تهديدات ، وهم يفعلون ذلك عبر وسطاء كانوا يوماً فصائل سياسية بان خورها الشعبى ، ومن خلال متحدثين إعلاميين ينطلقون من مخاوف وأوهام وفى الغالب من نزعات نفسية لترويج سياسات العسكرى ومحاولة إيجاد حالة من الاصطفاف حول العسكرى ، أو محاولة صنع أزمات ، ورأى عام يتيح للعسكرى التدخل ، وصل الأمر فى أحيان كثيرة إلى مطالبات صريحة وفجة لطلب التدخل بل والانقلاب على الإرادة الشعبية ، ومن خلال قضاء يحتل مقاعده المؤثرة أولياؤهم كما فى الدستورية العليا التى يراد لها الآن وفى المستقبل أن تكون الواجهة التى يمارس العسكر من خلالها فرض سيطرتهم على الحياة وتوجهها وعلى الإرادة الشعبية ، فقد باتت أهم أدوات الصراع الآن ، وإن ظل الإعلان الدستورى المكمل قائماً فسيكون لها فى المستقبل القريب دور أبعد فى صياغى الدستور ، وهو معركة العسكر ” الاستراتيجية ” وكل ما نراه ونسمعه الآن هو تكتيكات للوصول للهدف الاستراتيجى ” صياغة الدستور ” .

فى اللحظة الحالية من الصراع – الذى يأخذ الملمس الناعم قضائياً وإعلامياً ، والذى قد يتحول إلى المظهر الخشن مع قرب الوصول إلى نقطة النهاية – ؛ فإن عناصر الحسم أوراقه – بلا شك – هى فى صالح الإرادة الشعبية ممثلة فى الرئيس المدنى المنتخب حيث : –
1 – للرئيس شرعية شعبية انتخابية تفوق شرعية المجلس العسكرى التى ادعاها بحكم الضرورة ، هذه الشرعية كفيلة بأمرين : –
أ – صف القوى الوطنية والثورية خلفه فى معركتهم مع العسكر ، وتحييد بعض الجهات والمؤسسات التى كان العسكر يستخدمونها سابقاً .

ب – وجود رئيس منتخب يمثل ضغط قانونى وشعبى داخلى على العسكر يمنعهم من ارتكاب حماقات كبرى – مع عدم استبعادها على الإطلاق ، وفى ذات الوقت يستجلب ضغطاً دولياً على العسكر لعدم إفساد تجربة الرئيس المنتخب ؛ خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التى سيسبب لها أى صراع خشن على السلطة فى مصر إرباكاً شديداً وجذباً لخيوطها الدولية وخصوصاً ربيبتها إسرائيل ؛ لذلك سيسعون – وهم قد بدءوا بالفعل – للجم طموح العسكر وخاصة إذا حصلوا على تطمينات من جانب الرئيس وفريقه والتى قدموها بالفعل ولا يفتئون يقدمونها دوماً .

2 – الاحتشاد الشعبى الواسع والمتواصل فى شكل اعتصامات مدروسة ومنسقة وحول مطالبها اتفاق عام ، والمتحركة – أحياناً – حسب طبيعة اللحظة قادرة – بحول الله – على زلزلة مواقع العسكرى السياسية ، وإحداث تصدعات عميقة فى خريطة تحالفاته وعلاقاته ، ولا أكون مبالغاً – إن قلت إن ذلك سيكون أيضاً حتى على مستوى القوات المسلحة وقادتها الكبار ممن هم دون المجلس العسكرى أو حتى بعض من فى المجلس لن يسعهم إلا الانقياد للشرعية تحت قصف الجماهير الهادرة فى حال تحركها ، وليتبن – حينها – الرئيس الخطاب السياسى للجماهير ، ويفعله بقرارات جمهورية ، ولنر ماذا يكون إذا أعلن الرئيس إلغاء الإعلان الدستورى المكمل والجريمة ؟

فى الأيام القادمة ربما تحولت المعركة إلى ما تشبه لعبة الموت بمعنى أن الخطأ الواحد الفادح قد تكون فيه النهاية ، وأزعم أن العسكر أقرب لارتكاب الأخطاء ، وأفدح أخطائهم ستكون إن فكروا فى استعمال القوة فى مواجهة الناس إن أصروا على إلغاء الدستورى المكمل ، وهنا تاتى أهمية أن تكون القيادة السياسية المنتخبة عند مستوى طموحات الشعب وهذا يستلزم : –
1 – تبنى المطالب الشعبية وتحويلها إلى خطاب سياسى رئاسى وقرارات فى اللحظة المناسبة .
2- توفير الغطاء السياسى والاعتراف بشرعية المطالب والتحركات الجماهيرية ؛ مما سيكسبها زخماً ومدداً .

3 – الدفع بالشباب الثورى الواعى بطبيعة المرحلة غير الأعمى ” أيديولوجياً ” ليقودوا هم المواجهة السياسية والميدانية ، ولتكن مؤسسة الرئاسة خلفهم توفر لهم الشرعية و والإمداد السياسى .

4 – حسن استخدام الإعلام ، والتواصل المستمر مع الناس لقطع الطريق على الآخرين لشيطنة ، التحركات والمطالب ، وتكفير الناس بها ، فمعركة الإعلام وصناعة الوعى الرأى العام لا تقل أهمية ولا خطورة عن معركة القانون و السياسة والميدان .

5 – إرسال خطابات طمأنة لكل الجهات داخلية وخارجية عربية وأجنبية بأن ما يحدث هو مواجهة بين سلطة شرعية منتخبة مدنية وبين العسكر الذين لا يريدون الانصياع لإرادة الأمة ، وأن مصالح الجميع مصونة ما داموا يساندون الشرعية الشعبية .

حينها سيأتينا نصر الله ؛ لأننا نكون قد أخذنا بأسبابه ، لكن إن تخاذلنا شعباً أو رئيساً أو تيارات سياسية فلا عزاء لنا إنما هو ما جنيناه على أنفسنا .

” إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ، ويستبدل قوماً غيركم ، ولا تضروه شيئاً ، والله على كل شىء قدير ” التوبة 39



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023