قال الكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس، إن الأزمة الدبلوماسية بين السعودية والإمارات وقطر رغم أنها تبدو وكأنها عداء خليجي، إلا أنها سلطت الضوء على المعركة التي كانت تحلق في سماء الشرق الأوسط منذ بداية الربيع العربي قبل سبع سنوات.
ويضيف إغناتيوس في مقال نشرته صحيفة « واشنطن بوست » الأمريكية أن المقاطعة التي أعلنتها السعودية والامارات والبحرين ومصر ضد قطر الشهر الماضي كانت مفاجئة مما دفع أمريكا لاتخاذ جهود وساطة من خلال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون والذي أصر أن الصراع لن يأتي سوى بنتائج سلبية مدمرة لكل الأطراف ويساعد عدوهم المشترك إيران.
ويرى إغناتيوس أن تيلرسون محق في اعتقاده أن هذا النزاع بين الأشقاء يجب حله من خلال التفاوض، مضيفاً أن الادعاء بدعم قطر للإرهاب ضعيف، خاصة بعد توقيع مذكرة مشتركة مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبوع الماضي والتعهد بالانضمام للمعارك المشتركة مع أمريكا لمكافحة الإرهاب، أما مطلب غلق شبكة الجزيرة يعد مرفوض، خاصة وأن الشرق الأوسط في حاجة إلى إعلام حر وليس المزيد من الرقابة.
ويشير الكاتب الأمريكي أن الأزمة الأساسية بالنسبة للسعودية والامارات أنهم يروا أن قطر غير جديرة بالثقة، لكن بالتصعيد الجذري للأزمة، فإن الدولتين وضعا أنفسهما في وضع صعب، كلما طال أمد الصراع، كلما زاد الضرر للعلاقات الخليجية مع واشنطن، ولاستقرار المنطقة، ولأمل تحديث وإصلاح السعودية.
ويضيف إغناتيوس أنه إذا أراد تيلرسون حل هذه الأزمة، فإنه يحتاج إلى معرفة قوة الغضب التى ساهمت في بداية الصراع، ربما بدأ هذا الصراع في 2013 إلا أن جذوره تعود إلى عام 1996 عندما وصلت العائلة القطرية الحالية للحكم على عكس رغبة السعودية، والآن فإن كلا من الامارات والسعودية يشعروا بالغضب تجاه قطر.
ويؤكد إغناتيوس أن هذا التاريخ السري ظهر من خلال وثائق نشرت الأسبوع الماضي عبر شبكة سي ان إن الأمريكية التي حصلت على نسخة مكتوبة بخط اليد لاتفاقية وقعت في نوفمبر 2013 بين ممالك السعودية وقطر والكويت، ركزت على تعهد بعدم التدخل أي دولة في الشؤون الداخلية للدولة الأخرة، بجانب شرط إضافي بعدم زعزعة أياً من الدول الموقعة لاستقرار لليمن بجانب عدم دعم جماعة الإخوان المسلمين.
لذا فإن الاختلاف حول جماعة الإخوان المسلمين هو ما تسبب في هذا الغضب، ترى قطر أن تدخل الجماعة في السياسية سيعمل على انهاء التطرف وليس زيادته، وهو النهج الذي اتبعته إدارة أوباما بالتواصل مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد خلع الرئيس المصري حسني مبارك بجانب دعم الرئيس التركي اردوغان، مؤخراً وجهت العديد من الأطراف النقد للإدارة الأمريكية الراحلة ولسياستها التي وصفوها بالفاشلة.
ويشير الكاتب أن نهج وتحركات أوباما الموالية للإخوان المسلمين تسببت في غضب كلا من السعودية والامارات، وما زاد الشقاق بين أمريكا والخليج في عهد أوباما هو تعميق التفاوض مع إيران بشأن الصفقة النووية وهو ما أدى إلى توتر العلاقات خاصة وأن طهران تعد عدوة لدول الخليج العربي.
وردت دول الخليج على هذه الأحداث بتضييق الخناق على قطر لحماية أنفسهم، جاءت اتفاقية نوفمبر السرية بعد خمسة أشهر من اطاحة الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي من السلطة، وبعد تويع إيران على اطار للاتفاقية النووية.
ووقعت دول الخليج اتفاقية ثانية في نوفمبر 2014 والتي وصفت باتفاقية لإنقاذ الاتفاقية الأولى، وأملت هذه الدول في الضغط على قطر لوقف أنشطتها الإقليمية، يشير اغناتيوس أن البحرين والامارات انضموا لقائمة الموقعين، واضيف شرط أخر وهو الالتزام المشترك لحماية استقرار مصر مما يعني المساعدة في قمع جماعة الإخوان المسلمين.
ويضيف الكاتب أن المسؤولين القطريين أكدوا أنهم التزموا بشرط عدم التدخل الموجود في الاتفاقية، موضحين أن شبكة الجزيرة هي منصة إعلامية تعمل بشكل مستقل، واحتجوا على الاتفاقية الثانية مؤكدين أن أي شكاوى يجب أن توجه لمجلس التعاون الخليجي، بعدها اعترفت السعودية في سرية أنها اتخذت خطوات من جانبها بسبب عدم حصولها على توافق أراء بداخل المجلس بشأن هذه الاتفاقية.
ويشير اغانتيوس أن الأزمة القطرية قد تبدو عاصفة في سماء العالم العربي، إلا أنها تطرح تساؤل هام شغل العالم لعقد كامل بشأن دور الاسلام السياسي في العالم الحديث، ترى الدوحة أن له دور إيجابي، بينما تؤكد الامارات أن المحرضين الاسلامين يعتبروا عدو التسامح والحداثة، فهل يمكن لأمريكا أن تجد أرض مشتركة بين الموقفين؟