تعرض جنود مصر الشرفاء مساء أمس الأحد لحادث اعتداء مشين أودى بحياة 16 شخصا من حماة الوطن ورجاله الشرفاء، وتعددت التفاسير والتأويل لهذا الحادث سواء على الجانب المصري أو الإسرائيلي أو الفلسطيني، وآثرنا في "شبكة رصد الإخبارية" التعرض للعديد من وجهات النظر في هذا الموضوع، وتوجهنا بالأسئلة الآتية للأستاذ عمرو زكريا -المترجم والباحث في الشئون الإسرائيلية- والذي عبر عن بالغ أسفه لما حدث وأعطى الجيش المصري كل الصلاحيات في اتخاذ كافة التدابير الأمنية لتأمين الحدود مع غزة، وأرجع ما حدث إلى الانفتاح بين مصر وغزة دون وضع آليات تحكم وتققن تلك العملية، لكنه يتوقع أن أجهزة الاستخبارات في فلسطين ومصر وإسرائيل ستتعاون سويا على الأقل بالنسبة للجانب المعلوماتي لمنع تكرار هذا الحادث مستقبلا، قائلا: "إن المستفيد الأكبر من تلك الأحداث هي إسرائيل".
وأضاف بأن ما حدث اختبار حقيقي لقدرة الرئيس محمد مرسي على اتخاذ قرار حاسم في بداية فترته الرئاسية، ويرى زكريا أن تلك الواقعة من شأنها أن تلهي إسرائيل عن مشاكلها الداخلية وتوحدها نحو الهاجس الأمني والترويج بأن إسرائيل يحيط بها الأعداء من كل جانب، ويعتقد زكريا أن كامب ديفيد ستطرح على طاولة البحث من جديد لتعزيز التواجد الأمني في سيناء وصد هذا الخطر على مصر وإسرائيل.. وهذا أبرز ما جاء بالحوار:
ما هي السيناريوهات المتوقعة بعد هذا الحادث على الجانب المصري والاسرائيلي والفلسيطيني؟
من المؤكد أن هذا الحادث سيؤثر بشكل كبير على شكل العلاقات بين الاطراف الثلاثة، فمن الناحية المصرية لا أعتقد أنه على الرغم من التقارب الذي ظهر في الفترة الأخيرة بين مصر بعد تولي الرئيس مرسي، الا أن هذا الحادث قد وضع الرئيس في حرج شديد أمام الشعب وكذلك المجلس الأعلى للقوات المسلحة، التي تضررت بشكل مباشر من الانفتاح غير المحسوب على غزة مع عدم وضع الأمن القومي المصري في الاعتبار مما سيجعل الأجهزة الأمنية المصرية تتخذ خطوات قد لا يرضى عنها الرئيس مرسي أو حماس في غزة لكنهم في ظل هذا الحادث لن يستطيع أحد المعارضة في ظل التأييد الشعبي الذي سيحصل عليه الجيش في مواجهة مثل تلك الأحداث.
من ناحية أخرى مثل هذا الحادث سوف يدفع الإسرائيليون إلى الإسراع من إكمال الجدار الفاصل بين سيناء واسرائيل للحد من تكرار مثل هذه العمليات، كما ستستفيد اسرائيل من هذه العملية بأن الجيش المصري سوف يضطر إلى اتخاذ إجراءات ضد الإرهابيين في سيناء، مما سيقلل من احتمال وقوع هجمات مماثلة على الجانب الإسرائيلي، وكذلك الخطوات التى ستقوم بها مصر من إغلاق للانفاق والتي يتم من خلالها تهريب السلاح والإرهابيين إلى سيناء والسلاح إلى غزة من سيناء، مما سيقلل من خطر مثل هذه العمليات مستقبلا. وأعتقد أن الخاسر الأكبر من هذه العملية هم الفلسطينيون في غزة وحماس بشكل خاص، حيث كانت أولى الخطوات المصرية هي إغلاق معبر رفح الحدودي الذي يعتبر المنفذ الوحيد للفلسطينين في غزة على العالم الخارجي، وإغلاق الانفاق التي يتربح منها الكثيرون في غزة، سواء من تهريب السلع أو السلاح إلى حماس، وكذلك خسارة كبيرة في تعاطف الشعب المصري مع غزة وحماس باعتبارها مقاومة للاحتلال الإسرائيل.
كما سيدفع هذا الحادث الأطراف الثلاثة إلى التعاون الأمني معا ضد جماعات الإرهاب على الأقل على المستوى المخابراتي والمعلوماتي، على الرغم من توتر العلاقات بين الأطراف الثلاثة إلا أن هذا الحادث قد وضع لهم مصلحة مشتركة يجمعهم فيما بينهم من أجل درء هذا الخطر الذي يهدد مصلحة الأطراف الثلاثة.
