خلال الشهرين الماضيين زادات التحركات الدبلوماسية والاقتصادية لدول الخليج، خاصة السعودية وقطر والإمارات، في السودان وإثيوبيا، اللذان يعدان امتدادًا طبيعيًا لدوائر أمن الخليج القومي. بينما رأى مراقبون أنها عملية حصار خليجي للسيسي في إفريقيا؛ أحْدَثُ ملامح هذا الحصار زيارة الشيخة موزة إلى السودان.
“السودان أم الدنيا”
أثارت زيارة الشيخة موزة المسند، والدة أمير قطر الحالي الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، إلى السودان -منذمطلع الأسبوع الجاري وحتى الثلاثاء منه- جدلًا كبيرًا في الساحة المصرية ما زالت تداعياته مستمرة حتى اللحظة؛ خاصة أنها حملت مجموعة من الرسائل الضمنية والموجهة إلى مصر.
وخلال زيارة موزة إلى السودان تداول ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي صورًا لما كتبته في دفتر الزيارات؛ حيث ادعى البعض أنها كتبت عبارة “السودان أم الدنيا”.
وتأتي الزيارة تزامنًا مع تصعيد سوداني ضد مصر، فبينما زارت موزة الخرطوم قررت الحكومة السودانية حظر استيراد منتجات المربى والكاتشب من مصر، واعتبارها سلعًا فاسدة مصنعة من مدخلات إنتاج ملوثة؛ في إشارة منها إلى الخضراوات والفاكهة المصرية، وغالبًا ما تكون هذه الرسائل الجانبية مقصودة وموجهة؛ فمصر -على سبيل المثال- عندما استقبلت الملك سلمان بن عبدالعزيز أغلقت قناة المنار اللبنانية، في خطوة رآها مراقبون حينها أنها تودّدية للسياسة السعودية.
مستشار سلمان يزور إثيوبيا
وبعد تطور هذا الخلاف بين البلدين، زار المستشار السياسي للملك سلمان منذ أيام قليلة دولة إثيوبيا مفاجأة، وكذلك زيارة سد النهضة الإثيوبي الذي تعارض مصر إنشاءه، في نكاية من السعودية ضد مصر؛ لأنها تعلم تمام العلم أن هذه الزيارة ستغضب الجانب المصري، وقد تم الاتفاق خلالها على توليد الطاقة الكهربائية لصالح السعودية من سد النهضة.
وكانت آخر الزيارات الأربعاء الماضي؛ حيث زار السد وفد تركي برئاسة وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي وبصحبته مائة من رجال الأعمال.
قطر على خطى المملكة
بعد يومين من زيارة مستشار “سلمان” إلى إثيوبيا، سارت قطر على نفس الخطى؛ فزار وزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إثيوبيا والتقى بمجموعة كبيرة من المسؤولين ووقِعت كثير من الاتفاقيات بين الجانبين خلال هذه الزيارة. وأكدت صحيفة “العرب” اللندنية أن قطر بهذه الزيارة إلى إثيوبيا تعلن تحالفها مع السعودية ضد مصر.
الإمارات تدخل الصف
ولم تكن السعودية وقطر فقط اللتان تسعيان إلى الاستثمار في إثيوبيا، فباقي دول الخليج تبدي اهتمامًا بهذا الملف؛ من بينها الإمارات التي ما زالت تدعم السيسي، وهي إحدى الدول المساهمة في تمويل سد النهضة، كما أن لها استثمارات في إثيوبيا تقدر قيمتها بنحو 800 مليون دولار، بحسب تصريحات سابقة لوزير الاقتصاد سلطان المنصوري.
قلق برلماني
إلى ذلك، عقدت لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس نواب الانقلاب اجتماعًا الشهر الماضي لمناقشة الزيارات الخليجية إلى سد النهضة. وقال النائب مصطفى الجندي إن “وزير الخارجية أكد عدم وجود (تمويل مباشر) من السعودية وقطر لسد النهضة”، وتابع: “لكنا لا نعلم ما إذا كان هناك أمر سري يمثل تهديدًا للمصريين”.
من جانبه، قال النائب كمال أحمد إن سد النهضة أصبح أمرًا واقعًا، وإن الخطر الحقيقي من ورائه لم يبدأ بعد، مضيفًا أن ما تقوم به قطر والسعودية في إثيوبيا هو “كيد نساء” يجب أن تتعامل معه مصر بجدية، على حد تعبيره.