ظهرت الكثير من الأحزاب السياسية منها اليسارية ومنها إسلامية سياسية ومنها أحزاب قديمة منذ عشرات السنين ولكن لم تلعب تلك الأحزاب التقليدية دورا يذكر أثناء الثمانية عشر يوما التي امتدت من الخامس والعشرين من يناير 2011 وحتى تنحي مبارك في الحادي عشر من فبراير.
والآن تحاول بعض هذه الأحزاب أن تخلق لنفسها وجودا ما على الساحة السياسية مستفيدة بالميزة النسبية التي تتمتع بها والتي تتمثل في وجود بنية تحتية قائمة "مكاتب، وقوائم أعضاء، وهيكل تنظيمي، وخبرات انتخابية" ومنهم حزب الوفد وهو أحد أهم هذه الأحزاب بتاريخه منذ ثورة 1919 وهو حزب ليبرالي التوجه ، وحزب الغد والكرامة والذي يرأسهما أيمن نور وحمدين صباحي على التوالي وهناك حزب الوسط الذي بدأت محاولات تأسيسه في منتصف التسعينات كما برزت حركة شباب 6 أبريل في السنوات الثلاثة الأخيرة كإحدى أنشط المجموعات الاحتجاجية ضد نظام مبارك.
كما أنشأ رجل الأعمال نجيب ساويرس حزب المصريين الأحرار وهو حزب ليبرالي يبدو منشغلا أساسا بالحيلولة دون سيطرة الإسلاميين على مقاليد الأمور في مصر ومنع تحويلها إلى دولة دينية.
وسيستفيد الحزب من الإمكانيات المالية والإعلامية الهائلة لساويرس ومن دعم غالبية المسيحيين له. ولكن المرجح أنه سيكون في موقف ضعيف انتخابيا لو أصبح ينظر إليه باعتباره "حزب الأقباط".
ولكن بالرغم من كل هذه الأحزاب التي تكاثرت بعد الثورة ولكن افتقرت مصر بعد الثورة الكثير من أصوات المعارضة والتي تعد من أهم الأصوات التي لابد أن تتواجد على الساحة السياسية حتى تحدث حراك وتقوم من السلطة الحاكمة فكانت جماعة الإخوان المسلمين من أبرز أصوات المعارضة فى عهد النظام البائد ومعها حركة 6 أبريل وحزب الوفد والغد
قال الدكتور حسن أبو طالب- إن الأحزاب المعارضة الموجودة حاليا على الساحة السياسية ضعيفة للغاية تكاد تكون منعدمة وليس لها تأييد شعبي موجود على الأرض بالرغم من وجودها على الساحة السياسية من عشرات السنين مثل حزب الوفد وحزب الغد ولكن عندما دخلوا في أول اختبار قياس لهم في انتخابات مجلس الشعب والشورى كان لا يمثل منهم سوى شخص أو اتنين
وأضاف "أبو طالب" أن هناك أمل في الأحزاب الجديدة التي يتم إنشاؤها الآن والتي واحدة من أهدافهم أنها تقف ضد هيمنة الإخوان وضد التيار الحاكم في مصر وهو حزب الدستور الذي ينشئه الدكتور محمد البرادعي والذي يضم مختلف التيارات ومنهم 6 أبريل وبعض الإعلاميين وبعض المثقفين ليبدأ تكوين شعبية له في الشارع المصري حتى يكون جبهة معارضة قوية، مشيرا إلى أن جميع الأحزاب التي نشأت بعد الثورة اهتمت بإنشاء الحزب ودخول الانتخابات وتأسيس الأعضاء وتجاهلت التأييد الشعبي لها في الشارع المصري والذي هو أساس قوة الحزب والذي سيعطى للحزب ثقله ويكون له جبهة معارضة قوية .
وأكد "أبو طالب" لشبكة "رصد" الإخبارية أن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين هو من أبرز الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية والتي تحظى بتأييد شعبي كبير بالإضافة إلى تحالفها مع حزب النور وحزب الأصالة وباقي الأحزاب الإسلامية، فتجمع هؤلاء أعطاهم القدرة على المنافسة مع تلك الأحزاب الضعيفة ،مشيرا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين كانت أقوى جبهة معارضة موجودة على الساحة السياسية أيام النظام البائد يليها حزب الوفد والغد و6 أبريل .
