قالت مجلة «ذا سليت» الأميركية إنه رغم خبرة الرئيس دونالد ترامب بالأخبار المزيفة؛ إلا أنه خُدع من حلفائه في منطقة الشرق الأوسط بعد أن أكد مسؤولون أميركيون اختراق الإمارات للمواقع الإخبارية القطرية ونشر تصريحات مزيفة نسبت إلى الأمير القطري؛ ما وضع منطقة الخليج في واحدة من أخطر الأزمات الدبلوماسية.
تضيف المجلة في تقريرها أن هذا الاختراق حدث للوكالة الإخبارية القطرية بجانب حسابات تويتر وإنستجرام، التي نشرت تصريحات أشاد فيها الأمير القطري الشيخ تميم بن حمد بإيران معتبرًا أنها قوة هامة لاستقرار المنطقة، ووصف علاقات قطر مع «إسرائيل» بالجيدة، موضحًا أن هناك توترًا في العلاقات بين قطر وأميركا.
بعد نشر هذه التصريحات، ردت السعودية والإمارات بحجب المواقع الإخبارية القطرية؛ من بينها شبكة «الجزيرة». بعد أسبوعين، قرّرت الدولتين مع مصر والبحرين فرض حصار على قطر، وأصدروا قائمة مطالب لها تتضمن قطع علاقاتها مع إيران وحزب الله وغلق شبكة الجزيرة، وغلق القاعدة العسكرية التركية الموجودة على أراضيها، ولا زالت الأزمة مستمرة.
يضيف التقرير أن الموقف الذي اتخذته دول ضد قطر لرغبتهم في اتخاذه منذ وقت؛ على الرغم من أن قطر واحدة ضمن ست دول داخل مجلس التعاون الخليجي بجانب السعودية والإمارات، وشاركت في التحالف المناهض لتنظيم الدولة، كما انضمت إلى التحالف السعودي في اليمن.
رغم موقف قطر؛ إلا أنها سعت أيضًا لتكون لها سياسة خارجية مستقلة، ودعمت جماعة الإخوان المسلمين في دول، بجانب حفاظها على علاقات جيدة من إيران التي تعد عدوة للسعودية.
يلفت التقرير إلى غضب حكومات عربية بسبب تغطية «الجزيرة» ثورات الربيع العربي وانحيازها إليها، بجانب دعم الحكومة القطرية حكم الإخوان المسلمين في مصر؛ لذا يرغب السعوديون بشكل خاص في وضع قطر على مسار أغلبية دول المنطقة نفسه منذ فترة.
وتابع التقرير أنه رغم وجود أزمة منذ سنوات؛ إلا أن التحرك الحالي قد تكون له علاقة بزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسعودية في مايو وأشاد منها بقادة السعودية في مكافحة الإرهاب وحثّ للهجوم على تمويل الإرهاب، كما أنه أعطى تصريحات قوية معادية لقطر.
لفت التقرير إلى أنه رغم احتمالية صحة اتهامات موجهة إلى قطر؛ إلا أن السعودية ليست بريئة تمامًا؛ حيث إنها مولت جماعات متطرفة عبر العالم.
رغم ذلك، تشارك إدارة ترامب الحكومات العربية عدواتها مع طهران وجماعة الإخوان المسلمين؛ لذا بعد زيارته إلى السعودية توقعوا أن قرارهم المناهض لقطر سيكون محل ترحيب في واشنطن، وساعد ذلك لعب الرئيس الأميركي دوره بشكل مثالي، بإعطاء نفسه الفضل في هذه الخطوة، مشيدًا بقرار عزل قطر.
يضيف التقرير أن تناقض السياسة الخارجية الأميركية هو ما يعقّد الأمر؛ ففي الوقت الذي اختار الرئيس الأميركي الانحياز إلى أعداء الدوحة، قرر وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس اتخاذ نهج حيادي.
يمكن أن نرى أن هذه الحيادية جاءت بسبب استضافة الدوحة كبرى قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط. على الرغم من التوتر الأخير؛ إلا أن الجانب «الأميركي القطري» بصدد الانتهاء من صفقة أسلحة بقيمة 12 مليار دولار، وهو ما لا يُرضي أعداء قطر؛ وتسبّب هذا التناقض في تشوش الحكومات العربية بشأن الموقف الأميركي الحالي.
يوضح التقرير أن الانقسام الآن أصبح أعمق بعد اتهام الاستخبارات الأميركية للإمارات بتدبير الاختراق الذي تسبب في اندلاع الأزمة؛ نظرًا لرد الرئيس الأميركي في الماضي على تصريحات وكالات الاستخبارات التي قوّضت تصريحاته العامة. سيكون من المثير للاهتمام رؤية رد البيت الأبيض على الاتهامات الأخيرة.
من المثير للسخرية أن هذا الحصار تسبب في زيادة التعاون بين قطر وإيران وتركيا؛ حيث تحركت الدولتان لنجدة الدوحة وسط الحصار بإرسال شحنات من الطعام وغيرها من أوجه الدعم/ وفق ما ذكر في التقرير.
يؤكد التقرير أن هذه الأزمة يمكن أن تكون دليلًا على بداية ظهور نوع آخر من الحروب الناعمة بين دول المنطقة تتضمن الهجمات الإلكترونية والأخبار المغلوطة، وسياسة التبادل، والعلاقات العامة وحملات الضغط؛ وذلك كوسائل قوة لهذه الدول.
لكن، نظرًا لمراوغة الدعم الأميركي لموقف دول الخليج، إضافة إلى تشبّث قطر حتى الآن؛ لم يتضح بعد مدى جدوى استخدام الكتلة التي تقودها السعودية لهذه الأساليب.