شبكة رصد الإخبارية

لهذه الأسباب «قابوس» الأقدر على حل أزمة الخليج

السلطان قابوس

‏لا تزال سلطنة عُمان، بقيادة السلطان قابوس، الدولة العربية الوحيدة التي تلعب دور الحياد في معظم الأزمات التي تتعلق بالمنطقة؛ ولعل علاقتها بإيران ودول الخليج العربي خير دليل على قدرتها في ألا تخسر أيّ طرف.

كانت عمان من بين ثلاث دول عربية تضم السودان والصومال لم تقطع علاقاتها مع مصر بعد معاهدة كامب ديفيد للسلام مع «إسرائيل»، وفقًا لقرارات قمة بغداد في نوفمبر 1978 التي نقلت أيضًا مقر الجامعة العربية وعلّقت عضوية مصر.

كما لم تقطع عُمان علاقتها مع إيران أثناء الحرب العراقية الإيرانية، التي ساندت فيها دول الخليج العراق بقوة.

مفاوضات 5+1

لعبت عُمان دور الوسيط المؤتمن في جهود حلّ الصراعات، وكانت مكانًا مفضلًا للتفاوض يتسم بالفاعلية والكتمان، وظهر هذا واضحًا في المفاوضات النووية التي أجرتها الدول الكبرى مع إيران حتى تندّر البعض قائلًا إنها ليست مفاوضات «5+1»؛ فهل يمكن بإضافة عُمان إليها أن تصبح «6+1»؟

الوساطة في أزمة قطر

وفي الأزمة القطرية، نشطت «مسقط» في القيام بجهود الوساطة في أزمة مجلس التعاون الخليجي، بحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية.

وتحدّث الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع السلطان قابوس بن سعيد عقب زيارة وزير الدولة العُماني للشؤون الخارجية إلى واشنطن.

تساءلت الصحيفة في تقرير لها: هل يمكن لعمان أن تواصل تجنب الانحياز في هذا الصراع؟ وهل سيسمح حيادها في التحكيم بفاعلية؟

ويقدم دور عُمان في الحرب اليمنية نظرة مقربة على إمكاناتها للتوسط في أزمة قطر.

ويقول كاتب التقرير إنه أثناء بحثه الأخير في عُمان كان من الواضح أنه في حين استفادت البلاد من العزلة الاقتصادية والسياسية لقطر، فإن قدرة عمان على متابعة هذه الفرص بشكل كامل لا يمكن اعتبارها بمعزل عن جهودها المستمرة للتوسط في السلام في اليمن، ولا عن البيئة الاقتصادية المحلية.

ورحّبت سلطنة عمان بالنقل البحري القطري عبر موانئها، وأعادت توجيه الملاحة الجوية إلى قطر من مطاراتها ومجالها الجوي بمساعدة الطيران العماني.

تاريخ من الحياد السياسي

يضيف الكاتب: «لقد سارع العُمانيون الذين أجريتُ معهم المقابلات أثناء بحثي إلى وصف سياستهم المتعلقة بالحياد السياسي على أنها طويلة الأجل وأساسية. ومع تاريخها الموثق كوسيط بين دول الخليج العربي، وإيران والولايات المتحدة، عملت عُمان كقناة خلفية للاتفاقات الإقليمية الكبرى والصغرى».

ويتابع قائلًا: «بشكل عام، فإن العُمانيين الذين تكلمت معهم صوّروا سياستهم الخارجية على أنها غير عدوانية؛ لكنّ الواضح من أداء عُمان السابق أن هذه ليست مجرد استراتيجية سلبية. فمنذ بدء الحرب في اليمن قبل عامين تفاوضت عمان على إطلاق سراح الرهائن، وكان هذا بمثابة تعاون مع إيران، وساعدت على إجلاء الدبلوماسيين الأميركيين واستضافت محادثات السلام».

ما هو الحياد؟

يقول منتقدو تعاملات عمان مع الحوثيين ومؤيديهم الإيرانيين إن علاقاتها الثنائية مع طهران تمتد إلى أبعد من الحياد. وكان أعضاء الائتلاف العسكري الذي تقوده السعودية، وخصوصًا الرياض ذاتها، وضعوا ضغوطًا هائلة على عمان لتتفق مع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.

وفي المقابل، عبَّر دبلوماسيون عمانيون عن صدمتهم من قرار التحالف التدخل عسكريًا في 2015، وأعربوا عن مسرّتهم لتجنب الانضمام إليه.

ويقول كاتب التقرير إن دبلوماسيًا عمانيًا وصف له الضربة الجوية السعودية التي تعرّض إليها مقر السفير العماني في صنعاء بأنها «يمكن تصوّرها على أنها رسالة مباشرة»؛ على الرغم من أن السعودية نفت مسؤوليتها.

sultan qaboos

وبحسب التقرير، «لم تحافظ عمان على حيادها في اليمن فقط من أجل الاعتبارات الإنسانية. وبينما ترسل المساعدات الرسمية والخاصة وتسمح بمعالجة الأشخاص الذين أُجلوا في مستشفيات مسقط، تؤمّن الحدود التي يبلغ طولها 179 ميلًا بطرق تحدّ من حركة الأشخاص والبضائع. ويعكس ذلك قلق عمان من الآثار الجانبية للنزاع، إضافة إلى حذرها من كيفية إعادة المواءمة الإقليمية في اليمن».

وسواء أكان رجل أعمال يتنقل في رحلته الأسبوعية بين مكاتب شركته في دبي والدوحة، أو الحجاج العائدون من السعودية عبر مركز الدوحة العالمي؛ تحصل الخطوط الجوية القطرية على ما يقدّر بنحو 30% من عائداتها من الرحلات الجوية في الخليج. وتعتمد الشركة المملوكة للدولة الآن إلى حد كبير على سلطنة عُمان للاحتفاظ -على الأقل- ببعض هذه الإيرادات؛ ما يعطي عمان عائدًا على حيادها لا يمكن أن يتحقق في حالة اليمن.

وتعتبر هذه الاعتبارات الاقتصادية هامة في ضوء العجز الحالي في ميزانية عمان، الذي يقدّر بنسبة 21%. بل أكثر من ذلك، ذكرت صحيفة الإيكونوميست، متحدثة عن عزلة قطر، أن مصائب الدوحة قد تكون فوائد لسلطنة عمان؛ بالنظر إلى أن التنويع الاقتصادي انعكس فعلًا على السلطنة؛ فصادرات النفط تشكّل 80% من الإيرادات الحكومية الهائلة حتى مع انخفاض أسعاره.

ويتيح توسيع حركة المرور البحري والجوي والشراكات مع مؤسسات الدولة العمانية إمكانية خلق شريان جديد للحياة.

وفي حين افترض البعض أن إدارة ترامب لا تثق في عمان، فإن الاتفاق الدبلوماسي الذي جرى هذا الأسبوع في واشنطن قد يوحي بأن عُمان مستعدة لأداء دورها الذي أُعد له جيدًا مرة أخرى كوسيط إقليمي.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023