فيما أكد الدكتور مصطفى كامل السيد -رئيس مركز دراسات وبحوث الدول النامية وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية – انه من الخطأ الحكم على المعارضة في مصر في هذه المرحلة التي مازالت الأحزاب السياسية تبنى فيها شعبيتها وبلور نفسها من جديد على الساحة السياسية ،مشيراً إلى العدد الكبير من الأحزاب الذي تم إنشاؤه بعد الثورة والذي مازال يبدأ لصنع شعبيته.
وأوضح"كامل" أن المظاهرات الأخيرة والتي دعا لها "أبو حامد" ليست حكما على المعارضة ى مصر لان اغلب أحزاب المعارضة القديمة والجديدة أعلنت عن رفضها فلا يمكن اعتبار قلة المتظاهرين في هذا اليوم.
وقال"كامل" في تصريح خاص لشبكة "رصد" الإخبارية إن المعارضة يتم تقييمها من خلال المجالس النيابية "مجلسي الشعب والشورى" والذي كان يجب أن يكون فيه تواجد اكبر لقوى المعارضة ولكنه انحصر المعارضة على عدد ضئيل فى مجلس الشعب والشورى،مؤكدا أنه من اجل أن تكون المعارضة فعاله لابد أن يكون لها دور قوى في المجالس النيابية حتى تسأل الحكومة وتعارضها فالمؤسسات النيابية منحلة الآن فلا مجال للتقييم، فبدون المجالس النيابية فالعمل لها من خلال وسائل الإعلام
وأضاف: "أننا يجب أن ننتظر الانتخابات القادمة حتى نعرف وزن المعارضة الحقيقة في مصر وتقييم أدائهم بعد مرور سنتين من ثورة 25 يناير وننتظر وضع الدستور وانتخابات مجلس الشعب والشورى الجديدة حتى تقييم وضعهم الحقيقي على الساحة السياسية".
فيما قال يسري عزباوي – الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية – "منذ أن عرفت مصر الأحزاب السياسية بمعناها الحديث في مطلع القرن الماضي لم يحدث مثل هذا الحراك الحزبي الذي تشهده مصر الآن بعد ثورة 25 يناير المجيدة، و يتجلي هذا الحراك في إقبال مدهش علي خوض تجربة تأسيس أحزاب سياسية دون النظر إلى دور المعارضة، مشيرا إلى اهتمامهم الملحوظ بالعمل الحزبي في أوساط فئات وشرائح اجتماعية عدة".
وأضاف عزباوي: عندما يسقط نظام صادر حقوق الناس وحرياتهم, يتحرك كثير منهم في اتجاهات شتي, ويقبلون علي العمل الحزبي بغض النظر عن قدرتهم عليه وفاعلية الأحزاب التي يؤسسونها أو حتى جديته،موضحا أن أحزاب المعارضة الرئيسية مثل الوفد والتجمع والناصري والغد والجبهة الديمقراطية والتي كانت محاصرة في ظل العهد البائد وكانت محرومة من التواصل مع الجماهير من خلال وسائل الإعلام ويتم التضييق عليها في العمل السياسي الجماهيري فكانت عضويتها محدودة ونفوذها السياسي ضعيفا، ان هذه الأحزاب تواجه الآن تحديا كبيرا يتمثل في مدى قدرتها علي كسب عضوية جديدة وخاصة من الشباب الذين جذبتهم الثورة إلي ساحة العمل السياسي ويتجاوز عددهم عشرين مليون مواطن, يمكن خلال كسبهم لعضوية هذه الأحزاب وزيادة نفوذها في المجتمع وتوسيع نشاطها ليشمل كل أنحاء مصر, ويتطلب مواجهة هذا التحدي أن تغير هذه الأحزاب خطابها السياسي ليطرح حلولا حقيقية لمشاكل المجتمع المصري. أما الأحزاب القديمة الهامشية والتي لا تملك رؤية سياسية متكاملة ولا تعبر عن قوي اجتماعية محددة ولا يتوافر لها العدد الكافي من الكوادر السياسية ولا تزيد علي كونها تعبيرا عن شلة أو عائلة فإنه لا مستقبل لها خاص
ة بعد أن تم إلغاء الدعم الحكومي لها مما يجعلها غير قادرة علي مواصلة النشاط بإمكاناتها الذاتية.
وتابع عزباوي: "إن المرحلة الانتقالية في مصر ستشهد تطورا إيجابيا لتوافر العوامل المشجعة علي نضج التعددية الحزبية وزيادة عدد الأحزاب القادرة على المنافسة علي تداول السلطة, وإن كان هذا التطور لا يسير بشكل كاف نحو ما نرجوه من تطور ديمقراطي".