أعطنى إعلامًا بلا ضمير.. أعطك شعبًا بلا وعي، كما تعكس تلك المقولة التى قالها جوزف جوبلز، وزير إعلام هتلر، الدور الذى قد يقوم به الإعلام فى تزيف عقل الجمهور بل وتضليلهم مما يؤثر على رأيه وقراراته التى قد تأتى ضد مصلحته ولكنها فى ذات الوقت قد تصب فى مصلحة جماعة معينة من أصحاب المال والإعلام والمصالح الخاصة ذلك الذى لمسنا خلال الثورة المصرية 25 يناير 2011، سواء فى وسائل الإعلام الرسمية أو الخاصة، ولا نزال نلمسه ولكن فى أطوال وأشكال مختلفة ومتقلبة من حال وحال، فهل هذا يتفق مع معايير المهنة ومواثيق الشرف التى ترسخ دور الإعلام فى بناء الفرد والمجتمع وتنميته، وكيف يمكن التعامل معها.
حرية بلا مسئولية
يؤكد الدكتور محمد عبد الحكم، الكاتب الصحفي، أن هناك سلبيات كثيرة فى الإعلام، سواء فى مادة إعلامية أو الإعلامى ذاته، تحتاج لتقنينها من خلال القانون، ويقول: "ففى ظل الفوضى التى تشاهدها البلاد فى جميع النواحى أصبح الإعلام أرضا خصبة لنشر الشائعات وبثها بحرفية لكى يتقبلها المواطن العادى وتوجه للمسار الخاطئ، مشيرًا إلى مسئولية الجهات قضائية أو الرقابية كنقابة الصحفيين أو وزارة الإعلام نفسها فى إصدار قرارات وقف الإعلامى أو القنوات التى تقوم بذلك.
ويشير دكتور فاروق أبوزيد إلى مشكلة الفضائيات بعد ثورة يناير فحريتها أصبحت بلا حدود وهى إيجابية مهمة, ولكن هذه المساحة من الحرية لم يقابلها قدر من المسئولية لحماية المواطنين من الآثار السلبية، وهذا يتطلب وضع تشريعات لضبط الإيقاع , مشيرًا فى الوقت ذاته إلى دور الإعلام فى تسليط الضوء على مشاكل المواطنين، وفتح الباب للرأى والرأى الآخر.
الإعلام وتوتر الأجواء
ويلفت الكاتب محمد سرور إلى خطورة ما تقوم به وسائل الإعلام عند عدم التثبت من الأخبار والاستعجال فى تحقيق السبق دون النظر لعواقب الأخبار التى تنشرها. ويضيف سرور قائلا: "ففى الوقت الذى يبث فيه الإعلام ليل نهار أخبارا حول قدوم مصر على حافة الهاوية بسبب الحالة الاقتصادية المتردية، نجد الإعلام الأمريكى لا يتحدث بنفس اللهجة رغم المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى تتعرض لها أمريكا والتى تفوق مشاكلنا بعشرات المرات".
معايير المهنة
ويؤكد خالد حسن مدير مكتب أخبار اليوم بسوهاج ذلك قائلا: "هناك قنوات فضائية وصحف غير موضوعية بالمرة وهى فى مجملها منحازة لا تلتزم بالعمل المهنى ومعايير العمل الإعلامى والصحفى، مشيرًا إلى أن خطورة تلك الممارسات تكمن فى مساهمتها بطريقة أو بأخرى فى تكوين الرأى العام والتأثير عليه سواء بالإيجاب أو السلب، ذلك الذى يستوجب وضع أسس ومعايير تراعى ميثاق العمل الصحفى وتستطيع محاسبة أو محاكمة الخارجين عن النص.
وتتفق معه نجوى سيف النصر مقدمة برامج بقناة طيبة بالتليفزيون المصرى قائلة: "يجب على الفضائيات تحرى الدقة والمصداقية والحيادية فيما تقدمه من برامج للمواطنين فالجمهور أحيانا يكون مصدر أخباره الوحيد هو تلك الفضائيات وما نراه الآن من وضع لا يراعى مواثيق العمل الإعلامى والصحفى يؤثر بالسلب على الرأى العام".
وتطالب "نجوى " بضرورة تفعيل مبدأ المحاسبة لمن يخطئ ويخرج عن معايير العمل الإعلامى والصحفى فالحرية لا تعنى عدم الالتزام بالمعايير والقيم.
المحاسبة بالقانون
وعلى الجانب الآخر، انتقد المستشار كمال الإسلامبولى المنسق العام للمجلس الوطني، سيطرة فكر معين على الآلة الإعلامية وإرهاب الإعلاميين، مشيرًا إلى أهمية القضاء على سلبيات الإعلام بالمحاسبة القانونية، وليست بالقرارات التعسفية من قبل مؤسسة الرئاسة مباشرة، قائلا: "فنحن قمنا بثورة من اجل دعم دولة القانون وليس من اجل فرط القوة".
وأضاف الإسلامبولى قائلا: "الإعلام المرآة بين الدولة والمواطن التى يرغب من خلالها فى معرفة حقائق يود أن يعرفها لا نرغب فى عودة عصر تكميم الأفواه مرة وبث ما يرغب النظام فى بثه فلابد وأن يعى الجميع أن البلد فى حالة ثورة على الأخطاء لكى يسير الجميع إلى الطريق ولا نريد أن نتبع سياسة السمع والطاعة التى تعد بمثابة سر النجاح جماعة الإخوان المسلمين".