شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

واشنطن بوست: هل تتمكن عمان من لعب دور الوسيط في الأزمة الخليجية؟

السلطان قابوس

قالت أستاذة العلوم السياسية «ستايسي فيلبرك» إنّ سلطنة عمان كانت طرفًا فعّالًا في جهود الوساطة في الأزمة الخليجية. ولكن، هل ستستمر في الحياد وألّا تنحاز إلى أيّ طرف؟

تضيف «ستايسي»، في تحليلها لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أن دور عمان في حرب اليمن يعطي مؤشرات يمكن منها توقّع إمكانياتها كطرف وسيط لحل النزاع الخليجي، موضحة أنه في الوقت الذي استفادت فيه عمان من عزل قطر السياسي والاقتصادي؛ فإنّ قدرتها على الاستمرار في الاستفادة من هذه الفرص لا يمكن التفكير فيها بمعزل عن جهودها المستمرة كوسيط سلام.

تاريخ عمان الفريد من الحيادية

وتوضح «ستايسي» أن العمانيين الذين أجرت معهم لقاءات من أجل بحثها سارعوا إلى وصف سياسة دولتهم الحيادية في الشأن السياسي على أنها طويلة الأجل؛ فعبر تاريخ الخليج العربي يتضح أن أميركا وإيران وعمان عملوا كقنوات خفية من أجل الاتفاقيات الإقليمية، سواء كانت صغرى أو كبرى.

تضيف أستاذة العلوم السياسية أن العمانيين صوّروا سياسة دولتهم الخارجية بأنها مسالمة. ولكن، كما يتضح من تاريخ تحركات السلطنة السابقة؛ فإنها ليست مجرد استراتيجية سلبية.

منذ سنتين، عند بداية حرب اليمن، تفاوضت عمان لإطلاق سراح الرهائن، كما تعاونت مع إيران وساعدت على إجلاء الدبلوماسيين الأميركيين، بجانب استضافتها محادثات سلام.

القيام بدور الأمم المتحدة

بعد توقف محادثات السلام اليمنية التي كانت ترعاها الأمم المتحدة، يبدو أن عمان لديها اختيارات افتقدتها الأمم المتحدة، وظهرت مرونة السلطة في استعدادها لاستضافة مختلف الفصائل اليمنية في مسقط؛ خاصة ممثلي الحوثيين وحلفائهم، بجانب علي عبدالله صالح، كما أرسلت ممثلين عنها إلى الرياض للقاء رئيس الحكومة اليمنية المعترف به دوليًا عبد ربه منصور هادي وأعضاء التحالف الذي يدعمه.

وتقول «ستايسي» إنّ موقف عمان يوضح أن لديها شعورًا قويًا فيما يخص الحرب وتكلفتها، سواء للمقاتلين أو المدنيين، وخطرها على المنطقة.

فيما يرى منتقدو اتفاقيات عمان مع الحوثيين وداعميهم من إيران أن علاقتها مع الدولة الشيعية تعدت الحيادية؛ ما جعل أعضاء في التحالف السعودي إلى محاولة الضغط على عمان لاتّباع نهج أعضاء مجلس التعاون الخليجي.

وقالت تقارير إنّ دبلوماسيين عمانيين أكّدوا أنهم غير نادمين لتجنبهم التدخل العسكري مع التحالف في 2015، ورغم إنكار السعودية مسؤوليتها؛ إلا أن منزل السفير العماني في صنعاء تعرّض إلى هجمة قوية على أيدي السعوديين فيما وصفه الدبلوماسيون العمانيون برسالة مباشرة للسلطنة.

وترى «ستايسي» أن عمان تمكّنت من الحفاظ على الحيادية فقط في الاعتبارات الإنسانية، في الوقت الذي أرسلت فيه الدولة مساعدات رسمية وسرية وسمحت بعلاج المصابين في مستشفيات صنعاء؛ إلا أنها أحكمت السيطرة على حدودها وقيّدت تحرّك الأشخاص والبضائع، ويعكس هذا التحرّك قلق عمان بشأن الصراع والتطوّرات في اليمن.

