اعتبرت صحيفة «بيزنس إنسايدر» الأميركية أن الانتصار في العراق على تنظيم الدولة لا يعد نصرًا كبيرًا، موضحة أنه بالنظر إلى المدينة المدمرة عبر الصور نجد أن أمامها كثيرًا من الوقت للعودة إلى مسارها الطبيعي قبل احتلال التنظيم لها.
وتضيف الصحيفة أن هناك ما هو أكثر تعقيدًا اتضح من التقارير التي أفادت بأن قوات التحالف بقيادة أميركا مسؤولة عن مئات القتلى بسبب الهجمات الجوية غير المدروسة، ومنذ إعلان الانتصار انتشرت فيديوهات أثارت القلق؛ إذ أظهرت القوات العراقية الحليفة لأميركا أثناء تعذيبها وقتلها رجالًا أُسروا يُعتقد أنهم تابعون لتنظيم الدولة.
وتؤكد الصحيفة أن هذا التصرّف يُعد قتلًا خارج إطار القانون، في حالة أن هؤلاء الرجال تابعون بالفعل لتنظيم الدولة. ولكن، في حالة أنهم لا ينتمون إلى التنظيم واعتقلوا عشوائيًا، أو وجدوا في المكان نفسه عن طريق الصدفة؛ فهذا يعني أننا أمام جريمة قتل ارتكبها جنود درّبتهم القوات الأميركية وقدمت لهم الأسلحة والدعم.
وترى الصحيفة أن هذه الحالات توضّح الافتراض الخاطئ للبساطة التي يرى بها الجيش الأميركي التدخل عسكريًا في الشرق الأوسط؛ فالوضع الحالي ليس تدخلًا عسكريًا من أجل محاربة الإرهاب بشكل مباشر، ولا تقوم أميركا بهجمات جوية للتخلص من مصادر العنف والاضطراب وتكسب قلوب المواطنين وعقولهم. رغم أن هذه القصة يمكن استخدامها سياسيًا؛ فإنها ليست واقعية.
وصفت الصحيفةُ السياسةَ الخارجيةَ الأميركيةَ بفوضى التباين السياسي الذي تصحبه عواقب وخيمة على الأشخاص الأبرياء؛ إذ قررت أميركا الدفاع عما ترى أنه مصالحها الوطنية في مقابل تدخلات متهورة في شؤون دول أخرى في العالم، واتحدت مع مقاتلين مشكوك فيهم وسلّحتهم، بجانب تخليها عن قيم الحرية للأفراد ودفعت مليارات الدولارات في حروب لم تأتِ بأيّ جديد.
وتضيف الصحيفة أن الحكومات الأميركية أمضت ما يقرب من عقد ونصف تتعامل بالحلول العسكرية لمشاكل سياسية حساسة وهي في الأساس لا تخص سيادتها؛ وفي حالة رغبتها في التدخل كان يجب أن تفعل ذلك دبلوماسيًا أو عن طريق المساعدات، وليس عسكريًا كما تفعل؛ وهو ما كان سببًا في الفشل الاستراتيجي.
وشدّدت الصحيفة على أنه يجب الآن الضغط لتغيير السياسة الخارجية وجعلها تتركز على رؤية استراتيجية جديدة تتميز بضبط النفس والإنسانية، مضيفة أنه في حالة أن أفضل جهود لأقوى جيش في العالم وأغلاه فشل في تحقيق أيّ نجاح صغير في الشرق الأوسط بعد 16 عامًا من التدخل العسكري فمن المؤكد أن النهج كان خاطئًا، وكان يجب التحرك بشكل مختلف.
كما ترى الصحيفة أنّ الحل يكمن في توقّف واشنطن عن الاعتقاد بأنه يجب التحرك عسكريًا لحل المشاكل؛ لأنّ ذلك يؤدي إلى صراع ذي أطراف عدة، وحروب أهلية إقليمية لا تساهم في حل أي أزمة؛ خاصة أن دول الشرق الأوسط وحدها التي يمكنها تهدئه أزماتها. لذا؛ يجب على أميركا التوقف عن محاولة أخذ دور المنقذ، وهو ما يؤدي بالمنطقة إلى مزيد من الاضطراب.