إنّ «التقارير التي تفيد بأن محمد بن نايف ممنوع من السفر وأنه رهن الإقامة الجبرية، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، هي من عجائب الأقدار؛ نظرًا لدوره في فرض قيود تعسفية مماثلة على آلاف السعوديين».
هكذا تحدثت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، عن وضع ولي العهد السعودي السابق؛ داعية حكومة المملكة إلى وقف استغلال المسؤولين للسلطة بشكل تعسفي.
أين «بن نايف»؟
وعبر رسالة وجهتها المنظمة الحقوقية اليوم إلى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، طالبت سلطات المملكة بالكشف عن مصير ولي العهد السابق محمد بن نايف وأن توضّح فورًا مصير حريته أو فرض قيود عليه وعلى حرية تنقله داخل السعودية، وما إن كان ممنوعًا من السفر؛ وإذا كان الأمر كذلك فلتوضح الأساس القانوني لهذه القيود.
ونقلت المنظمة عن صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير نشر في 28 يونيو الماضي عن مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين قولهم إنه بعدما نصّب الملك سلمان نجله محمد بن سلمان ولي عهد في 21 يونيو أخضعت السلطات محمد بن نايف إلى الإقامة الجبرية ومنعته من السفر، بعدما عاد إلى قصره في جدة ويجد أن السلطات استبدلت حُرّاسه بآخرين موالين لولي العهد الجديد.
ونقلت أيضًا، قول مسؤول أميركي سابق عن تقارير بأنّ «بن نايف» رهن الإقامة الجبرية في قصره، وقال مسؤول آخر إنه ممنوع من مغادرة البلاد.
تاريخ من القيود
وقالت المنظمة إنّ وزارة الداخلية السعودية كثيرًا ما خرقت قوانين المملكة بفرض الحظر على السفر، إضافة إلى الحكم القضائي الذي يمكّن وزير الداخلية فرض حظر «لأسباب أمنية محددة ولمدة معلومة»، وعليه تبليغ من يقع عليهم الحظر بالقرار في غضون أسبوع من صدوره.
وأظهر تحقيق «هيومن رايتس ووتش» أن عديدين من الممنوعين من السفر اكتشفوا هذا المنع في المطارات وعند عبور الحدود البرية وفي إدارات جوازات السفر، بعد مرور شهور أو سنوات على صدور قرار الحظر بحقهم. وفي حالات، لا تبلغ الوزارة من ترد أسماؤهم على لائحة الممنوعين من السفر عن الأسباب التي عرضتهم للحظر.
وحللت المنظمة بيانات نُشرت في 15 مايو 2014 وأظهرت وجود 2766 معتقلًا؛ من بينهم 293 احتُجزوا -على ما يبدو- لأكثر من ستة أشهر قبل المحاكمة دون أن يحيل مسؤولو القضاء الجنائي ملفاتهم إلى المحكمة. وبدا أن 16 من الـ293 معتقلًا أوقفوا لأكثر من سنتين دون أن تُحال ملفاتهم إلى المحكمة، واحتجزت السلطات أحدهم قبل المحاكمة لأكثر من عشر سنوات.
كما أن هناك قرابة 700 آخرين تقدّمت قضاياهم في نظام المحاكم السعودي على مدى زمني طويل وغير منطقي؛ بدا من بينهم أنّ 177 -على الأقل- كانوا ينتظرون صدور الحكم منذ أكثر من عشر سنوات.
خرق القوانين والمواثيق
ورغم أن المادة 114 من «نظام الإجراءات الجزائية» السعودي تنص على أنه «يمكن احتجاز الفرد من دون تهمة لمدة لا تتخطى خمسة أيام، تُجددها هيئة التحقيق والادعاء العام، على ألا تتخطى المدة الإجمالية ستة أشهر، وبعدها يحال الموقوف إلى المحكمة المختصة أو الإفراج عنه»؛ أظهرت بياناتٌ أنه في 15 مايو 2014 وجد 31 شخصًا محتجزًا «رهن التحقيق» لأكثر من ستة أشهر.
ورغم نصّ المادة 13 من «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» بأنّ «لكلِّ فرد… حقًّا في مغادرة أيّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إليه بلده»، ونصّ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بمنع الدول من تقييد حق أي شخص بمغادرة البلاد باستثناء الحالات المنصوص عليها في القانون، التي تعتبر «ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم».
قالت «هيومن رايتس ووتش» إنّها وثّقت استخدام المملكة المفرط لحظر السفر التعسفي واحتجاز مواطنين سعوديين على مرّ السنين؛ بما في ذلك أثناء ولاية بن نايف وزيرًا للداخلية، وعملت الوزارة بقيادته على تخويف السعوديين الذين عبّروا عن وجهات نظرهم في السياسة والدين والمجتمع المتعارضة مع الخطاب المفروض من الدولة وضايقتهم مرارًا واحتجزتهم تعسفًا ومنعتهم من السفر.