مخاوف من تحركات القوى الإقليمية

من بين مخاوف عمان تزايد دور الإمارات في الأجزاء الجنوبية من اليمن، بجانب دعمها المحتمل للانفصاليين الجنوبيين ضد حكومة هادي والسعوديين، إضافة إلى القلق بسبب تطوير الإمارات قاعدة عسكرية في اليمن بالقرب من خليج عدن، وأزمة القوات الإماراتية والسعودية بسبب التطورات في عدن.

تلفت «ستايسي» إلى أنّ عمانيين فسّروا سعي الإمارات للاستحواذ على الأراضي والنفوذ في الجنوب أنها ضمن الجهود لتحدي تنمية مشروع ميناء عماني في الدقم تموله الصين. وبشكل أعم، تحاول الإمارات التطويق الاستراتيجي للسلطنة.

الحياد والنعمة الاقتصادية

يعتمد الاقتصاد الخليجي بشكل كبير على النقل؛ لذا فإن التحرك الإماراتي في جنوب اليمن وتهديده لعمان ليس مفاجئًا، ولكن الأزمة القطرية كانت نعمة اقتصادية لموانئ عمان، التي رحبت بشحن قطر لبضائعها عبر موانئها وغيّرت من الطرق الجوية؛ حيث أعادت توجيه رحلاتها للمجال الجوي العماني، وتشكّل رحلات الخطوط الجوية القطرية أكثر من 30% من عوائد السفر في الخليج.

وتلفت «ستايسي» إلى أن شركة الطيران التي تملكها الدولة القطرية تعتمد الآن بشكل كبير على عمان لاستعادة بعض من هذه العوائد، وهو ما يقدّم لعمان عائدًا للحيادية التي أظهرتها؛ وهو العائد الذي لن تحصل عليه من التدخل في الوضع اليمني.

وترى المحللة السياسية أن هذه الاعتبارات الاقتصادية تعتبر ضخمة في ظل العجز المالي في ميزانية عمان، التي وصلت إلى 21%، موضحة أن اقتصاديين وصفوا عزل قطر بالبطانة الفضية لعمان؛ نظرًا إلى أن التنويع الاقتصادي انعكس بالفعل على السلطنة، حيث تولّد صادرات نفط بنسبة 80% من الإيرادات الحكومية حتى بعد هبوط الأسعار، بجانب توسيع المرور الجوي والبحري؛ وهو ما يعطي شريان الحياة للدولة.

دوام الحيادية العمانية

ترى «ستايسي» أن حياد عمان العسكري في اليمن والاقتصادي والدبلوماسي في قطر لن يستمر طويلًا، رغم الفوائد الكبرى؛ نظرًا لوضع عمان الاقتصادي الضعيف، إذ يمكن للسعودية والإمارات محاولات الضغط عليها للتخلي عن قطر عبر التهديد بعزلها اقتصاديًا.

وتعتبر الحيادية في الوضع اليمني أكثر أهمية لاستقرار عمان وأمنها، ولحماية حيادها في اليمن؛ فيجب عليها إنهاء دورها سريعًا ومحاولة التهدئة في قطر.

رغم أنه تحرك غير متوقع؛ إلا أن قرار عمان الأسبوع الماضي بإعادة الالتزام بشأن العلاقات الثنائية مع إيران يمكنه أن يبقي السعودية والإمارات في الخليج بما فيه الكفاية للتفاوض على اتفاقية تسمح لعمان بالتركيز على اليمن.

في الوقت الذي رأت فيه الإدارة الأميركية أن عمان لا يجب الوثوق فيها؛ إلا أنّ هذا التفاعل الدبلوماسي في واشنطن هذا الأسبوع يوضّح أن بإمكانها مرة أخرى لعب دورها كوسيط إقليمي.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023