من المستفيد من وجهة نظرك من هذا الحادث؟
المستفيد الوحيد من هذا الحادث هو إسرائيل، لأنه سوف يدفع مصر إلى العمل على زيادة سيطرتها على سيناء والقضاء على الأنفاق التي تشكل تهديدا على إسرائيل حيث يتم تهريب السلاح من خلالها إلى الفلسطينين في غزة، وكما سيدفع إسرائيل إلى التعجيل من بناء الجدار العازل مع سيناء مما سيساعد كذلك على وقف الهجرة غير الشرعية للأفارقة إلى إسرائيل عبر سيناء. وكذلك ستتأثر السياحة في سيناء من مثل هذه الأحداث مما سيزيد من فرص السياحة فى إيلات.
هل ترى أن الحادث عبارة عن "بالونة" اختبار للرئيس مرسي لقياس رد فعله؟
الحادث ليس "بالونة" اختبار بل اختبار حقيقي لأداء الرئيس مرسي، فقد وقع شهداء مصريين بالفعل، ويجب أن يكون رد فعل الرئيس حازما في مواجهة مثل هذه الأحداث وأنه لا تهاون ولا تسامح في الدم المصري من أي طرف كان خاصة بعد الثورة. ويجب أن يكون لأمن مصر وصيانة دم شعبها وجندها الأولوية الأولى على أجندة أي رئيس مصري، ولو لم يحدث ذلك فإنه سوف يسقط سقوطا مدويا ولن يغفر له الشعب ذلك أبدا.
هل هذه العملية جاءت في هذا الوقت لإلهاء الإسرائيليين عن المشاكل الداخلية هناك؟ وهل هناك علاقة بين توقيتها وبين أهدافها؟
إذا وافقتك مع هذا السؤال فكأني أقول أن إسرائيل هى التي قامت بهذه العملية. لا أعتقد أن إسرائيل لها يد في هذه العملية، والجميع يقول أنها قد حذرت قبل ذلك بيومين، أنا أعتقد أن الاجهزة الأمنية الاسرائيلية تعمل بشكل دائم خشية هذه العمليات خاصة بعد العملية التى حدثت في العام الماضي، ودائما ما تصدر تحذيرات إسرائيلية لمواطنيها بتوخي الحذر في العديد من دول العالم وليس مصر فقط. لكن بالطبع أن توقيت العملية يخدم الحكومة الإسرائيلية بالفعل لإلهاء الشعب بالهاجس الأمنى وأن الدولة الإسرائيلية معرضة لخطر دائم وأنها محاطة بالأعداء من كل اتجاه وأنه يجب على الإسرائيليين التكاتف من أجل مواجهة هذا الخطر.
ما هو مستقبل العلاقات المصرية – الإسرائليية من جانب والمصرية – الفلسطينية من جانب آخر؟
في أعقاب هذا الحدث أن اعتقد أن مستقبل العلاقات على المستوى الأمني على الأقل سوف يتحسن، فمصر سترغب في أن يكون هناك تنسيق مخابراتي مع الجانب الإسرائيلي من أجل منع مثل هذه الأعمال مستقبلا اعتمادا على المعلومات المتوفرة لإسرائيل من عملائها في غزة بين الفلسطينيين والحركات الإرهابية والتي تمدها بمعلومات عن حدوث مثل هذه العمليات قبلها.
أما بالنسبة للعلاقات المصرية – الفلسطينية فيجب على حماس إبداء حسن النية وعدم اعتبار تولي الرئيس مرسي بأن مصر قد صارت ولاية تابعة لهم والعمل على منع مثل هذه العمليات ووقف تهريب السلاح والإرهابيين إلى مصر، و أن العلاقات بين الطرفين سوف تسوء بشكل كبير وسوف يخسر الفلسطينيون تعاطف الشعب المصري معهم.
هل هذا الحادث سيفتح الطريق لإعادة النظر في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية؟
يجب أن يعيد هذا الحادث فتح ملف معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية خاصة في الترتيبات الأمنية وأعتقد أن هذا سيكون في صالح الأطراف الثلاثة، المصري والإسرائيلي والفلسطيني. فيجب على الجيش المصري الانتشار في جميع أنحاء سيناء وضبطها أمنيا.
من وجهة نظرك ما هي الخطوات والإجراءات التي يجب أن تقوم بها القيادة المصرية؟
أولا وضع ملف تنمية سيناء على أولوية القضايا المصرية، السيطرة الأمنية الكاملة على كافة الحدود والمنافذ المصرية وعدم التهاون مع المجرمين والإرهابيين، وعدم التهاون مع أي طرف يهدد مصلحة مصر وأمنها القومي أيا كان سواء كان عربيا أو أجنبيا.
ماذا تقول للشهداء؟
أقول للشهداء: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"، وأقول لهم أنتم في القلب وأن دماءكم لن تضيع هباء ولن يهدأ الشعب المصري حتى يأخذ بثأركم.